رفعت الأسد يتغيب عن محاكمته بفرنسا بـ"إثراء غير مشروع"

رفعت الأسد يتغيب عن محاكمته أمام القضاء الفرنسي بـ"إثراء غير مشروع"

09 ديسمبر 2019
رفعت الأسد يُقيم في أوروبا منذ 1984 (تويتر)
+ الخط -
بدأت، اليوم الإثنين، في العاصمة الفرنسية باريس، المحاكمة الثانية لرفعت الأسد، عمّ رئيس النظام السوري بشار الأسد، في قضية "إثراء غير مشروع" للاشتباه بأنه بنى عن طريق الاحتيال إمبراطورية عقارية في باريس تُقدر قيمتها بتسعين مليون يورو، إلا أنه غاب عن محاكمته، وذلك لأسباب صحية.

رفعت الأسد، البالغ 82 سنة، الذي يُقيم في أوروبا منذ 1984، متهم بـ"تبييض أموال في إطار عصابة منظّمة" للاحتيال الضريبي المشدد واختلاس أموال عامة سورية بين عامي 1984 و2016، وهي اتهامات يرفضها كلها.
ويعيش رفعت الأسد ما بين فرنسا وبريطانيا وسويسرا وإسبانيا، وقد راكَم في هذه الأخيرة ثروة عقارية تصل إلى 800 مليون يورو، بينما تُقدَّر ثروته في فرنسا بنحو 90 مليون يورو، وهي عبارة عن قصرين وما يقرب من 40 شقة في أحياء راقية من العاصمة، إضافة إلى مزرعة خيول في منطقة فال دْواز، كما أنه يمتلك مكاتبَ في مدينة ليون.
وتعتبر هذه المحاكمة بداية لفترة طويلة من الإفلات من العِقاب والمحاسبة، والتي كان يستفيد منها مسؤولون سوريون، حاليون وقدامى، وعلى رأسهم عائلة الأسد.
وتتم محاكمة رفعت الأسد، في الغرفة الجنائية 32 في باريس، والتي تأسست في يناير/ كانون الثاني 2015، ويتابع فيها بسبب الطابع غير المشروع لتحصيل ثروته، والتهم الموجهة إليه في هذا الإطار متعددة، وهي "اختلاس أموال عامة سورية"، و"التهرب الضريبي" و"العمل غير المشروع في فرنسا"، وأيضا "تبيض أموال في إطار عصابة منظَّمَة".
وليس سراً على أحد أن القضاء الفرنسي بطيءٌ للغاية، إذ إن الإجراءات القضائية بدأت سنة 2013، بعد شكاوى جمعيتي "شيربا" و"ترانسبيرانسي إنترناشيونال- فرنسا" اللتين تكافحان الفساد. وقد فُتح هذا الملف من طرف النيابة الوطنية المالية، وقد ترتَّب عن التحقيق الأولي توجيه الاتهام إلى رفعت الأسد في يونيو/ حزيران 2016، من قبل القاضي رونو فان ريومبيك.
كما تجدر الإشارة إلى أن جمعية ثالثة، وهي "تريال إنترناشيونال"، المهتمة بملاحقة حالات الإفلات من العقاب، تقدّمت سنة 2013 بشكوى ضد رفعت الأسد بسبب دوره الرئيس في مجزرة حماة 1982، وبالرغم من أنه لا يُحاكَم، هذه المرة، بسبب هذه الجرائم، إلا أن الجمعية عبّرت عن الارتياح لأن رفعت الأسد، أخيرا، لم يَعُد ذلك الشخص "الذي لا يُمسّ".
وبالرغم من أن كثيرين من ضحايا رفعت الأسد كانوا يأملون أن تشمل المحاكمة دوره الرئيس في "سرايا الدفاع" التي كان يقودها، في مجازر فبراير/ شباط 1982، التي أودت بحياة ما بين 10 آلاف و30 ألف شخص، إلا أن التهم التي يحاكَم بسببها تكشف العلاقات ما بين دوره في هرم السلطة السورية ودرجة الثراء الفاحش، التي يعيش فيها. وإن كانت استراتيجية رفعت الأسد ودفاعه يرتكزان على أن مصدَرَ ثروته من مساعدة مالية "مستمرة وهائلة" كان يمنحها له العاهل السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، منذ أن كان ولياً للعهد، وذلك منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى وفاته عام 2015.

وتمثل هذه المحاكمة في حد ذاتها حرجاً بالغاً للحكومة الفرنسية، التي كما يقول السفير الفرنسي السابق في دمشق، ميشيل دوكلو، لصحيفة "لوجورنال دي ديمانش": "أغلقت فرنسا عينيها على ما فعله رفعت الأسد في الماضي"، وهو ما يعني في نظره أن محاكمة رفعت الأسد، تفضح العلاقات ما بينه والسلطات الفرنسية، خلال عقود، إذ إن هذه الأخيرة أظهرت "تسامُحاً استثنائياً تجاه هذا الشخص".
ولا شك في أن القضية السورية والبطش الذي مارسه بشار الأسد ونظامه لقمع الثورة السورية، العنيف والمتواصل، سيُخيّمان على أجواء هذه المحاكمة غير العادية.