الأحزاب العراقية تعجز عن حسم "الكتلة الكبرى"

ساعات على جلسة البرلمان الجديد.. الأحزاب العراقية تخسر معركة "الكتلة الكبرى"

02 سبتمبر 2018
لا اتفاق بين الأحزاب قبيل جلسة البرلمان (Getty)
+ الخط -
في الساعات الأخيرة من توقيت انتهاء المهلة الدستورية، قبيل بدء جلسة البرلمان العراقي الجديد، وهو الرابع بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، لم تتوصل الأحزاب العراقية، التي من المفترض أن تعلن قرارها النهائي بشأن تشكيل "الكتلة الكبرى"، حتى الآن إلى أي قرار، أو إعلان صريح يفيد بتحالف حقيقي، بسبب "التخوين المتبادل وعدم الثقة في الطرح والضمانات" التي تحتاجها بعض الأحزاب.

ولا يزال المشهد مشوشاً وضبابياً، ليس فقط على وسائل الإعلام العراقي، إنما على أعضاء الأحزاب وقادتها أنفسهم، فلا جديد في مسيرة المفاوضات بين الرؤساء، فضلاً عن التسريبات المؤكدة التي تشير إلى مدى التأثير والضغط الذي تمارسه إيران على الأحزاب الشيعية، وواشنطن عبر مسؤوليها الرسميين على الأحزاب السنية والكردية، ما أدى إلى حدوث إرباك واضح لدى العراقيين في معرفة مصير ملامح حكومتهم الجديدة، التي من المؤمل أن تتضح في جلسة يوم غد الإثنين، وتحديد رئيس للبرلمان الجديد، ثم رئيس للحكومة (رئيس الوزراء)، وهو المنصب الذي يشكل عقدة الخلاف لدى الأحزاب الشيعية تحديداً، وتحديد رئيس للجمهورية، وهو المنصب الذي تطالب الأحزاب الكردستانية بنيله، كما حصل في الحكومات السابقة.

وأكد عضو تحالف "الفتح" (التابع لقادة في مليشيا الحشد الشعبي) عامر الفايز، أن "الأحزاب السياسية التي تقول بأنها وصلت إلى مرحلة نهائية في إعلان الكتلة الكبرى، هي مخطئة أو تتعمد قول ذلك، بهدف الحرب الإعلامية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الخلاف بين الأحزاب الشيعية، وتحديداً، الخلاف الشخصي بين نوري المالكي ومقتدى الصدر، حال دون التوصل إلى أي نتيجة، فضلاً عن أن عدم توصل المحور الوطني (الكتل السنية) والأحزاب الكردستانية إلى قرار نهائي، ساهم أيضاً بتعطل ولادة الكتلة الكبرى".

وبحسب المعمول به في العراق، فإن الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد، ستعقد في الساعة الحادية عشرة، من صباح يوم غد الاثنين، في القاعة الدستورية للبرلمان، وتتم بعد تسليم رئيس مجلس النواب السابق سليم الجبوري رئاسة المجلس إلى رئيس السن، وهو أكبر الأعضاء الجدد سناً. وبعدها تبدأ مراسم ترديد القسم الدستوري للنواب لبدء الفصل التشريعي الجديد وبعدها يتم التداول بين الكتل السياسية من أجل تشكيل الكتلة الكبرى.



من جانبه، قال قيادي في تحالف "سائرون"، ومقرب من زعيم الصدريين في العراق، مقتدى الصدر، إن "التجاوز على جلسة يوم غد غير ممكن لأن الدستور العراقي، وفي المادة 54، ألزم البرلمان، وتحديداً في الجلسة الأولى، بتحقيق النصاب الكامل للأعضاء، فضلاً عن انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، وهذه القضية لا تحتمل التمديد أو المراوغة من قبل الأحزاب"، مبيناً أن "الأحزاب السياسية التي تصل إلى مرحلة التوافق والانضواء بكتلة تعد الكبرى، عليها التوجه إلى مفوضية الانتخابات وإعلامها بالأمر، لتتمكن يوم غد من تسجيل اسمها وأعضائها رسمياً، ومن ثم تباشر بتشكيل الحكومة".

وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "سائرون لا تزال في حالة ترقب، ولا نستطيع الآن إخبار المفوضية بوصولنا إلى الكتلة الكبرى، لأننا واقعياً لم نصل"، مشيراً إلى أن "هناك أحزابًا هددت بعدم اكتمال النصاب القانوني لعدد البرلمانيين يوم غد، مثل دولة القانون التابعة لنوري المالكي، لذا قد نشهد تعطّلًا في انتخاب رئيس البرلمان الجديد، وقد يؤجل رئيس البرلمان الأكبر سناً الجلسة إلى 15 يوماً قادماً، وهذا الأمر سيدخلنا في نفق خرق دستوري جديد، لأن الجلسة الثانية إذا لم تتحقق؛ فقد نشهد تحركًا سياسيًا لإلغاء الانتخابات الأخيرة، وإجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يومًا".

