التقاعد يهوي بشعبية حزب بوتين... ونصف الروس ضد الرئيس

التقاعد يهوي بشعبية حزب بوتين... ونصف الروس ضد الرئيس

03 اغسطس 2018
شهدت موسكو فعاليات احتجاجية ضد رفع سن التقاعد(فلاديمير سميرنوف/Getty)
+ الخط -
أثارت الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية، التي رافقت بدء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ولايته الرئاسية الجديدة، موجة من الاستياء بين الروس، ما ترجم تراجعاً في نسبة تأييد حزب "روسيا الموحدة" الحاكم من نحو 50 في المائة إلى 37 في المائة فقط حالياً.

وتظهر استطلاعات الرأي، التي أجراها "مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام"، أن نسبة تأييد الحزب الحاكم كانت تبلغ 53 في المائة بداية العام الحالي، لكنها انخفضت إلى مستوياتها الحالية بعد الإعلان عن إجراءات حازمة، وفي مقدمتها الرفع التدريجي لسن التقاعد. ويعد هذا المستوى الأدنى منذ نهاية العام 2011 (34 في المائة)، حين شهدت روسيا موجة من التظاهرات الحاشدة رفضاً لوقائع التزوير في الانتخابات التشريعية.

وأظهر استطلاع أجراه مركز "ليفادا" أن نسبة المستعدين للمشاركة في الاحتجاجات المناهضة لرفع سن التقاعد، وصلت إلى 28 في المائة، وهو أعلى مستوى في روسيا ما بعد ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014. في المقابل، تظهر شعبية بوتين صموداً نسبياً، إذ بيّن استطلاع أجراه صندوق "الرأي العام" أن 49 في المائة من المستطلعة آراؤهم كانوا سيصوتون للرئيس الحالي. إلا أن هذا الرقم يعد أقل بكثير من النسبة التي فاز بها بوتين بولايته الرابعة، والبالغة 76 في المائة.

وفي هذا الإطار، يعتبر نائب مدير "مركز المعلومات السياسية" في موسكو، مكسيم لافنيتشينكو، أن تراجع شعبية الرئيس والحزب الحاكم تعود إلى مجموعة من الخطوات التي تم اتخاذها بعد تنصيب بوتين، وهي زيادة أسعار الوقود ورفع سن التقاعد وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 18 إلى 20 في المائة اعتباراً من العام المقبل. ويقول لافنيتشينكو، في حديث لـ"العربي الجديد"، "أثرت هذه الخطوات سلباً على نسبة تأييد روسيا الموحدة بشكل مباشر، وعلى بوتين بشكل غير مباشر، لأن الجميع يعلم أنه صاحب القرار النهائي، لكنه يحظى تاريخياً بثقة أكبر، لا تقتصر على أنصار الحزب الحاكم". ويقلل من ارتباط استقرار نسبة تأييد بوتين بقمته مع نظيره الأميركي، دونالد ترامب، في هلسنكي، "لأنها لم تحقق أي نتائج محددة"، على حد قوله.

وحول جدوى هذه الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية وما إذا كانت ضرورية أم لا، يقول المحلل السياسي الروسي "ستؤدي زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى ارتفاع أسعار المنتجات، ما سيزيد حتماً من معدلات التضخم. أعتقد أنه كان يمكن تجنبها، خصوصاً أنه جرى الحديث كثيراً عن عدم المساس بالأعمال". وحول رفع سن التقاعد في ظل ارتفاع متوسط أعمار الروس، يقول لافنيتشينكو "كان قرار إصلاح منظومة التقاعد ضرورياً، بل جاء متأخراً. تكمن المشكلة في كيفية الإعلان عنه دون إجراء نقاشات على مستوى الخبراء وتمهيد الرأي العام، بل ظلت الحكومة تنفي أي شائعات متعلقة بذلك على مدى آخر عامين".

وكان رئيس الوزراء الروسي، دميتري ميدفيديف، أعلن، في 14 يونيو/حزيران الماضي، بشكل رسمي عن خطط الحكومة لرفع سن التقاعد، وذلك بالتزامن مع انطلاق دورة كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها روسيا هذا العام. ويعتبر لافنيتشينكو أن تزامن الإعلان عن الاجراءات مع موسم الإجازات الصيفية والمونديال ساعد السلطات الروسية، وجنبها تراجعاً أكبر في نسبة التأييد، لكنه لم يصب في مصلحة المعارضة، بل زاد من صعوبة تعبئة المواطنين للمشاركة في الاحتجاجات. ومع ذلك، شهدت العاصمة الروسية موسكو، خلال عطلة الأسبوع الماضي، بضع فعاليات احتجاجية، بما فيها تظاهرة دعا إليها الحزب الشيوعي للمطالبة بطرح مسألة رفع سن التقاعد على الاستفتاء الشعبي.

وفي حديث سابق، لـ"العربي الجديد"، رأى الناشط اليساري، إيغور ياسين، أن هناك مجالاً في الميزانية الروسية لتجنب رفع سن التقاعد من خلال خفض النفقات العسكرية والأمنية، وفرض ضريبة تصاعدية على الأثرياء في ظل تركز الجزء الأكبر من الثروات بين أيدي الأوليغارشية والمليارديرات. يذكر أن بوتين ركز، خلال حملته الانتخابية، على برنامجه الاقتصادي الطموح الذي شمل مكافحة الفقر وتحفيز الإنجاب وتحسين الظروف السكنية للعائلات، وتثبيت روسيا ضمن أكبر خمسة اقتصادات في العالم، قبل أن يصدر بعيد تنصيبه مراسيم تقضي بزيادة الإنفاق على البنية التحتية والسياسة السكانية والصحة والتعليم. إلا أن البحث عن توفير موارد مالية إضافية لتحقيق هذه الخطط، دفع بالحكومة الروسية للجوء إلى إجراءات حازمة ستدر عشرات مليارات الدولارات الإضافية على الميزانية الفدرالية في الأعوام المقبلة، لكنها أثارت استياء كبيراً بين السكان.

المساهمون