التطبيع بالغاز... مدخل بائس

التطبيع بالغاز... مدخل بائس

22 فبراير 2018
نتنياهو أعلن "العيد" بعد الاتفاق (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -

هل كان بنيامين نتنياهو مضطراً لإعلان "العيد"، بسحب 15 مليار دولار إلى خزينة دولة الاحتلال من اتفاقية غاز أخرى، بعدما أتحفنا "الإعلام" في القاهرة عن "الاكتفاء الذاتي" و"عبقرية الزعيم"؟ لم يكن نتنياهو، المأزوم داخلياً، مضطراً إلى ذلك إلا من بوابة توجه أوسع لترسيخ حمّى التطبيع التي تسري في منطقتنا. ففي ميونخ لم يخف تفاخره بمسارات أخرى للعلاقة مع العرب، والمسلمين. الوفود التي تحج إلى تل أبيب، تزامناً مع تصريحات رسمية وشبه رسمية عن أولويات التلاقي بين بعض العرب والاحتلال، تصبّ في تسويق وترسيخ غير الطبيعي كأكثر من طبيعي. حتى هؤلاء الذين يحللون في السياسة بلسان عربي من مدن الغرب يذهبون اليوم لتسويق التطبيع كفضيلة من بوابة أن "إسرائيل أمر واقع لا بد من الاعتراف به"، فيتلقفه مواطنون عاديون رغبة بالعمل في خدمة الموساد نكاية بإيران.

ثمة أسئلة كثيرة عن فوائد انخراط تطبيعي لجنرالات الحكم العربي، وما أكثرهم اليوم، وبعضهم يرى في تقاعده اندفاعاً آخر للتعبير عن الموقف الرسمي المستتر، يتجاوز حتى نقد "أصدقاء إسرائيل" في سياساتها "لأجل مصلحتها"، كما يرددون. فهؤلاء، في مواقع "بحثية" واستشارية، يرون أن الارتماء العربي في أحضان الصهيونية "مكسب لشرعية سياسات" الحكم، وترسيخ غير الشرعي من خلال الصمت والتسويق الغربي. هذا رغم الشكوك المثارة عن قدرة التسويق الصهيونية الخارقة وتراجع المحرمات عن "إسرائيل" عما كانت في عقود سابقة.

يبرر البعض اتفاقية الغاز الأخيرة بأنها "لشركة خاصة"، لكنهم يتجنّبون الخوض في مسؤوليات الدولة "المكتفية ذاتياً"، كما في كل بلد يسعى لتسييج مصالحه بالقانون، بما فيها تمرير أنابيب الغاز، كما في معضلة روسيا مع "نوردستريم 2" في البلطيق، في السماح للشركات بشراء غاز غير غازها المنتج "وطنياً"، على افتراض أنه كذلك، كما أشاع الإعلام المطبل قبل أسابيع لحقل ظهر في مصر. فجأة صار النقاش عن منافسة قطر وتركيا.

في مقابل هذا المشهد، المحوّل لـ"دول عربية مركزية" إلى حجم ودور ضئيل، تتجاوزه جمهورية البوسنة والهرسك، بمليارات لترامب ونتنياهو، ثمة مشهد متصاعد في الغرب تحت عنوان "قاطعوا إسرائيل". ولم تعد المقاطعة، رغم محاولات تجريمها، تقتصر على نشطاء، بل تجاوزت ذلك إلى المستوى الأكاديمي والبرلماني. فكيف يلهث بعض العرب نحو التطبيع فيما غربيون يصرون على ضرورة محاسبة دولة الأبرتهايد ويقاطعون دولة الاحتلال، ويسعون لتمرير قوانين تشبه ما جرى مع نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا؟​