غليان شعبي في السويداء...أكثر من 220 قتيلاً بهجمات "داعش"

غليان شعبي في السويداء...أكثر من 220 قتيلاً بهجمات "داعش"

25 يوليو 2018
هاجم "داعش" بلدات عدة في ريف السويداء (Getty)
+ الخط -
تخطّت حصيلة الضحايا الذين سقطوا جرّاء الهجمات التي نفذها تنظيم "داعش" في مدينة السويداء جنوب سورية، وبلدات عدة في ريف محافظة السويداء الشمالي الشرقي، الـ220 قتيلاً، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى أكثر من 200 جريح، بحسب ما أكدت مصادر في مديرية الصحة في السويداء.

ووقعت "ثلاثة انفجارات داخل المدينة في حدود الساعة الخامسة صباحاً، إذ وقع الانفجار الأول في سوق مدينة السويداء الرئيسي، والثاني عند دوار المشنقة في المدينة، والثالث عند دوار النجمة"، بحسب ما أفادت مصادر محلية في السويداء لـ"العربي الجديد".

وذكرت المصادر أن "عبوة ناسفة انفجرت في سوق السويداء بالقرب من تجمع لباعة خضار، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، وبعد عشر دقائق، وقع انفجار ثانٍ على بعد حوالي 200 متر عند دوار المشنقة، عندما فجّر انتحاري نفسه، ما دفع سكّاناً من الحي إلى ملاحقة ثلاثة انتحاريين آخرين، كانوا يعدّون لتفجير أنفسهم في شارع جنوب دوار النجمة، إلّا أن انتحارياً فجّر نفسه، فقتل الانتحاريين اللذين كانا برفقته والشاب الذي حاول التصدي لهم".


كذلك شهدت بلدات عدة في ريف السويداء الشمالي الشرقي هجمات مباغتة شنّها مقاتلو التنظيم واستهدفت منازل المدنيين، ما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص، بينهم أطفال ونساء. وتوزع الضحايا على قرى دوما والسويمرة وحزم المتونة ولاهثة شرق السويداء، وبلدات الشريحي والشبكة والغيضة وحمايل شمال شرق السويداء.

يشار إلى أن مقاتلي التنظيم الذين هاجموا السويداء، كان قد نقلهم الروس والنظام من جنوب دمشق قبل أشهر مع عتادهم الكامل، حيث وضعوا على بعد 10 كيلومترات من البلدات 
المأهولة
في المحافظة.

غليان شعبي 

وتشهد محافظة السويداء حالة من الغليان الشعبي، إثر مقتل العشرات من أبنائها جراء هجوم "داعش"، حيث توجه عشرات آلاف الشباب من مختلف البلدات والمدن لصد هجوم التنظيم.

ورأى أبو عمر (60 عاماً)، من أبناء مدينة السويداء، أن "ما حدث اليوم في السويداء لا يمكن أن يوصف إلا بأنه عملية غدر، مفضوحة، يتحمل مسؤوليتها من أتى بالدواعش من جنوب دمشق إلى بادية السويداء، ومن كان يتحدث يومياً عبر إعلامه عن انتصارات على داعش في بادية السويداء وإبعادهم عشرات الكيلومترات، ويبدو أنه كان كذاباً في كل ما قال".

وتساءل أبو عمر: "أين المراصد المنتشرة على حدود المحافظة؟ أين طائرات الاستطلاع والقوات التي تنتشر في البادية؟ وإن كان ثمة إهمال أو تواطؤ، فهو جريمة يجب أن يتحملوا مسؤوليتها".

من جهته، قال أبو رامي (40 عاماً)، من أبناء الريف الجنوبي في السويداء، إن "الجيش والقوات الأمنية تخليا عن مهمتهما في الدفاع عن السويداء منذ زمن، حتى إنهما سحبا قواتهما من الحدود الشرقية للمحافظة، لكن نحن أبناء المحافظة قادرون على حماية أرضنا".

وأضاف أنه "لا يمكن أن نفكر بعد ما حصل في أن نسلم أسلحتنا أو نرسل أبناءنا إلى الخدمة العسكرية في القوات النظامية، فمحافظتهم تحتاج إليهم أكثر للدفاع عنها، بدلاً من القتال في مناطق أخرى".

