المنتخب السعودي في الأقصى بتنسيق فلسطيني إسرائيلي

المنتخب السعودي في الأقصى بتنسيق فلسطيني إسرائيلي: حراسة مشدّدة ورفض شعبي

القدس المحتلة

العربي الجديد

العربي الجديد
14 أكتوبر 2019
+ الخط -
فوجئ المقدسيون، اليوم الاثنين، خصوصاً المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى، من حجم وكثافة انتشار عناصر الأمن الفلسطيني من مختلف الأجهزة الأمنية بلباس مدني في ساحات المسجد، قبيل وقت قصير من وصول الوفد الإداري للمنتخب السعودي إلى الأقصى، في أول زيارة يقوم بها وفد رياضي سعودي يمثل الدولة إلى القدس، وبتصريح لدخوله حصلت عليه السلطة الفلسطينية من إسرائيل.

وبينما كانت عناصر الأمن هذه تعد الساحات للزيارة وتؤمنها، كانت ردود فعل المقدسيين تظهر على المشهد، حيث تجمع شبان ومرابطات من القدس ومن فلسطين المحتلة عام 1948 عند درجات مسجد الصخرة المشرفة في الأقصى، وبدأوا بالهتاف رافضين الزيارة وواصفين إياها بأنها تطبيع مع الاحتلال، فيما كانت الصدمة الكبرى حين تلاسن الأمن الفلسطيني مع المحتجين وشتموهم بأقسى العبارات كما روت لـ"العربي الجديد" إحدى شاهدات العيان، التي قالت: "إن عناصر الأمن هؤلاء وصفوا المحتجين بالخنازير، والزبالة".

ويقول المقدسيون: "إنه ليس مألوفاً أن تغضّ سلطات الاحتلال الطرف عن أية مظاهر لسيادة فلسطينية أو حضور فلسطيني مهما كان باهتاً في القدس خاصة في الأقصى، لكن ما حدث اليوم يؤشر إلى أن تنسيقاً تم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتأمين حماية غير معلنة فلسطينيا للوفد السعودي، خشية تعرضه للمسّ من قبل المرابطين الذين تسببوا في الماضي بمهاجمة مسؤولين عرب كبار زاروا الأقصى، في حين لحقت الإهانة الكبيرة بمطبّع سعودي من مؤيدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عدة أشهر حين تعرض للشتم والبصق من قبل فتية فلسطينيين".

أما في جانب الاحتلال، فقد استبق الأخير زيارة الوفد السعودي بمنع المرابطين من الوجود في ساحة مصلى باب الرحمة، متذرعاً بأن وجودهم يعرقل اقتحامات المستوطنين باحات الأقصى، قبل أن يقوم باعتقال ستة نشطاء، من بينهم مدير الأمن الوقائي في القدس سعيد عطاري، حيث قال شهود عيان: "إن اعتقاله تم بعد التلاسن بينه وبين المرابطين والمرابطات وتم إبعاده لاحقا إلى رام الله لعدم حيازته إذن دخول"، كما قال لـ"العربي الجديد" أحد حراس الأقصى.

اللافت فيما جرى اليوم من تنسيق مكّن عناصر الأمن الفلسطيني من مختلف الأجهزة من مواكبة الوفد السعودي، هو اعتقال سلطات الاحتلال فجراً محافظ القدس عدنان غيث، وشادي المطور أمين سر الحركة في إقليم القدس، إضافة إلى ياسر درويش أمين سر فتح في بلدة العيسوية، ووجهت إليهم تهمة "ممارسة السيادة في القدس".

بدوره، قال القيادي في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، والذي منع من دخول الأقصى للمشاركة في استقبال المنتخب السعودي بصفته عضواً في الهيئة الإسلامية العليا للقدس: "هذه الزيارة استثنائية، فهذا الوفد جاء من أجل إقامة مباراة رياضية مع المنتخب الفلسطيني، وتمت بعد أن حصل الوفد على تصريح من السلطة لدخول أراضيها، وقد رغب أعضاء الوفد بزيارة الأقصى والصلاة فيه، وهو ما تم فعلا، إذ لا نستطيع إلا أن نستقبلهم، وبالتالي لا أعتقد أنه مبرمج ويدخل في إطار التطبيع بقدر ما هو واقعة"، وتابع أن ذلك "ليس ضوءا أخضر أو مؤشرا للجميع كي يزور الأقصى".

