الجزائر: وعيد النهج الأمني

الجزائر: وعيد النهج الأمني

04 ديسمبر 2018
يعرف عن أويحيى أنه كثير الوعيد (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -
أحمد أويحيى الذي يطرح اسمه في الغالب ضمن قائمة أبرز المرشحين المفترضين لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يعلن مبكراً عن برنامجه الانتخابي. يقول للجزائريين إن "الدولة تزودت بقوات هائلة من الشرطة والدرك استفادت من تكوين نوعي لاحتواء أية محاولة لخلق الفوضى والبلبلة في الأحياء والملاعب وعلى الطريق العمومي". هذا بعض من وعيد أويحيى، وبعضه الآخر أن البلد مقبل على سنوات "صعبة وعجاف"، رغم آبار النفط التي لا تعد وحقول الغاز التي لا تحصى.

أويحيى، الذي يشغل منصب رئيس الحكومة جيئة وذهاباً منذ عام 1997، لم يعد الجزائريين بوعد إلا أوفى به، فلم يشهد الجزائريون في سنوات إدارته للحكومات المتعاقبة أكثر من خصخصة المؤسسات وتسريح العمال. ولا يذكر له الجزائريون أقل من قضم أجور العمال ذات عام وندرة الحليب والزيادة في أسعار الوقود وقمع التظاهرات.

يحاول أويحيى أن يكون الحجاج بن يوسف، وبين أويحيى والحجاج خصال مشتركة، كلاهما كان مستوزراً لدى السلطان، وكلاهما كان كثير الوعيد. والحقيقة التي لا تغيب عن أويحيى نفسه أن الحل ليس في أن تتزود الدولة بأعداد إضافية من الشرطة والدرك وبمهاراتهم، (وإن كان الأمن من مقومات الدول والمجتمعات)، لكن في أن تتزود أولا بالكوادر والعلماء والباحثين من ذوي المقدرة على إبداع الحلول لمشكلات البلد المزمنة، وأن تخلي المناصب للكفاءات الحكومية الماهرة، على أساس الكفاءة في التدبير الاقتصادي والتخطيط في الإعمار والإنفاق العقلاني للمال العام، وليس على أساس الولاء.

خلال السنوات العشر الأخيرة تضخم الجهاز الأمني في الجزائر بشكل كبير، وارتفع عدد رجال الشرطة من 60 ألفا عام 1994 إلى حدود 209 آلاف عام 2014، ومقرر أن يبلغ ربع مليون عنصر بحلول عام 2020، وتحتل الجزائر المرتبة السادسة في العالم من حيث عدد أفراد جهاز الأمن مقابل عدد السكان، بمعدل 425 شرطيا لكل 100 ألف. ومع ذلك فإن منحى الجريمة بكل أشكالها في تصاعد، والدولة أعجز ما تكون عن السيطرة على أرصفة الطرق وفي تنظيم الزحام المروري.

لم تكن أمنجة البلد والشارع حلاً، جرب زين العابدين بن علي الحل الأمني في تونس لكنه انتهى لاجئاً مطارداً، وجرب معمر القذافي القبضة الأمنية في ليبيا لكن المطاف انتهى به هارباً في قناة صرف صحي، وجرب صدام حسين أن يزرع الخوف في كل بيت وبلدة في العراق لكنه انتهى مختبئاً في حفرة. زراعة الهراوات لا تنتج الخوف مطلقاً بقدر ما تنتج مزيداً من التمرد، واستكثار الشرطة والجندرمة لا يصنع الأمن. العدالة في الإلزام بالواجبات والعدل في الحقوق وتكافؤ الفرص وحده ما ينتج الأمن ويسدل السلم، الباقي عبارة عن مغامرات ليس إلا.