بعد فشل جنيف: تصعيد الحديدة وأوهام استئناف المشاورات

بعد فشل جنيف: تصعيد الحديدة وأوهام استئناف المشاورات

عدن

العربي الجديد

العربي الجديد
11 سبتمبر 2018
+ الخط -

أياً تكن الملابسات التي أدت إلى فشل الجولة الثالثة من مشاورات جنيف اليمنية قبل أن تبدأ، فإنها جاءت لتمثل درساً قاسياً لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث. وتثار التساؤلات حول السيناريوهات المحتملة، لتطورات ما بعد فشل المحطة السياسية التي انتظرها اليمنيون لشهور، فيما يبرز التصعيد العسكري، كأحد أبرز عناوين المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى تحرك الجهود الدولية من جديد، للدفع بالحل السياسي مجدداً إلى الأمام، على نحو لا تتكرر فيه أخطاء جنيف 3.

وبالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي اختتام مشاورات جنيف، عادت وتيرة التصعيد العسكري باتجاه مدينة الحديدة الاستراتيجية، إذ أفادت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، بأن معارك عنيفة شهدتها مناطق جنوب المدينة، خلال الـ72 ساعة الماضية، بين قوات الشرعية المدعومة من التحالف، بواجهته الإماراتية تحديداً، وبين مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، الذين كثفوا من انتشارهم في مختلف مناطق الحديدة الخاضعة لسيطرتهم.
ووفقاً للمصادر، فقد دشنت القوات الحكومية، أو ما يُعرف بـ"ألوية العمالقة"، عمليات تهدف إلى التقدم نحو منطقة "كيلو 16"، والواقعة على المدخل المؤدي إلى الحديدة من جهة العاصمة صنعاء. ومن شأن الوصول إلى هذه المنطقة، أن يمثل تطوراً عسكرياً مهماً، على صعيد واقع المعارك الدائرة جنوب مدينة الحديدة، والتي كثف الحوثيون فيها من انتشارهم العسكري، وانتقلوا، أواخر الأسبوع الماضي، من الدفاع إلى الهجوم، في محاولة لاستعادة مناطق فقدوها، خلال الشهور الماضية، قرب المطار والخط الساحلي للمدينة.

ومنذ يونيو/حزيران الماضي، توقفت عمليات تقدم القوات الحكومية، المدعومة من التحالف، صوب مدينة الحديدة، بعد معارك ضارية في محيط مطار الحديدة الدولي. وأسفرت الجهود الدولية، التي بذلها غريفيث، عبر جولات مكوكية بين صنعاء وعدن والرياض ومسقط، عن تهدئة وتيرة معركة الحديدة، والتي تهدد بقطع الشريان الرئيسي لأغلب مناطق شمال اليمن، بما فيها صنعاء، ممثلاً بميناء الحديدة، الذي تصل عبره نحو 70 في المائة من الواردات إلى البلاد، بما فيها الوقود والإمدادات الغذائية.

وفيما تبرز الحديدة كمحور للتطورات العسكرية، عقب فشل مشاورات جنيف التي استغرق التحضير لها شهوراً، أظهرت المعارك المتقطعة التي دارت على مدى الشهرين الماضيين، أن الحديدة باتت معركة مكلفة للغاية، إذ عزز الحوثيون قواتهم في المدينة ومحيطها، وحفروا الخنادق وزرعوا كميات كبيرة من الألغام، الأمر الذي يجعلها مكلفة في كل الأحوال. كما أن المواقف الدولية لم تظهر حتى اليوم، تغيراً من شأنه أن يمثل ضوءاً أخضر للتحالف، بعد أن كانت الضغوط الدولية، العامل الحاسم في الحد من التصعيد خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين. وتتصدر الإمارات دعم التقدم نحو الحديدة، كما هو معروف منذ شهور. وقام رئيس أركان قواتها، الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي، بزيارة إلى قوات بلاده المشاركة في عملية الحديدة، السبت الماضي. غير أن الحضور الإماراتي يعد أحد عوامل التحفظ التي تواجهها عملية التقدم نحو المدينة، في ظل الأزمات الأمنية والسياسية التي تواجهها المناطق الخاضعة شكلياً للشرعية والواقعة تحت نفوذ أبوظبي إلى حد كبير، جنوب البلاد، بما في ذلك مدينة عدن. إلى جانب ذلك، فإن السيناريو الآخر، المتوقع عقب فشل مشاورات جنيف، يتمثل في ما أعلن عنه غريفيث نفسه، السبت الماضي، من أن عجلة المشاورات قد بدأت، وأنه سيبدأ قريباً جولة جديدة إلى العاصمة العُمانية مسقط ثم صنعاء، للالتقاء بالحوثيين والتباحث حول ما من شأنه العودة إلى المشاورات في أقرب فرصة، باعتبار أن فشل لقاء جنيف، لا يقلل من حاجة البلاد إلى حل سياسي، تتفق مختلف المواقف الدولية على أنه الخيار الوحيد في نهاية المطاف.

وعلى الرغم من الإحباط الكبير، الذي أصاب غريفيث والمواقف الدولية الداعمة لجهوده، عقب انهيار محادثات جنيف، إلا أن فرص مواصلة جهوده لا تزال قوية، إذا حافظ على الدعم الدولي الذي يتمتع به، وبالذات من مجلس الأمن الدولي، الذي عقد العديد من الاجتماعات لدعم جهوده خلال التهدئة، كما أصدر بياناً عشية الموعد المحدد لمشاورات جنيف، الخميس الماضي، وبالتالي فإن المسار السياسي سيبقى حاضراً في كل الأحوال، خلال الفترة المقبلة. وبين التصعيد العسكري وجهود المبعوث الأممي لاستئناف المسار السياسي، يبقى الأول الأوفر حظاً، والذي يتعزز بالتجارب اليمنية عقب كل جولة مشاورات، وصولاً إلى تطورات الحديدة، التي ستحدد مدى قدرة العمليات العسكرية على أن تحقق اختراقاً يدفع الحوثيين إلى تقديم تنازلات على أساس معادلة جديدة، أو يجبر التحالف على التخلي عن فكرة البحث عن انتصار عسكري صعب، وبالتالي منح الجهود السياسية فرصة جديدة.



ذات صلة

الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
الصورة
11 فبراير

سياسة

تحيي مدينة تعز وسط اليمن، منذ مساء أمس السبت، الذكرى الثالثة عشرة لثورة 11 فبراير بمظاهر احتفالية متعددة تضمنت مهرجانات كرنفالية واحتفالات شعبية.
الصورة
عيدروس الزبيدي (فرانس برس)

سياسة

أفادت قناة كان 11 العبرية التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، مساء الأحد، بأن الانفصاليين في جنوب اليمن أبدوا استعدادهم "للتعاون مع إسرائيل في وجه تهديد الحوثيين".
الصورة

سياسة

خرج آلاف اليمنيين يوم الجمعة في مسيرات حاشدة في عدد من المحافظات نصرة للشعب الفلسطيني وتنديداً بالقصف والجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق سكان قطاع غزة المحاصر.

المساهمون