وفرّق عبد القادر بين زيارة وفد المنتخب، وزيارة المدوّن السعودي قبل عدة أشهر، وقال: "زيارة هذا المدوّن كانت تطبيعاً أو يمكن أن نسميها كذلك، لأنه جاء من طرف الاحتلال، ومن البوابة الإسرائيلية وخارج الإرادة الفلسطينية".

وعلى خلاف عبد القادر، وصف مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، زيارة المنتخب السعودي بأنها تطبيع، وقال لـ"العربي الجديد": "لا يمكن وصفها بغير ذلك"، واستشهد بتصريحات الرئيس التونسي المنتخب أخيرًا قيس سعيّد، الذي وصف التطبيع والموافقة عليه بأنهما "خيانة وطنية".

وأبدى الحموري استغرابه من التوصيفات التي يطلقها بعضهم بشأن الموقف من التطبيع، من قبيل الحديث أن زيارة الوفد السعودي ليست تطبيعاً، كونها تتم من طرف السلطة الفلسطينية إلى مناطقها وبتصريح منها، وقال: "هذا غير مفهوم أبداً، ما جرى هو تطبيع بعينه".

وقال شهود عيان في القدس المحتلة لـ"العربي الجديد"، "إن زيارة المنتخب السعودي للأقصى وصلاته فيه كانت قصيرة جداً، وتمت على استعجال يفوق بكثير التحضيرات والتجهيزات التي قام بها الجانب الفلسطيني لأعضاء الوفد كي يزوروا الأقصى من دون أن يتعرضوا للشتم والإهانة والاتهام بالتطبيع كما حدث مع المدون السعودي".

وهذا الموقف لخّصه الإعلامي والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات بمنشور قصير ومقتضب على صفحته على "فيسبوك"، حين قال: "هناك فرق بين من يأتي القدس خائفاً وبين من يأتيها مرحَباً به من أهلها".

الرجوب: إسقاط السياسة على الرياضة جريمة

في المقابل، قال رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الاتحاد بمدينة البيرة، اليوم: "نرى في زحف المنتخب السعودي لفلسطين تطبيقاً لقرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وانسجاماً مع قوانين الاتحاد الآسيوي، وتعبيراً صادقاً لموقف السعودية من قضيتنا الفلسطينية كقضية وطنية ودولة وهوية".

وأضاف الرجوب: "وجود المنتخب السعودي في فلسطين في ظل الفضاء الإقليمي الذي يشهد حالة من الاستقطاب والتجاذبات يأتي في ظل محاولات بعضهم زجّنا فيها". مؤكدا أن "وجود المنتخب السعودي من شأنه أن يساعدنا في معركتنا مع الاحتلال، أو مع من هم مصطفون مع الاحتلال تأييداً لسياسته، والذي يرى في الرياضة عدواً استراتيجياً له، والزيارة خطوة استراتيجية يجب أن نبني عليها، ورسالة من السعودية للفلسطينيين أننا معكم ولستم وحدكم".

وأشار الرجوب إلى أن زيارة المنتخب السعودي تجاوزت حدود الرسميات وجال المنتخب في روابي وحي الطيرة بمدينة رام الله، وسيتم تكريمه بمقر الرئاسة يوم غد الثلاثاء، وستقام المباراة يوم غد على أرض استاد فيصل الحسيني في بلدة الرام شمال القدس، وسيكون الحضور ثلاثة أضعاف حجم الاستاد، وسيشاهد الرئيس محمود عباس المباراة من السعودية خلال وجوده هناك.

وفي ما يتعلق بزيارة المنتخب السعودي إلى المسجد الأقصى اليوم، قال الرجوب: "اليوم الاحتلال اعتقل أمين سر حركة فتح في القدس ومحافظ القدس وكوادر من فتح لإفساد زيارة الوفد السعودي إلى الأقصى، ولكن ذلك لن يكسر إرادتنا؛ فالاحتلال لا يريد أن يرى مؤسسة تجسد رموز السيادة في القدس".

