حراك دبلوماسي يؤكد انزعاج الأوروبيين من اتفاق أنقرة وطرابلس

ليبيا... حراك دبلوماسي يؤكد انزعاج الأوروبيين من اتفاق أنقرة وطرابلس

29 ديسمبر 2019
بروكسل تستضيف غدا اجتماعا بشأن ليبيا (Getty)
+ الخط -
تستعد العاصمة البلجيكية بروكسل لاستضافة اجتماع رفيع المستوى لمسؤولي وزارات خارجية إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا غدا الاثنين، لمناقشة مستجدات الوضع في ليبيا والخروج برؤية موحدة تحفظ مصالحها.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن الاجتماع سيمهد لزيارة مرتقبة لوفد أوروبي رفيع المستوى لطرابلس برئاسة الممثل السامي للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل.
وكانت وزارة خارجية حكومة الوفاق قالت إن بوريل أجرى اتصالا مع وزير الخارجية بالحكومة، محمد سيالة، مؤكدا عزمه زيارة طرابلس، في السابع من الشهر المقبل، برفقة وزراء خارجية دول إيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وذلك للتباحث مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لمستجدات الأوضاع في ليبيا.
وعن محاور وموضوع المهمة الأوروبية، أكد مصدر حكومي رفيع في طرابلس أن الوفد الأوروبي سيعمل قصارى جهده لعرقلة التقارب بين الحكومة وتركيا، مشيرا إلى أن بوريل أظهر، في حديثه مع سيالة، انزعاجا واضحا إزاء هذا التقارب التركي الليبي، وحذر من مغبة موافقة الحكومة على استقبال قوات تركية.
ويؤكد المصدر الذي تحدث لــ"العربي الجديد" أن الحكومة مستعدة للتعامل مع أوراق ضغط جديدة تسعى المهمة الأوروبية الجديدة من خلالها إلى التشويش على تحالفها الجديد مع تركيا وتجميد الأوضاع في ليبيا، في محاولة لإعادة الملف الليبي لبرلين.
وفيما يخص اجتماع بروكسل غدا، فإنه سيتم بين وزراء خارجية دول تختلف بشكل كبير في رؤيتها للأزمة الليبية، سيما الايطاليين والفرنسيين، وطالما كانت تلك الخلافات سببا في تأخر انعقاد قمة برلين من أجل صياغة حل لأزمة البلاد. 
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، خليفة الحداد، أن الأوروبيين باتوا يستشعرون عودة الحكومة بقوة للساحة الدولية، وأنها تمكنت من فرض نفسها، موضحا في حديث لــ "العربي الجديد" أن تلك الدول الأربع تلجأ إلى طرابلس للتشويش على الاتفاق التركي مع ليبيا. 
وبعد إعلان خارجية حكومة الوفاق عن موعد زيارة الوفد الأوروبي لطرابلس بيوم واحد، نشرت الوزارة، يوم أمس، نص رسالة محمد سيالة لرئيس مجلس الأمن الدولي دعاه فيها إلى "التحرك ضد العجز الواضح أمام جرائم حفتر ضد المدنيين وتدميره المنشآت العامة في البلاد"، كما عدد جرائم جديدة لحفتر أثناء طلبه من مجلس الأمن الإيعاز لمحكمة الجنايات الدولية لاتخاذ إجراءات للتحقيق مع حفتر". 
ويتوافق موعد زيارة الوفد الأوروبي لطرابلس، بحسب إعلان وزارة خارجية حكومة الوفاق، في السابع من الشهر المقبل مع موعد انعقاد البرلمان التركي للتصويت على قرار إرسال قوات عسكرية لليبيا. 

أوراق الضغط الأوروبية 

وعن أوراق الضغط التي يعد لها الأوروبيون، يرجح الحداد أن تكون إحداها التلويح بالاستجابة لمطالب مجلس النواب المجتمع في طبرق بشأن سحب الاعتراف بالحكومة، خصوصا وأن روما وباريس وجهتا دعوة لرئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بعد قبرص واليونان.
وأقرب سيناريو، بحسب المحلل السياسي سعيد الجواشي، سيعتمده الأوروبيون هو "وقف إطلاق النار لإنقاذ الموقف في اللحظات الأخيرة وقطع الطريق أمام السعي التركي لإرسال قوات إلى ليبيا"، مضيفا أن "الأوروبيين سيحملون معهم عدة مقترحات تتضمن تنازلات من قبل الاطراف الداعمة لحفتر، سيما وأن من بين أعضاء الوفد الأوروبي وزير خارجية فرنسا، الدولة القريبة من حفتر".
وفيما تحدثت عدة تقارير دولية عن إمكانية وجود ضوء أخضر أميركي لتركيا دفعها لعقد تحالف مع حكومة الوفاق، وربما يدل عليه الصمت الأميركي، يرى الجواشي، أن الانزعاج الأوروبي لا يتوقف عند رغبة تركيا في التدخل في ليبيا، بل أيضا من التوغل الروسي في البلد.

ويضيف الجواشي أن أمام الأوروبيين علاقة معقدة أنتجها الاتفاق الموقع بين أنقرة وطرابلس. وفيما يخص واشنطن، يرى الجواشي أنها منزعجة جدا من الوجود الروسي في ليبيا، وتشجع تركيا على التواجد إلى جانب الحكومة لموازنة القوى. 
ومع غياب واضح لدول المحور العربي الداعم لحفتر، وتحديدا مسؤولي أبوظبي والرياض، تبدو القاهرة أكثر حراكا فالاتصالات التي لم يتوقف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن إجرائها مع كبار قادة الدول تعكس تخوفا مصريا حقيقيا من اقتراب خطر تركي يهدد مصالحها عن قرب. 
ويرى الجواشي أن كافة الأطراف تلوح باستخدام القوة، لكنها تحجم عن ذلك، مشيرا إلى أن "الجميع ما يزالون  يجسون النبض". 

دلالات