دوائر عربية وفرنسية منزعجة من الانتخابات المحلية التونسية

دوائر عربية وفرنسية منزعجة من الانتخابات المحلية التونسية

10 مارس 2018
مخاوف من تأثر الانتخابات بالانزعاج الفرنسي والعربي(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر حزبية تونسية، لـ"العربي الجديد"، عن انزعاجها من تصاعد موجة الانتقادات الفرنسية للوضع الداخلي في تونس، خصوصاً ما يتعلق بالانتخابات المحلية التي تجرى في 6 مايو/أيار المقبل، معربة عن تخوفها من أن تكون هذه المواقف المتواترة، الصادرة عن جهات فرنسية، مقدمة للتأثير على الانتخابات المقبلة. ولا تخفي هذه المصادر مخاوفها من انزعاج دول عربية أيضاً من هذه الانتخابات، خصوصاً ما يتعلق بالحكم المحلي وتراجع مركزية الدولة ودمقرطة القرار المناطقي وتوسيع دائرة القرار إلى الأطراف، بعد تركزه لعقود في العاصمة. وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كان أكد، أمام البرلمان التونسي أخيراً، أن "حالة الانتقال الديمقراطي في تونس تثبت بأن الإسلام لا يتعارض مع الديمقراطية"، إلا أن أكثر من جهة فرنسية مؤثرة خرجت عن واجب التحفظ، وأعلنت عن مواقف تظهر أنها لم تتخلص بعد من نوازعها الكولونيالية واعتبار الشأن التونسي شأناً فرنسياً.

وكان جان بيير رافاران، رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ ومؤسس منظمة "زعماء من أجل السلام"، حذّر من اكتساح الإسلاميين للسلطة في تونس. واعتبر رافاران، في تصريح لإذاعة فرنسية، أنه "وجب التحذير وإطلاق صافرة إنذار بضرورة مساعدة تونس، لأنها تمثل امتداداً للأمن القومي الفرنسي". وأضاف "يتعيّن علينا مساعدة تونس لأنها تمثّل حدودنا أيضاً، وهناك بيئة سياسية مؤاتية لصعود الإسلاموية وغزوها للحكم بشكل ديمقراطي".

وتعتبر المصادر التونسية أن هذا الموقف لرافاران مفاجئ ولافت للانتباه، بحكم أهمية هذه الشخصية وتأثيرها في دوائر القرار الفرنسي، ملمحة إلى أن مستشاره السابق، التونسي حكيم القروي، مقرب من ماكرون، إذ عملا معاً في بنك روتشيلد، وأنه وراء إعداد مشروع جديد يعمل على تحويل "الإسلام في فرنسا إلى إسلام فرنسي"، وأن هذا التقاطع بين هذه الشخصيات ينبئ بأن هناك نوايا فرنسية لم تتضح بخصوص تونس. وبرغم أن رافاران سبق له أن استقبل رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، في مكتبه في باريس عندما كان رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ولم يتحدث عن هذه المخاوف وقتها، إلا أن موقفه الأخير بدا قوياً وخارجاً عما هو متعارف عليه دبلوماسياً وسياسياً. ويبدو، بحسب ذات المصادر، أن القنوات التي يفتحها رافاران مع بعض الدوائر التونسية أدت إلى محاولة نقل هذه المخاوف إلى فرنسا، والتعبير عن هذا الموقف بهذه الشدة.

وتذكّر المصادر بموقف سفير الاتحاد الأوروبي، الفرنسي باتريس بيرقاميني، الذي وصف حركة النهضة بحزب جماعة الإخوان المسلمين. ورد، في تصريح لقناة "الحوار" التونسي، على تنديد "النهضة" بتصنيف تونس في إحدى القوائم السوداء، متسائلاً "هل هناك شخصية سياسية أو حزب يريد أن يمنع الأوروبيين والتونسيين من العمل معاً لمقاومة الاٍرهاب وتبييض الاموال؟ نتمنى ألا نكون قد قرأنا جيداً هذا البيان الذي يحتاج قطعاً إلى مراجعة". ولا تخفي المصادر تخوفها من أن يفضي هذا الانزعاج الفرنسي، بالأساس والعربي أيضاً، للتأثير على الانتخابات المحلية وحتى محاولة تعطيلها، مبدية استغرابها من تصاعد المخاوف من وجود حركة النهضة  في كل الدوائر الانتخابية، برغم أن هذا لا يعني نجاحها بالضرورة وأن هذا يمثل استباقاً لنوايا التونسيين ومصادرة لها. ومعروف أن دوائر عربية خليجية، خصوصاً في الإمارات وفي السعودية، تكنّ عداءً علنياً تجاه تيارات سياسية رئيسية في تونس، بحجة أنها تنتسب إلى تيار الإسلام السياسي. وقد أدت هذه الدوائر، ولا تزال، أدواراً غير سرية في محاربة حركة النهضة منذ انتصار الثورة التونسية. حتى أن هناك محاولات لتخريب ما نجح من الديمقراطية التونسية، من قبل جهات محسوبة على الإمارات، رسمياً، أكان عبر السفارة الإماراتية أم عبر محمد دحلان، القيادي الأمني المطرود من حركة "فتح"، المقرب من ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، يتم الكشف عنها بشكل دوري في تونس.