وتابع: "الاحتلال حاول إفساد زيارة المنتخب السعودي منذ لحظة اجتيازه معبر الكرامة، من الطرف الأردني، ثم جاء بعض الناس من الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، وجاء اعتقال محافظ القدس وأمين سر فتح وبعض المرافقين، ليعطوا مجالا لبعض الجهلة للاحتجاج، وهذا أمر معيب، من يحتج ويهاجم من يزور الأقصى يرسل رسالة خاطئة".

وفي ما يتعلق بالحديث عن التطبيع من خلال زيارة المنتخب السعودي إلى فلسطين، قال الرجوب: "لن نكون طرفا في أي عملية تطبيع مع الاحتلال الذي يتنكر لحقوقنا والذي يعمل بخرق واضح وصريح للمواثيق الدولية وللقوانين الدولية للفيفا، وندفع ثمن ذلك، ونقلنا موقفنا إلى المؤسسات الدولية والعربية والإسلامية والفيفا، لكن من الخطأ والجريمة إسقاط السياسة على الرياضة".

وأكد الرجوب التوافق على مستوى وزراء الشباب والرياضة العرب على خطوط حمراء، وهي "عدم المشاركة في أي بطولة تستضيفها إسرائيل وعدم استضافة أية بطولة يشارك فيها إسرائيليون وعدم القبول بلقاء في حال التأهل مع لاعب إسرائيلي، والتزمنا بهذا الإطار وفي حدود معلوماتي أن السعودية ملتزمة بنسبة 100%، وأن المنتخب السعودي قدم إلى فلسطين بناء على دعوة منا".

وأشار الرجوب إلى أن "وجود السعوديين واحتكاكهم مع الناس يجعلهم يكتشفون الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وأن شعبنا صامد وقادر على التحمل، ثم يحملون همومنا، وانطباعا إيجابيا عنا، وهو أمر يفتح المجال لوفود رياضية وغير رياضية أن تأتي إلى فلسطين". مشيرا إلى أن من يريد ألا تأتي الناس إلى فلسطين هو الاحتلال الإسرائيلي، و"زيارة المنتخب السعودي تاريخية ولها تداعياتها ودلالاتها".

مرافقة أمنية

ووصل المنتخب السعودي إلى مدينة رام الله أمس الأحد، ضمن برنامج جال فيه المنتخب أحياء في مدينة رام الله ومدينة روابي، ثم زيارته المسجد الأقصى المبارك، وتتصف تحركات المنتخب السعودي في رام الله بالإجراءات الأمنية المشددة، حيث تسير الحافلات برفقة أمنية من مركبات ودراجات نارية تتبع للأجهزة الأمنية الفلسطينية أمام وخلف البعثة، إضافة إلى انتشار أمني واضح حول الفندق الذي يقيم فيه المنتخب السعودي.

وقال المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم عمر الجعفري، لـ"العربي الجديد": "إن البعثة انقسمت إلى قسمين، حيث ذهب اللاعبون إلى الفندق، وتوجه رئيس الوفد والطاقم الإداري والفني إلى مقر الرئاسة ووضعوا إكليل زهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، والتقوا بالرئيس محمود عباس"، مشيرا إلى أن اللاعبين توجهوا قبيل تدريبهم الأول أمس إلى مقر المقاطعة، والتقوا بالرئيس عباس، وخاضوا تدريبات في استاد فيصل الحسيني في بلدة الرام شمال شرق القدس.

يشار إلى أن اللجنة الوطنيّة الفلسطينيّة للمقاطعة اعتبرت زيارة المنتخب السعودي إلى فلسطين تطبيعاً، وقالت: "إنه في الوقت الذي نقدّر فيه بعمق دعم الشعب السعودي الشقيق للقضية الفلسطينية، رغم المحاولات الحثيثة للأنظمة لحرف البوصلة عن فلسطين، لا يمكن إلا أن نقرأ قدوم المنتخب السعودي إلى فلسطين المحتلة في هذا الوقت تحديداً، بعد رفضه في عام 2015 مثل هذه الزيارة، في سياق التطبيع الرسمي الخطير للنظام السعودي مع إسرائيل والعلاقات الأمنية والسياسية التطبيعية المتنامية بينهما، ضمن محاولات تصفية القضية الفلسطينية من خلال المشروع الإسرائيلي - الأميركي المسمى بـ(صفقة القرن)".

ذات صلة

الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.

المساهمون