تراشق إيطالي فرنسي يخيم على لقاء بروكسل بشأن الهجرة

تراشق إيطالي فرنسي يخيم على لقاء بروكسل بشأن الهجرة

24 يونيو 2018
تدفق اللاجئين لم يتوقف نحو أوروبا (تويتر)
+ الخط -


يعقد زعماء الاتحاد الأوروبي اجتماعًا طارئًا في بروكسل، اليوم الأحد، سعياً إلى تسوية خلافاتهم ومتابعة نهج موحد تجاه أزمة اللاجئين التي تواجه الكتلة، في وقت يخيم التوتر على الأجواء الأوروبية، في ظل تراشق غير مسبوق لليمين الإيطالي المتطرف مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ويأتي الاجتماع في العاصمة البلجيكية اليوم، في الوقت الذي تعمّقت فيه الانقسامات بشأن سياسات الهجرة بين قادة الاتحاد الأوروبي المستمرة منذ سنوات، إضافة إلى التهديد المحدق بحكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وتستعرض الصحف الأوروبية الضغوط التي تواجه ميركل لإقناع أقرانها الأوروبيين قبل قمة تعقد الخميس والجمعة المقبلين بالموافقة على تقاسم أكثر عدلاً اللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي، لتهدئة حلفائها المحافظين في الداخل، بما في ذلك الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا.

ومن مهام ميركل البحث وقادة الاتحاد الأوروبي في كيفية منع اللاجئين من التنقل بحرية داخل كتلة الاتحاد الأوروبي أثناء النظر في طلبات لجوئهم، أو بعد حصولهم على حق اللجوء في إحدى الدول المطلة على البحر المتوسط.

ورغم أن تلك التنقلات تعتبر غير قانونية بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، لكنها كانت منتشرة منذ ذروة تدفق الهجرة إلى أوروبا في عام 2015، ووصول أكثر من مليون لاجئ من الشرق الأوسط وأفريقيا إلى القارة العجوز.

ويخوض زعماء الاتحاد الأوروبي الذين يواجهون ضغوطاً شديدة من الناخبين في بلادهم معارك شرسة بشأن كيفية توزيع حصص طالبي اللجوء في الاتحاد. ونظراً إلى عدم تمكنهم من الاتفاق زاد هؤلاء الزعماء من القيود على اللجوء وشددوا الإجراءات على حدودهم الخارجية لتقليص عدد من يُسمح لهم بالدخول.


تراشق غير مسبوق

ولم يتردّد زعيم حركة "خمس نجوم"، أكبر الأحزاب الإيطالية، ووزير الاقتصاد، لويجي دي مايو، الشريك في حكومة الائتلاف الشعبوي الإيطالي مع زعيم حزب الرابطة المتشددة، ماتيو سالفيني، في الدخول بتراشق علني مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول قضية المهاجرين، وسياسات الاتحاد الأوروبي الغائبة، رغم السعي في خلوة لنحو 16 قيادياً في بروكسل، اليوم الأحد، إلى إيجاد قواسم مشتركة حول القضية الساخنة.

وكتب دي مايو على صفحته الشخصية في "فيسبوك" أمس كلاماً، لم يكن يصدر سابقاً عن قادة أوروبا، رغم كل الخلافات التي اعترضت علاقاتهم، منتقداً، وبشدة، كلام الرئيس الفرنسي ماكرون عن أن إيطاليا لا تواجه تدفقاً من اللاجئين كما حدث في السنوات الماضية، مطالباً ماكرون بفتح حدوده وموانئه للمهاجرين، بدل "العجرفة"، كما كتب حرفياً. وحذر دي مايو صراحة من أن ماكرون "يخاطر بجعل فرنسا عدو إيطاليا الأول".

