المعارضة التونسية وانتخابات الرئاسة... حيرة المشاركة أو المقاطعة

المعارضة التونسية والانتخابات الرئاسية... حيرة تجاه المشاركة أو المقاطعة

06 ابريل 2024
خلال الاقتراع بانتخابات الرئاسة، أكتوبر 2019 (محمد مسارة/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قوى المعارضة التونسية تواجه خلافات حول المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بين دعم المشاركة لهزيمة الرئيس قيس سعيّد والمخاوف من منحه شرعية جديدة دون شروط منافسة عادلة، مع توافق على ضرورة الضغط لانتخابات معقولة.
- عبد اللطيف المكي يشدد على أهمية شروط منافسة حقيقية ونزاهة العملية الانتخابية، معتبرًا الانتخابات فرصة للتحكيم الشعبي وليست مجرد ديكور، مؤكدًا على ضرورة الاتفاق على هيئة الانتخابات ورفع الضغوط عن القضاء.
- وسام الصغير يطرح ثلاثة سيناريوهات: المقاطعة النشطة، المشاركة بدون تحفظات، والضغط لمناخ انتخابي نزيه، مؤكدًا على النضال من أجل شروط تنافسية متكافئة، بينما رياض الشعيبي يرى المشاركة كاستفتاء على المسار السياسي مع ضرورة ضمانات لنزاهة الانتخابات.

لا تزال قوى المعارضة التونسية تدرس مواقفها حيال الانتخابات الرئاسية المنتظرة خريف هذا العام، والمتوقعة إما في سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وفيما تميل بعض الأحزاب إلى المشاركة والمراهنة على هزم الرئيس قيس سعيّد، تعتقد أخرى أن المشاركة قد لا تفضي إلا إلى منح سعيّد شرعية جديدة في ظل انعدام شروط المنافسة النزيهة والمتكافئة. غير أن جميع هذه القوى تلتقي حول ضرورة الضغط على السلطة لتوفير حد أدنى من شروط إنجاز انتخابات معقولة، وتحقيق مكاسب سياسية وتخفيف الضغط على المعارضة.

يكشف وسام الصغير أنه تم تقديم مقترح لترشيح عصام الشابي للانتخابات الرئاسية

ويعتبر رئيس حزب العمل والإنجاز، عبد اللطيف المكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "إذا توفرت الشروط، فإن المشاركة أفضل من المقاطعة، ولكن لا بد من حد معقول من شروط المشاركة في الانتخابات، ما يجعل منها محطة تحكيم شعبي حقيقي". ويوضح أن "المشاركة هي الأصل، ومن الشروط ألا يتم الاستمرار في تزوير المناخات السياسية والإعلامية بالمحاكمات والضغوط على المؤسسات، وأن يتم رفع اليد عن القضاء، وأن يتم الاتفاق على هيئة الانتخابات".

ويلفت المكي إلى أنه "حتى وإن لم تذهب السلطة في هذا الاتجاه، فإن المعركة ستهدف إلى توفير هذه الشروط، وأن يستجيب الرئيس قيس سعيّد لهذا الحق الشرعي، أو يظهر بمظهر المزوّر". ويلفت إلى أنه "إن كانت الانتخابات فعلاً مجرد ديكور كما كان يفعل (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي فستكون مرفوضة ولن تكون هناك مشاركة".

وبرأيه فإن "الاتجاه سيكون نحو توفير الشروط المطلوبة أو المقاطعة، باستثناء من أعلن ترشحه منذ الآن مثل الأمين العام للاتحاد الشعبي الجمهوري، لطفي المرايحي"، مبيناً أن هناك "اتصالات مكثفة بين مختلف الأطراف".

في المقابل، يقول القيادي في الحزب الجمهوري وسام الصغير، لـ"العربي الجديد"، إنهم "قدموا مقترحاً لترشيح الأمين العام للحزب الجمهوري، المعتقل السياسي عصام الشابي، وينتظرون الرد بعد عيد الفطر". ويوضح الصغير أنه يوجد ثلاثة سيناريوهات بالنسبة للانتخابات الرئاسية. الأول يصفه بـ"المقاطعة النشطة المطروحة من قبل جزء من المعارضة التونسية بحجة عدم منح سعيّد الشرعية".