وأكمل أنه "لا توجد أي بوادر لتوافق سياسي في الأجواء، لكن على ما يبدو فإن الكرد سيلتحقون بكتلة سائرون، كذلك الأحزاب السنية، بعد الاتفاق على تنفيذ شروطهم على مدى زمني معين، وستكون التحالفات الشيعية الطائفية، مثل الفتح ودولة القانون، في حالة عزلة، وقد تتخذ اتجاه المعارضة السياسية".

مقابل ذلك، أكد عضو "المحور الوطني"، طامي أحمد، أن "جميع الكتل السياسية تطمح للحصول على مكاسب أكثر لجماهيرها، وخاصة المحور السني؛ عدا كتلة الوطنية التابعة لإياد علاوي، والتي تسعى للحصول على ضمانات حقيقية، وليس كما حصل في الحكومات السابقة"، مطالبًا بـ"عودة النازحين، وإعادة بناء البنى التحتية، وتعويض المتضررين من أحداث داعش وضحايا الإرهاب".

وأشار أحمد، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "خلال لقاءاتنا مع الكتل الشيعية، وأبرزها الفتح، حصلنا على ضمانات لتنفيذ مطالبنا، لكننا نسعى لضمانات تكون حقيقية ولا تهمل بعد تشكيل الحكومة. والفتح أعطتنا الضمان، ولكننا متخوفون من تنفيذه، ولا توجد ثقة متبادلة بين كل الأطراف السياسية".

ولفت إلى أن "أحزاب المحور الوطني ستحضر جلسة يوم غد، وسنبقى ننتظر الجهة التي تعطينا ضمانات مكاسب لجمهورنا السني، وحتى الآن، ليس لدينا قدرة على الاختيار، لكن قد تتضح الرؤية أكثر خلال الساعات القليلة القادمة"، موضحاً أن "ضغوطاً خارجية، وتحديداً من إيران والسعودية والسفارة الاميركية في بغداد، تمارس على جميع الكتل السياسية من أجل رسم شكل الحكومة التي تنفع مصالح هذه الدول داخل البلاد. وأعتقد أن الكتلة الكبرى لن تُعلن يوم غد، لأن الأطراف الشيعية، التي من المفترض أن تعلن الكتلة، غير متفقة فيما بينها، ففي داخل سائرون خلافات، وفي بطون الفتح هناك خلافات أيضاً، كذلك الحال مع ائتلاف النصر، وحتى لدى الأحزاب السنية داخل المحور الوطني، فهي غير متفقة فيما بينها".

كردياً، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، النائب ماجد شنكالي، أن "حوارات الوفد الكردي في بغداد ستكون مكثفة، وستستمر اليوم، وربما حتى صباح الغد، من أجل التوصل لاتفاق يفضي لنتيجة إيجابية"، مبيناً في تصريح صحافي، أن "الوفد الكردي يتمتع بصلاحيات واسعة، فضلاً عن اتصالاته المباشرة مع قيادة الحزبين (الديمقراطي والاتحاد الكردستاني) لبيان المواقف. وإذا لم تتحقق رغباتنا فإننا لن نشارك بالحكومة الجديدة".

بدوره، أشار المحلل السياسي العراقي، محمد شفيق، إلى أن "كل المعطيات الحالية تفيد بتعذر إعلان عن الكتلة الكبرى، في جلسة يوم غد، إلا إذا حدثت مفاجآت غير متوقعة"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "كل الكتل أكدت حرصها على حضور جلسة الغد رغم التسريبات التي أشارت إلى أن بعض الكتل تضغط على رئيس الجمهورية فؤاد معصوم من أجل تأجيل الجلسة".



وأردف أن "الأحزاب السنية تتعرض لضغوط أميركية من أجل عدم الانضمام الى محور الفتح-دولة القانون، ويبدو أنهم (السنة) يميلون كثيراً للمحور الأخير، إلا أن الضغوطات تبدو أنها تمنعهم من إعلان الانضمام رسمياً، أما الكرد فقد أعلنوا صراحة منذ اليوم الأول أنهم سيذهبون مع الذي ينفذ شروطهم ومطالبهم، وهي واضحة؛ نسبة الموازنة وعودة البشمركة إلى محافظة كركوك".

المساهمون