عبدالمهدي: لسنا متشبثين بالسلطة... والأمن العراقي في "وضع دفاعي"

رغم تصاعد عدد الضحايا والاعتقالات... عبد المهدي: لسنا متشبثين بالسلطة

05 نوفمبر 2019
عبدالمهدي دافع عن أداء قوات الأمن (أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -
 

بالتزامن مع تقارير حقوقية وطبية عراقية تشير إلى ارتفاع عدد الضحايا العراقيين من المتظاهرين إلى 270 قتيلاً، وأكثر من 12 ألف مصاب، قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في حديث مسجل بثته القناة الرسمية العراقية، إنه غير متشبث بالسلطة، معتبراً قوات الأمن "في وضع دفاعي"، وأن دولاً أخرى تستخدم أقسى مما يستخدم في العراق اليوم.

حديث عبد المهدي، الذي جاء خلال لقاء مع مسؤولين محليين وأمنيين في مقر الحكومة، يأتي مع استمرار انقطاع الإنترنت في عموم مدن البلاد، عدا إقليم كردستان، ومع تسجيل سقوط ضحايا جدد في بغداد والبصرة وذي قار، بينهم شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة في البصرة.

وذكر عبد المهدي أنه يقرّ بشرعية التظاهرات، وأن "جميع المطالب مشروعة، لكن هناك جهات تتخذ هذه المظاهرات كدرع بشري للتخريب"، نافياً استخدام قوات الأمن الرصاص الحي في تفريق المتظاهرين.

وأضاف: "التظاهرات كشفت لنا وجود خلل في النظام السياسي وبنود الدستور، ولكن هناك وسائل عديدة للمطالبة بالحقوق غير الإضراب"، معتبراً أن "التراكمات كبيرة في العراق ونسعى لتوفير الحلول"، مستدركاً بالقول "لكن لا شرعية لتعطيل عدد قليل لمصالح الملايين"، في إشارة منه إلى التظاهرات وقطع الطرق.

وحول طلبات استقالته، قال: "أسهل شيء عندي الاستقالة، لكن إذا استقالت الحكومة بلا بديل لها ستتحول لتصريف أعمال، ولا فائدة من ذلك، فالقوانين والمشاريع والاتفاقيات كلها ستتعطل"، مشدداً بالقول: "لا يوجد لدينا تشبث بالسلطة ولا بأي من الوزراء في الحكومة"، مدافعاً عن قوات الأمن بأنها "في وضع دفاعي"، وأن "دولاً أخرى تستخدم أقسى مما نستخدمه اليوم من وسائل".

كذلك حذّر رئيس الوزراء العراقي مما سماه "فراغاً سياسياً"، معتبراً أن المظاهرات الحالية في العراق "جاءت نتيجة الأخطاء المتراكمة منذ 2003". 

واعتبر رئيس الحكومة العراقية أنه "لا يمكن القبول بالإضراب الوظيفي"، مشيراً إلى إلحاق الضرر بالبلد في حال تطبيق الإضراب. 

وأضاف أن "المئات من الشركات تحجم عن المجيء إلى العراق، بسبب الأوضاع الحالية"، لافتاً إلى أن "العراق لا يمكن أن يحقق الإصلاح بالتجاوز على القانون". 

وأشار إلى أن العراق مطالب بتسديد ديونه الخارجية، مبيناً أنه "لا يمكن اللجوء للاستدانة مرة أخرى في حال تعطل قطاع النفط"، ولفت إلى أنه "لا بد من إقرار موازنة 2020 سريعاً، لمنع تعطل موارد القطاعات العامة".

وأشار إلى أن من وصفهم بـ"المخربين يرتدون ملابس عسكرية لدفع القوات الأمنية للاشتباك مع المتظاهرين"، محذراً من أن "ترك البلد من دون إدارة مباشرة يدخل البلد في دوامة خطرة".

وحول الحديث الجديد لرئيس الوزراء العراقي، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني إنه "يخشى أن يكون رئيس الوزراء منفصلاً عن الواقع وما يجري على الأرض في العراق اليوم".

وأضاف الحمداني، لـ"العربي الجديد"، أن "تصريحات رئيس الوزراء من حيث تجاهله للضحايا العراقيين والانتهاكات الخطيرة وقطعه الإنترنت وفرضه حظر التجوال على البلاد وعزله لأربعين مليون نسمة، كلها لم يتطرق لها، لكنه تطرق إلى أن الامن لا يستخدم العنف كما يستخدم في دول أخرى، وأنه لا يريد ترك المنصب حتى لا يترك فراغاً، وهي حجج واهية وغير حقيقية".

