تونس: المجلس الأعلى للقضاء ينتخب رئيساً مؤقتاً

تونس: المجلس الأعلى للقضاء ينتخب رئيساً مؤقتاً

21 مارس 2018
انتقدت الهياكل القضائية واقعة بن عروس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يعقد المجلس الأعلى للقضاء التونسي، اليوم الأربعاء، جلسة عامة، لانتخاب رئيس مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء، بعد تأجيلها الأسبوع الماضي، وذلك خلفاً للرئيس المستقيل حاتم بن خليفة، وسط تقارير إعلامية عن تنافس القاضيين خالد عباس والهادي القديري على المنصب، في ظل التكتم الرسمي.

وطرحت استقالة بن خليفة، الأسبوع الماضي، علامة استفهام، حول مسار تكريس استقلالية السلطة القضائية عن باقي السلطات، وضمان حسن سير المرفق القضائي الذي عانى ويلات التهميش والاستهداف في الأنظمة السابقة.

ويتجاوز وقع استقالة بن خليفة، الخلافات الدائرة في أوساط الهياكل القضائية، لتلقي بظلالها على معركة أعمق ترتبط أطوارها باستقلالية السلطة القضائية، ودورها في إقامة العدالة في تونس ما بعد ثورة 2011.

ويعد استقلال القضاء وحياده ونزاهته، أبرز مطالب الثورة التونسية، التي أنهت حقبة من الانتهاكات والتجاوزات، بسبب الدكتاتورية وتسرّب الفساد والمحسوبية إلى أروقة جهات العدالة التونسية، كغيرها من مفاصل الدولة.

وأعاد عماد الخصخوصي المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى للقضاء، استقالة بن خليفة، إلى "مسائل داخلية" على حد تعبيره، موضحاً أنّ "خلافاً في تسيير القرارات، بين رئاسة مجلس القضاء والجلسة العامة لذات المجلس كانت وقوداً لدفعه نحو الاستقالة".

ولفت الخصخوصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الاستقالة حاصلة من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء فقط، وليس من عضويته، ولن تؤثر على تركيبة المجلس، ولا تمثّل شغوراً يستوجب التسديد بالانتخاب".

ويرى مراقبون أنّ تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء، أثّر على سير العدالة في تونس، عبر تكبيل المجلس الأعلى للقضاء عن القيام بدوره الدستوري، وذلك بعدم توفير الإمكانات المادية واللوجستية اللازمة له، فضلاً عن تجفيف منابع التصرف المالي الحر، مما يضرب مبدأ الاستقلالية المالية لهذه السلطة، ويعيدها إلى مربع التبعية إلى الجهاز التتفيذي.

ويتجاوز صراع السلطات في تونس، تفاصيل الإجراءات وجزئيات القوانين، إلى التدافع بين أطراف السلطة، وهو ما كشفته أحداث محكمة بن عروس الأخيرة، إذ حاصر عشرات النقابيين الأمنيين المحكمة، على خلفية إيقاف 3 عناصر شرطة، يعملون في منطقة حمام الأنف بتهم الاعتداء وتعذيب موقوف ينتمي إلى تيار متشدد، تم الإيقاع به في قضايا حق عام.

وأفرجت المحكمة عن الموقوفين، بعد اعتصام وضغط النقابيين، وهو ما لقي احتجاجاً واسعاً، من الهياكل القضائية والمنظمات الحقوقية التي ندّدت بشدة، بانتهاك السلطة التنفيذية لصلاحيات السلطة القضائية، واعتبرت الإجراء ضرباً لاستقلالية القضاء، ومسّاً بسلطة العدالة وإنفاذ القانون والدستور.


واعتبرت انتفاضة المجلس الأعلى للقضاء، بمجالسه الثلاثة؛ العدلي والمالي والإداري، ضد هذه الواقعة، بمثابة دق ناقوس الخطر حول استقلالية السلطة القضائية.

ويؤثر اهتزاز المجلس الأعلى للقضاء، وارتباك أعماله، في توازن السلطة القضائية ككل، لاعتبار أنّ المجلس مطالب بتعيين ثلث أعضاء المحكمة الدستورية (4 أعضاء)، في حين ينتخب البرلمان الثلث الآخر، ويعيّن رئيس البلاد الباجي قائد السبسي الثلث الأخير، لتكتمل بذلك تركيبة المحكمة الدستورية المتكونة من 12 عضواً.