ورقة إسرائيل الرابحة
وأمس الأول، وبعد القصف الإسرائيلي لأكثر من 50 موقعاً إيرانياً في سورية، إضافة إلى مواقع للدفاعات الأرضية السورية، حرص نتنياهو خلال اجتماع الكابينت السياسي والأمني، على إظهار تحذير إسرائيل للقوات السورية بعدم الردّ أو التدخل، وفقط بعد هذا التحذير تمّ قصف عدد من مواقع الدفاعات السورية.
التصريحان أعلاه ليسا صدفة، بل هما مرتبطان ببعضهما ويكمل الثاني الأول. فالأول يوضح الموقف الاستراتيجي الإسرائيلي من الثورة السورية، والثاني يؤكّد الالتزام بهذه القاعدة، ما دام النظام يلتزم بشروط إسرائيل لبقائه، في حين أنّ الإعلام العربي يقع في الفخ الإسرائيلي عند اعتماده المصطلح الإسرائيلي "الخطوط الإسرائيلية الحمراء". وعلى هذا الأساس، يمكن فهم "التصعيد المنضبط" بين إسرائيل وإيران، لأن الأولى بدأت أخيراً تبرز ورقتها الأقوى في وجه إيران وفي وجه روسيا، وبالتأكيد في وجه نظام الأسد، وهي الموافقة على بقاء النظام، والتهديد بإسقاطه إذا رفضت الشروط الإسرائيلية أو تم خرقها.
ويمكن القول إن جولة التصعيد الأخيرة، والتزام إيران برد محدود وموجه فقط لقواعد عسكرية داخل سورية (لأن الجولان لا يزال محتلاً)، نشطت وفق المعادلة التي وضعتها إسرائيل وتفاهمت عليها مع روسيا بوتين. وتقوم هذه المعادلة على شقين، وتقول في شقها الأول، برأينا، إن إسرائيل لن تعترض على مساعي حماية نظام الأسد، بشرط ألا ينزلق القتال إليها، لكنها ترفض الوجود الإيراني في مرحلة ما بعد الأسد. أما شقها الثاني، فيقول إن إسرائيل لن تتدخل ضد النظام في مواجهة شعبه والمعارضة، بشرط ألا يتدخل النظام إلى جانب إيران ضد إسرائيل، وفي حال أخلّ أي طرف بهذه المعادلة، فإن الورقة الرابحة الأكيدة التي تهدد إيران وروسيا بخسارة كل مكاسبهما الاستراتيجية والفوائد الاقتصادية اللاحقة من مرحلة الإعمار، هي إسقاط النظام كلياً، وهو ما بدأت إسرائيل تلوّح به أخيراً بعد أن كانت تدعي "أنها لا تتدخل".