بدورها، قالت عبير (30 عاماً)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث اليوم شكل صدمة لأهل السويداء، إذ لم يكن متوقعاً بأي شكل أن نتعرض لمثل هذا الهجوم الذي استهدف المدنيين بشكل مباشر". وأضافت "اليوم لم نذهب للعمل، حتى غالبية المحال التجارية أغلقت في المحافظة، حتى إن الحركة بين القرى والبلدات كانت شبه متوقفة، وكانت الحياة مشلولة، ولا توجد سوى مجموعات الشباب التي لبّت نداء صد هجوم داعش".

أما سامر (25 عاماً)، فأعرب خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، عن استيائه الشديد من مستوى تغطية الإعلام الرسمي لما يحدث في السويداء، ونسب صد هجوم داعش للقوات النظامية، التي كان وجودها رمزياً، حتى الطيران خرج ببعض غارات، ومن ثم غاب عن المعركة.

من جهته، كان عدي (24 عاماً)، من أبناء السويداء، يبحث عن جهة يحصل منها على سلاح لكي يلتحق برفاقه الذين سبقوه، وقد قال لـ"العربي الجديد": "أنا تركت الخدمة في الجيش منذ سنوات، ليس خوفاً من الموت، بل لسوء وضع الخدمة، واليوم أبحث عن سلاح للدفاع عن أرضي وأهلي، وروحي رخيصة علي"، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن يخدم في الجيش خارج محافظته، ويترك أهله في خطر، أو أن يعود إلى القهر الذي عان منه الأمرين.

يشار إلى أنه خلال الأيام الماضية، بدأت السويداء تشهد جدلاً حول ممارسة الروس ضغوطاً على أهالي المحافظة لإجبار أبنائهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، ضمن القوات النظامية، بالإضافة إلى تسليم المليشيات المحلية أسلحتها للروس وتسوية أوضاع المقاتلين فيها، في حين يترقب متابعون تداعيات هجوم "داعش" على مستقبل المحافظة.


الائتلاف السوري 

وفي ردود الفعل السياسية، دان "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، في بيان له، الهجوم، مشدداً على "مسؤولية قوات النظام عن تمكّن تنظيم داعش من تنفيذ هذه العمليات الإجرامية، وذلك بالنظر إلى تمكُّن المهاجمين من قطع مسافات طويلة، وتجاوز حواجز عدة، والدخول إلى المدينة لارتكاب جريمته، وكذلك استناداً إلى الدور الأصلي للنظام في إنشاء ودعم هذا التنظيم الإرهابي وتركه يرتكب جرائمه".

وجدد "الائتلاف" إدانته كل أشكال الإرهاب، ورفضه التمييز بين إرهاب نظام الأسد، وإرهاب التنظيمات المتطرفة والعنصرية والطائفية، مشدداً على ضرورة محاربة الإرهاب، والعمل على تخليص سورية منه.

كذلك قدّم تعازيه إلى ذوي القتلى، متمنياً الشفاء العاجل للجرحى، وتعهد بأن المسؤولين عن هذه الجريمة، وجميع الجرائم المرتكبة في سورية، وكل من دعم المجرمين أو سهل عملهم، سيظلون تحت الملاحقة إلى أن تطاولهم يد العدالة.

جنبلاط: كيف وصل مقاتلو داعش؟

وتعليقاً على الهجوم الدموي في المحافظة السورية التي تسكنها أغلبية من الطائفة الدرزية، غرّد النائب اللبناني السابق وليد جنبلاط، وأحد زعماء الدروز في لبنان، عبر موقع "تويتر"، متسائلاً عن كيفية وصول هذه الأعداد من مقاتلي "داعش" إلى المنطقة بهذه السرعة.


وكتب جنبلاط: "السؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف وصلت وبهذه السرعة، تلك المجموعات الداعشية إلى السويداء ومحيطها، وقامت بجرائمها، قبل أن ينتفض أهل الكرامة للدفاع عن الأرض والعرض. أليس النظام الباسل الذي ادعى بعد معركة الغوطة أنه لم يعد هناك من خطر داعشي، إلا إذا كان المطلوب الانتقام من مشايخ الكرامة".



وفي تغريدة ثانية، تساءل جنبلاط: "ما هي جريمة مشايخ الكرامة سوى رفض التطوع بالجيش لمقاتلة أهلهم أبناء الشعب السوري. والغريب هو حماس الشيخ طريف في فلسطين للدفاع عن دروز سورية، وتجاهله المطلق بقانون التهويد الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي بالأمس القريب. على أي حال، لا فرق بين البعث الأسدي وصهيونية نتانياهو".