وأكد أنه "كان يتوقع منه الترحم والتأسف على شهداء كربلاء والبصرة وبغداد، لا أن يبرر للأمن، وينفي استخدامهم الرصاص الحي، من دون أن يسأل نفسه هل قتلوا أنفسهم مثلاً حتى يتهموه؟"، متوقعاً أن يسبب الحديث الجديد لعبد المهدي "زيادة زخم التظاهرات في الشوارع والميادين ببغداد وجنوبي البلاد".

انتهاكات جسيمة

وفي سياق متصل، اتهمت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، الثلاثاء، قوات الأمن في البلاد بـ"ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المتظاهرين المناهضين للحكومة".

وجاء ذلك في تقرير أعده مكتب حقوق الإنسان التابع للبعثة.

وأشار التقرير إلى "استمرار وقوع انتهاكات وخروقات جسيمة لحقوق الإنسان، أثناء الموجة الثانية من المظاهرات والتي بدأت في العراق في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".

ووثّق التقرير مقتل 97 شخصاً وإصابة آلاف آخرين خلال الفترة من 25 أكتوبر/ تشرين الأول حتى 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، من جراء "العنف" المرتبط بالمظاهرات.

وذكر أنه "على الرغم من إبداء قوات الأمن العراقية المزيد من ضبط النفس عمّا كانت عليه في احتجاجات أوائل أكتوبر، خاصة في بغداد، إلا أن الاستخدام غير المشروع للأسلحة الفتاكة والأقل فتكاً من جانب قوات الأمن والعناصر المسلحة يستدعي اهتماماً عاجلاً".

ويرجع التقرير الأممي مقتل 16 شخصاً من المحتجين على الأقل، والعديد من الإصابات الجسيمة، إلى إصابة المتظاهرين بعبوات الغاز المسيل للدموع. كذلك يبرز المخاوف المتعلقة بالمساعي المستمرة لكبح التغطية الإعلامية، إلى جانب استمرار حجب وسائل التواصل الاجتماعي في العراق.

ونقل التقرير عن رئيسة البعثة الأممية، جينين هينيس-بلاسخارت، قولها: "يلقي التقرير الضوء على المجالات التي تتطلب إجراءات عاجلة لإيقاف دوامة العنف ويشدد مرة أخرى على حتمية المساءلة".

وأضافت بلاسخارت: "يجب أن ندرك أنه في العصر الرقمي الذي نعيشه انتقلت الحياة اليومية إلى الإنترنت، إذ لا يعطل الإغلاق الشامل للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي طريقة ممارسة الناس لحياتهم وأعمالهم فحسب، بل ينتهك حرية التعبير أيضاً".

من جانبها، قالت دانييل بيل، رئيسة مكتب حقوق الإنسان في "يونامي"، إنه "لا يوجد مبرر لإطلاق قوات الأمن لعبوات الغاز المسيل للدموع، أو تلك التي تطلق الصوت والوميض، بشكل مباشر على المتظاهرين العزل".

إضرام النيران في منازل 3 برلمانيين

من جهة أخرى، أضرم محتجون عراقيون، مساء الثلاثاء، النيران في منازل 3 نواب في البرلمان العراقي، في قضاء الشطرة بمحافظة ذي قار، جنوبي البلاد، حسب مصدر أمني.

وأوضح المصدر، وهو ضابط برتبة ملازم أول، طلب عدم نشر اسمه، لـ"الأناضول"، أن المحتجين أضرموا النيران في منازل النواب ناجي السعيدي عن تحالف "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ومنى الغرابي عن تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، وزينب الخزرجي عن ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي.

رفع حظر التجوال الليلي في بغداد

إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن الجيش قرّر، الثلاثاء، رفع الحظر الليلي المفروض على العاصمة بغداد، موضحة أن القرار اتخذه قائد عمليات بغداد (قائد الجيش في العاصمة) الفريق الركن قيس المحمداوي.

وفرضت قيادة عمليات بغداد حظر التجوال في بغداد بدءاً من منتصف ليل الإثنين/ الثلاثاء من الأسبوع الماضي.

وكان الحظر لست ساعات بدءاً من منتصف الليل ولغاية السادسة صباحاً، وذلك قبل أن يتم تقليص المدة السبت إلى أربع ساعات.

غير أن المتظاهرين المناهضين للحكومة، ولا سيما المعتصمين في ساحة التحرير وسط بغداد، تحدوا الحظر منذ ذلك الوقت، حيث غصت بهم الشوارع في الليل والنهار.