ويرى أن هذه "قراءة مغلوطة، ونحن حقيقة لا نتبناها". ويلفت إلى أن هذا النوع من المقاطعة "قد يكون الهدف الذي يسعى إليه قيس سعيّد، حيث إن كل من يعلن ترشحه يتم التحقيق معه، وبالتالي هناك نزعة من قبل سعيّد لفسح المجال لنفسه فقط ليكون المترشح الوحيد".

رياض الشعيبي: التحدي الرئيسي الذي يواجهنا اليوم هو كيفية استعادة تجربتنا الديمقراطية

وبالنسبة إلى الصغير يوجد خياران آخران يتعلقان بالمشاركة، "إما المشاركة بدون تحفظات كما كان يحصل في عهد بن علي من قبل أحزاب ديكور، أي الترشح بدون أي شروط تضمن التنافس النزيه، وبدون وجود نفس المسافة بين المرشحين، أو إعلان مبدأ الترشح والضغط والنضال للدفع نحو فرض مناخ انتخابي نزيه، تكون فيه المنافسة ونفس الحظوظ بين كل المرشحين، وبدون استعمال أجهزة الدولة ومنطق المغالبة".

ويلفت إلى أن "الضغط والدفع سيكون من أجل مناخ تعددي يضمن إمكانية أمام المواطن التونسي لاختيار من يمثله". ويبيّن أنهم "سيدفعون نحو ذلك، ولو تحقق ستتم المواصلة في الترشحات والمسار الانتخابي، وإن لم يوفَّقوا في ذلك وتواصل تعنت السلطة التنفيذية وممارسة المغالبة، ساعتها قد يتم إعلان أن شروط التنافس غير متوفرة ولا انتخابات حرة ونزيهة، ووقتها المقاطعة ستكون لها مؤيدات وموجبات، لأنه لا تنافس ولا إمكانية للانطلاق بنفس الحظوظ بالنسبة للمترشحين".

ويوضح الصغير أن "هذا التوجه تتقاسمه عدة فعاليات من المعارضة التونسية والقوى الديمقراطية، من بينها مبادرة العياشي الهمامي، وحزب العمل والإنجاز (لاختيار مرشح مشترك)، وقد تتقارب النهضة مع نفس الطرح".

أما القيادي في حركة النهضة، رياض الشعيبي، فيعتبر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "التحدي الرئيسي الذي يواجهنا اليوم هو كيفية استعادة تجربتنا الديمقراطية. لذلك تُعد المشاركة في الانتخابات المقبلة بمثابة الاستفتاء على المسار السياسي الحالي". لكنه يستدرك أن "السلطة اليوم هي المتحكم في العملية الانتخابية ما يضعف مصداقيتها".

ويقول إنه "إذا أردنا للانتخابات الرئاسية أن تنجح فلا بد من ضمانات وشروط حقيقية تحافظ على مصداقيتها، من أهمها توفير مناخات سياسية إيجابية للتنافس الانتخابي ووجود مؤسسات مستقلة تتولى التنظيم والتحكيم والمراقبة، والاحتكام لقانون انتخابي عادل وغير منحاز". ويضيف: "عندما يحصل ذلك تنتفي كل الموانع أمام المشاركة، ونحافظ على أهم مكسب ديمقراطي منذ الثورة".

ووفقاً للشعيبي فإن "جبهة الخلاص تؤمن بالتغيير بالوسائل الديمقراطية، ولذلك تعتبر نفسها معنية بهذا الاستحقاق متى توفرت شروط المشاركة، لأن المشروع التسلطي لمسار 25 يوليو/تموز 2021 يكاد يقضي على كل مكتسبات الثورة، والانتخابات المقبلة يمكن أن تمثل فرصة لانتقال سلمي وديمقراطي يجنب البلاد مخاطر الأزمات السياسية والاقتصادية التي يمكن أن تتسبب فيها هذه السلطة".