بوتين يدشن ولايته الرئاسية الرابعة باستهداف المعارضة

بوتين يدشن ولايته الرئاسية الرابعة باستهداف المعارضة

07 مايو 2018
ينصب بوتين اليوم رئيساً لولاية رابعة (ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -


يتم اليوم الإثنين تنصيب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لولايته الرابعة على رأس الكرملين، التي يخيم على انطلاقتها توتر العلاقات مع الغرب والحملة الأمنية على المعارضة، إذ جرى اعتقال خصمه الأبرز، أليكسي نافالني، قبل أم يتم الإفراج عنه، ومئات المتظاهرين السبت الماضي.

واعتقل نافالني إلى جانب نحو 1600  من أنصاره، أول من أمس، أثناء مسيرات خرجت في أنحاء البلاد ضد بوتين، بينما استخدمت الشرطة ومجموعات شبه عسكرية القوة لتفريق التظاهرات في موسكو وسان بطرسبرغ. وأفرج عن نافالني أمس الأحد، على أن يمثل أمام المحكمة الأسبوع المقبل. وقال نافالني، على حسابه على موقع "تويتر"، إنه تم الإفراج عنه بعد منتصف ليل السبت الأحد. وكتب في تغريدة "يبدو أن الأمر صدر بعدم وضعي في السجن قبل التنصيب"، مشيراً إلى أنه متهم بتنظيم تظاهرة محظورة ومقاومة الشرطة. وقالت محامية نافالني، فيرونيكا بولياكوفا، إن محكمة في موسكو ستنظر قضيته الجمعة المقبل. وتعهد بوتين، الذي حكم روسيا على مدى 18 سنة وضم خلال ولايته السابقة القرم من أوكرانيا في 2014 وأطلق حملة عسكرية في سورية في العام التالي دعماً لرئيس النظام بشار الأسد، بتحسين الأوضاع المعيشية في بلاده خلال عهده المقبل. لكنه التزم الصمت حيال مسألة خلافته التي تشكل مصدر قلق لا يمكن تفاديه، إذ إن الدستور يمنعه من الترشح مجدداً لدى انتهاء ولايته في 2024.

وعمل بوتين جاهداً على إنعاش الاقتصاد الذي تراجع بشكل كبير بعدما فرض الغرب عقوبات على موسكو على خلفية ضمها القرم وجراء انخفاض أسعار النفط عالمياً في 2016. ورغم ذلك، لم يكن هناك شك على الإطلاق في إمكانية فوزه في انتخابات مارس/آذار الماضي، بينما لم يثر احتمال تنصيبه في قاعة أندريفسكي في الكرملين ترقباً كبيراً. وأشارت تقارير إلى أن المنظمين يخططون لمراسم تنصيب تتم دون صخب ودون إقامة حفل باذخ في محاولة واضحة لتحاشي أي ردود سلبية. وفي 2012، جال موكب بوتين سريعاً في شوارع موسكو في طريقه إلى حفل تنصيبه الثالث في الكرملين، وهو أمر اعتبره كثيرون غير مقبول. لكن هذه المرة، يتوقع أن يلتقي بوتين فقط بالمتطوعين الذين شاركوا في حملة انتخابه.

أما نافالني، الذي مُنع من منافسة بوتين في انتخابات مارس، فدعا الروس إلى الخروج في مسيرات في أنحاء البلاد تحت شعار "ليس قيصرنا". وأكدت المحللة من "مركز التقنيات السياسية في موسكو"، تاتيانا ستانوفايا، أن الكرملين يسعى، عبر حملته التي يشنها على المعارضة، إلى القول إنه لن يقبل أي رأي مخالف في عهد بوتين الجديد. وقالت المحللة المقيمة في باريس إن "الكرملين يريد رسم خط أحمر لا يمكن تجاوزه". ويعرب مراقبون عن قلقهم من تسبب الاعتقالات بموجة جديدة من القضايا بحق المعارضين، إذ أسفرت مسيرات مشابهة ضد عودة بوتين إلى الكرملين في 2012 عن حملة قمع واسعة استهدفت المحتجين. وفي مايو/أيار العام 2012، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً على تنصيب بوتين لولاية ثالثة، حيث تحولت المسيرات إلى صدامات مع الشرطة. وتم توجيه اتهامات جنائية لنحو 30 متظاهراً وصدرت أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين عامين ونصف العام وأربعة أعوام ونصف العام بحق العديد منهم. وتبع ذلك حملة أمنية واسعة استهدفت المعارضين، فيما فرضت السلطات سلسلة إجراءات لتعزيز الرقابة على الإنترنت التي لا تزال المنصة الوحيدة التي يمكن للمعارضة تنظيم صفوفها من خلالها. وفي إشارة إلى أن هذا التوجه سيستمر خلال ولاية بوتين الرابعة، حاولت هيئة الرقابة الحكومية على الاتصالات، الشهر الماضي، حظر موقع "تلغرام" للرسائل النصية، وأعلنت أن موقع "فيسبوك" سيواجه مصيراً مماثلاً.



ويستبعد محللون سياسيون أن يتغير موقف موسكو في عهد بوتين الرابع تجاه الغرب إذ زادت حدته على خلفية الوضع في أوكرانيا وسورية والاتهامات بتسميم عميل مزدوج روسي في بريطانيا والتدخل في الانتخابات الأميركية. وقال رئيس مركز أبحاث "مجموعة خبراء السياسة" في موسكو، كونستانتين كالاشيف، إن "أي تنازل يعد مؤشر ضعف بالنسبة لبوتين، ولذا لا يمكن توقع أي تغيير في السياسة الخارجية". وأضاف أن "السياسات الخارجية كذلك هي من الأسس الرئيسية التي تكسبه دعماً في بلاده. يحتاج بوتين إلى ضمان الوحدة الوطنية، ومن أجل تحقيق ذلك فهو بحاجة إلى عدو".

لكن المحلل السياسي المستقل، ديمتري أوريشكن، قال إنه سيكون من الضروري تغيير نهج الرئيس حيال المجتمع الدولي في ولايته المقبلة. وأضاف "لم تعرف روسيا مثل هذه العزلة منذ الحرب السوفييتية في أفغانستان"، في إشارة إلى النزاع الذي اندلع من 1979 حتى 1989. وقال أوريشكن إنه بعد ضم القرم "يحتاج بوتين إلى استبدال أحذية جنوده العسكرية بأخرى رياضية". وأضاف "مهمته الآن ليست ضم مزيد من الأراضي إلى روسيا بل إجبار العالم على أخذ مصالحها بعين الاعتبار والقبول بانتصاراتها السابقة". وتشي التقارير بشأن إمكانية عودة وزير المالية السابق، أليكسي كودرين، وهو ليبرالي يحظى بالاحترام في الخارج، إلى الحكومة الجديدة، إلى أن الرئيس لربما يسعى إلى تبني نهج أقل صدامية. وبينما أكد أوريشكن أن بوتين سيبقى في السلطة لاستكمال ولايته، أشار كالاشيف إلى أن الرئيس قد يغادر الكرملين قبل انتهاء السنوات الست. وأضاف "سيبقى في السلطة لكن ليس بالضرورة في الرئاسة". وأكد أنه "من أجل حجز مكانه في التاريخ، يحتاج بوتين لاختيار اللحظة المناسبة للمغادرة. البقاء لست سنوات إضافية في منصبه لا يقود إلى شيء. سيغادر بطريقة تفاجئ الجميع".
(فرانس برس)

المساهمون