خلافات بطرابلس على خلفية اجتماعات القاهرة... وتزايد رافضي حفتر

خلافات في طرابلس على خلفية اجتماعات القاهرة... وتزايد رافضي حفتر

20 مارس 2018
اجتماع القاهرة لبحث موقع حفتر بالجيش (فاسيلي ماكسيموف/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش العاصمة الليبية طرابلس، خلافات حادة بين مكوناتها السياسية المتمثلة في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة، والمرتبطة بالمجموعات المسلحة المنتشرة في العاصمة ومدن غرب ليبيا، على خلفية اجتماعات تحتضنها القاهرة لـ"توحيد مؤسسة الجيش"، والتي تعمل أساسا على إفساح مجال لوجود اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، في منصب عسكري رفيع، بموافقة ودعم من رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج.

وبحسب مصادر مطلعة ومقربة من المجلس الرئاسي، فإن السراج كان، طيلة الفترة الماضية، يسعى إلى استقطاب ولاءات مجموعات مسلحة في عدة مدن ليبية، أبرزها طرابلس ومصراته، بهدف الاحتماء بها و"حماية مساره" الذي يهدف إلى احتواء حفتر ومجموعاته المسلحة ضمن سلطته، لا سيما وأن اللواء الليبي المتقاعد، المرفوض من قبل جزء كبير من "ثوار ليبيا"، يشكل عقبة أمام أي تسوية سياسية في البلاد.

وأفادت المصادر بأن إعلان المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الأعلى للدولة، عبد الرحمن السويحلي، استقباله، الأسبوع الماضي، عددا من ضباط عملية "البنيان المرصوص"، يأتي كخطوة احتجاجية لتقارب السراج مع حفتر.

وقد أكد مكتب السويحلي، نهاية الأسبوع الماضي، أنه استقبل وفداً من "البنيان المرصوص"، على رأسهم العميد عبدالفتاح قنيدي، وهو ضباط سبق وأن أعلن السراج فصله من الخدمة العسكرية بسبب تصريحاته التي هدد فيها القاهرة، بعد قصف طائراتها مدينة درنة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث تضمّن لقاء السويحلي بالقيادات العسكرية، تصريحات اتهمت السراج بـ"تهميش "البنيان المرصوص" وإهمال جرحاها ووقف دعمها".

كما عكس قرار حكومة السراج، أمس، بإقالة محمد الغصري، الضابط البازر في عملية "البنيان المرصوص" كمتحدث باسم وزارة دفاع حكومة الوفاق، جزءا من الخلافات الدائرة في طرابلس، لا سيما بعد تصريح الغصري رفضه لقاءات القاهرة ونتائجها، معلنا بشكل صريح رفضه لوجود حفتر ضمن المؤسسة العسكرية.

وأفادت المصادر ذاتها بأن "السراج عمل حثيثا، على امتداد أشهر، لاحتواء وتقريب عدة ضباط وكتائب قوية من مصراته للدخول في مفاوضات القاهرة، موفدا ممثلين عن مصراته، من بينهم اللواء سالم حجا، الذي يحظى بشعبية كبيرة بين ضباط وعسكريي مصراته، بالإضافة إلى ممثلين عن كتيبة الحلبوص، ولواء المحجوب، أقوى كتائب مصراته، والذين شاركوا في عدد من لقاءات القاهرة، بهدف تحييد وعزل المجموعات المسلحة التي تعارض التقارب مع حفتر، والتي لم تعد تمتلك مظلة شرعية تحميها سوى عملية "البنيان المرصوص" والتي اكتسبت رصيداً دولياً، عقب تمكنها من طرد "داعش" من سرت".

وفي طرابلس، أفادت المصادر بأن قرار السراج تعيين عبد الباسط مروان آمرا لمنطقة طرابلس العسكرية وترقيته إلى رتبة لواء، الأسبوع الماضي، يأتي في سياق المساعي ذاتها الرامية إلى تقريب شخصيات عسكرية مؤثرة في طرابلس.

ورغم أن الخلافات الناجمة عن تقارب السراج وحفتر لم تتفجّر على نحو علني، إلا أن إعلان مديرية أمن طرابلس، أمس الإثنين، عن تحذيرها مما وصفته بـ"محاولات دنيئة هدفها غرس الفتن وزعزعة الأمن، من خلال استغلال حق التظاهر وحاجات المواطن البسيط لتحقيق مآربهم"، قد تعكس شيئا مما يدور في كواليس الخلافات، حيث أشيع أن الحكومة رفضت طلبا للإذن بإطلاق مظاهرات رافضة لاجتماعات القاهرة.

وبيّنت المصادر أن السراج، الذي كان يدعم لقاءات القاهرة بشكل غير صريح، أعلن، في الرابع من الشهر الجاري، بشكل ضمني، رعايته لهذا المسار، عندما نشر مكتبه الإعلامي صورا تجمعه بسالم حجا وضباط آخرين من طرابلس ومصراته لمناقشة نتائج لقاءات القاهرة.

وكشفت المصادر أن "لقاءات القاهرة في مراحلها الأخيرة، وأن حفتر شخصيا حضر جزءا منها، حيث ينتظر إعلان نتائجها قريبا بعد تقاسم الأدوار داخل المؤسسة العسكرية"، لافتة إلى أن "عدة نقاط تمت بلورتها والاتفاق عليها، من بينها منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تم تأجيل النظر فيها إلى ما بعد الانتخابات".


وبحسب المصادر "سيتولى حفتر منصب القائد العام للجيش، بينما يتولى أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق، منصب وزير الدفاع، وسالم حجا منصب رئيس الأركان".

وفي غضون ذلك، تعالت الأصوات الرافضة لمساعي القاهرة في غرب البلاد، إذ نشرت وسائل الإعلام الليبية، خلال الساعات الماضية، تصريحات عديدة للقادة العسكريين الرافضين لوجود حفتر ضمن مؤسسة الجيش.

وفي السياق، أعلن مدير الإسناد الأمني في مدينة غريان، العقيد مفتاح شنكادة، رفضه توحيد الجيش تحت قيادة حفتر، وقال "حفتر استعان بالإمارات ومصر لضرب درنة، وضباط المنطقة الغربية لن يتحالفوا معه لهذا السبب".

أما رئيس المجلس العسكري صبراتة، الطاهر الغرابلي، فقد أكد أن "الاجتماع ليس معروضا على الجيش الليبي، بل بضغوطات خارجية من بعض الدول من دون خطة واضحة"، مضيفا أن "أي اتفاق بين السراج وحفتر هو تعميق للانقسام، ونرفض أي اتفاق بين مدني وعسكرى خارج الأطر القانونية، ونطالب بتنفيذ القوانين العسكرية"، مشيرا إلى أن "مشاركة الساسة في هذه الاجتماعات غرضها التسويق السياسي".

وقال المتحدث باسم المجلس العسكري مصراتة، إبراهيم بيت المال "لا نثق في قدرة حفتر وحياديته حتى يتمكن من تكوين الجيش"، مضيفاً "لن نقبل بأسير حرب مطلوب دوليا لقيادة الجيش الليبي، ونوجه الدعوة لكل الضباط الشرفاء إلى الاجتماع والالتفاف لتكوين جيش على الأراضي الليبية وليس خارجها".