ومضى هذا السياسي الإيطالي الشاب في انتقاداته اللاذعة، لرئيس بلد جار وشريك في أكبر منظمتين غربيتين، الناتو والاتحاد الأوروبي، بالقول "إيطاليا تواجه حالة طوارئ مع المهاجرين، وهذا سببه من ناحية دفع فرنسا للناس بعيداً عن حدودها"، مهدداً بتحول البلدين إلى عدوين، على خلفية تصريحات ماكرون بأن نسبة المهاجرين "انخفضت بواقع 80 في المائة" عن عام 2015، وبأن "التحديات الحالية (في قضية الهجرة) سببها المهاجرون الذين وصلوا وهم داخل حدود الاتحاد الأوروبي اليوم"، وأن "إيطاليا لا تواجه أبداً نفس ضغوط الهجرة كما قبل عام".

ويعبر التراشق الذي ذهب إليه دي مايو عن عمق أزمة يعيشها الاتحاد. فبالنسبة لدي مايو وسالفيني لم يكن اجتماع اليوم يستحق الحضور، وهو ما هدد الخلوة، حتى جاء الفرج بالإعلان أن رئيس الوزراء الإيطالي، غيسبي كونتي، سيحضر "بعد تلقي وعود بأنه لن يكون هناك تدوين خطي لنتائج مباحثات اليوم الأحد".

هذا الخلاف الطافي على السطح اليوم، بين روما وباريس، ليس بجديد سوى في حدته، فقد انتقد في الثاني عشر من يونيو/ حزيران الحالي الرئيس ماكرون إيطاليا، معتبراً تصرفها "غير مسؤول"، على خلفية إغلاق موانئها في وجه سفينة "أكواريوس" التي حملت على متنها 629 مهاجراً تم إنقاذهم مقابل سواحل ليبيا، إلى أن سمحت مدريد للسفينة بالرسو في فالينسيا.

مبررات رفض وزير داخلية إيطاليا، وزعيم حركة الليغا، ماتيو سالفيني، لم ترق للرئيس الفرنسي، الذي خرج بموقف جديد ومثير للجدل بالنسبة للإيطاليين، وغيرهم في شرق ووسط أوروبا، في محاولة يصفها مراقبون وصحافيون غربيون أنها جاءت "لمساعدة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مأزقها الداخلي بانفراط عقد حكومتها الائتلافية".



واستعاد ماكرون أمس تصريحات أخرى برزت في 2015 لمعاقبة الدول الأوروبية اقتصادياً في حال رفضت الإسهام في خطط تقاسم أعباء المهاجرين، واستقبال حصص من اللاجئين، وهو ما أغضب حكومة اليمين المتشدد في إيطاليا، وهدد بعدم حضورها اجتماع بروكسل.

ففي مؤتمره الصحافي مع رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو شانشيز، عبّر ماكرون عن تفضيله "نظاماً يقوم على إجراءات عقابية اقتصادية"، وهو نظام إجراءات طرحته أيضاً ألمانيا في 2015، كرد على المجر ودول شرق أوروبا التي رفضت استقبال اللاجئين. وبالنسبة إلى الرئيس الفرنسي "لا يمكن أن نقبل أن بلداناً تستفيد إلى حد كبير من تضامن الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير للرفع من الأنانية الوطنية حين يتعلق الأمر بمسألة المهاجرين".

وأثار التلويح بالعقوبات الإيطاليين أمس السبت، ما استدعى من وزير الداخلية ماتيو سالفيني الإعلان أن إيطاليا استقبلت 650 ألف مهاجر خلال السنوات الأربع الماضية "430 ألفاً منهم تقدموا بطلبات لجوء، وجرى إسكان 170 ألف لاجئ مفترض، وهذا كلّف إيطاليا أكثر من 5 مليارات يورو".

التراشق الكلامي بين السياسيين الإيطاليين والرئيس الفرنسي، ليس وحده ما يخيم على اجتماعات بروكسل اليوم، وقمة الاتحاد في 28 و29 من هذا الشهر، فالانقسام أعمق وأشمل "وبسبب حجم الخلافات يصعب أن ترى مخارج مع تزايد الإحباط والتراشق وانقسام الكتلة الأوروبية"، وفقاً لما يصف مدير مؤسسة الفكر "أوروبا" بياركه مولر. إذ يرى أنه يمكن الاتفاق على "تقوية حراسة الحدود الأوروبية والضغط على دول المنشأ".

المساهمون