الاتفاق النووي على شفير الهاوية

الاتفاق النووي على شفير الهاوية

21 يناير 2019
تتزايد القناعة بأن الاتفاق النووي يتجه للانهيار (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -
انضم الاتحاد الأوروبي لركب العقوبات الأميركية على طهران، وفرض حظراً على شخصين وضمّ مديرية الأمن في وزارة الاستخبارات لقائمة الإرهاب في وقت سابق من الشهر الحالي، ويستعد لإقرار عقوبات ثانية وفق بعض المواقع. زاد هذا الوضع من الإحباط الإيراني ورفع من حدة التصريحات، لا سيما أن أوروبا تأخرت كثيراً في تقديم حزمة الضمانات المالية المفترض منحها لطهران لكي تبقي على التزامها بالاتفاق النووي.
وأدى خلط الملفات المتزامن، وانتظار الآلية الأوروبية وزيادة الانتقادات لملف صواريخ إيران من جهة، واتهامها بالتخطيط لعمليات ضد المعارضة الإيرانية القاطنة في الأراضي الأوروبية من جهة أخرى، لتوجيه التوقعات نحو انهيار الاتفاق النووي، الذي دخل في غيبوبة منذ انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو/ أيار العام الماضي، ما عرقل الامتيازات التجارية والاقتصادية.
وقد حذر رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، كمال خرازي، من سيناريو موت الاتفاق الذي يبدو أن طهران بدأت تشعر بأنه وشيك، فأكد أن تمزيقه يعني انعكاسات سلبية على أمن أوروبا التي باتت رهينة لرغبات أميركا. ولمّح رئيس مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، إلى مسألة أن قرار البقاء في الاتفاق أو الخروج منه بيد هيئة الرقابة العليا المشرفة عليه، وهي التي قررت الذهاب لآخر الخط في المباحثات مع الأوروبيين بغية عدم فتح المجال للوم طهران أمام المجتمع الدولي رغم يقينها بأن المكتسبات الاقتصادية لن تأتي بسهولة في ظل وجود تهديدات أميركية لكل من يتعاون مع طهران.
وأصبحت إيران تتعاطى بحدة أكبر إزاء الأوروبيين أنفسهم في الأقوال والأفعال. وتحدثت وسائل إعلام إيرانية عن جلسة متوترة اجتمع فيها مسؤولون من فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، الدنمارك، هولندا وبلجيكا بمساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مبنى الخارجية الإيرانية بتاريخ 8 يناير/ كانون الثاني، فتوقع الطرف الإيراني أن يقدم هؤلاء تبريراً لتأخّر تقديم الآلية المالية، لكنهم في الحقيقة حملوا بياناً يلوم طهران على تجاربها الصاروخية ويحاول تبرير العقوبات التي فرضت عليها أخيراً واتهامها بمحاولة استهداف معارضة الخارج، وهو ما أغضب عراقجي الذي قطع الجلسة وغادرها.
كل ذلك يضع الاتفاق النووي على المحك، وهو الذي توصلت إليه طهران بصعوبة بالغة لتحقيق غايات سياسية واقتصادية، وحرصت طيلة الفترة الماضية على عدم التصعيد كي لا يصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمأرب انهيار الاتفاق، لكنها تبدو الآن أكثر تشاؤماً وحذراً، لا سيما أن الشريك الاقتصادي الأوروبي بدأ يميل نحو مجاراة الولايات المتحدة.

المساهمون