الدعم الإسرائيلي للجيش المصري في سيناء: غارات رغم الخيبة

الدعم الإسرائيلي للجيش المصري في سيناء: غارات رغم الخيبة

05 ديسمبر 2018
الجيش المصري يعجز عن مواجهة التنظيم (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -


لم تعد حكومة الاحتلال الإسرائيلي تخفي امتعاضها من عدم قدرة الجيش المصري على التعامل مع تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، وصحافتها تتحدث صراحة عن دعم الاحتلال للجيش المصري في حملته. وصدر تقرير، يوم الأحد الماضي، في صحيفة "معاريف"، مفاده بأن "إسرائيل اتخذت قراراً بعودة نشاطها الميداني في سيناء، من خلال شنّ غارات على أهداف هناك خلال الساعات الماضية". وذكرت الصحيفة أن "تقديرات كل من الجيش والمخابرات الإسرائيليين تفيد بأن الجيش المصري عاجز عن تصفية تنظيم ولاية سيناء، رغم المساعدات التي تقدمها إسرائيل ودول غربية عديدة".

في هذا السياق، ذكر معلق الشؤون المخابراتية في "معاريف"، معدّ التقرير، يوسي ميلمان، أن "عدداً من كبار قادة الأجهزة المخابراتية أبلغوه، مطلع العام الحالي، أنهم يتوقعون أن يتمكّن الجيش المصري من إلحاق هزيمة كبيرة بداعش بحلول نهاية العام"، مستدركاً أن "كل المؤشرات تدل على أن المصريين باتوا أعجز من أن يتمكنوا من تحقيق هذا الهدف". وأشار إلى أنه "على الرغم من جهود الجيش المصري والمساعدات التي يحصل عليها من إسرائيل والغرب، فإن الآلاف من عناصر التنظيم ما زالوا يعملون في منطقة شمال سيناء"، مشيراً إلى أن "عناصر التنظيم الذين فرّوا من سورية والعراق عززوا من قدرة التنظيم على العمل في المنطقة".

كما كشف التقرير عن أن "الأجهزة المخابراتية والأذرع العسكرية الإسرائيلية التي تعكف على تقديم مساعدات للجيش المصري في حربه ضد التنظيم تشمل: شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)؛ وجهاز المخابرات الداخلية (الشاباك)، الذي دشن لواء خاصاً مسؤولاً عن مواجهة التنظيم؛ وجهاز الموساد، وسلاح الجو. وفي ذلك إشارة إلى استمرار غارات الجيش الإسرائيلي على سيناء، بالإضافة إلى استهداف عناصر من التنظيم وكذلك مهربين على الحدود من خلال غارات دقيقة.

ميدانياً، شهدت الساعات الماضية غارات مكثفة للطائرات الحربية الإسرائيلية في مناطق غرب مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، خصوصاً منطقتي بلعا وحي الرسم، التي فشل الجيش المصري على مدار الأسابيع الماضية في اقتحامها، بسبب تصدي مجموعات عسكرية تابعة لتنظيم "ولاية سيناء" لهذه الحملات العسكرية، ما أدى إلى فشلها، كما جرى في عدد من قرى جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد على مدار الأشهر الأخيرة من العملية العسكرية الشاملة، التي اقتربت من دخول الشهر العاشر من دون تحقيق نتائج حاسمة بشأن القضاء على "ولاية سيناء"، وفي ظلّ استمرار هجمات التنظيم بصورة لافتة في الآونة الأخيرة بعد أن قل عددها في بدايات العملية العسكرية الشاملة.

في هذا الإطار، أفادت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" بأنها "ليست المرة الأولى التي تقع فيها استهدافات إسرائيلية في سيناء، خصوصاً في حال تعثر الجيش المصري. وهذا ما حصل أخيراً في مدينتي رفح والشيخ زويد، بعد أن فشلت حملات الجيش المصري في الوصول إلى قرى عدة جنوبي الشيخ زويد وغرب مدينة رفح وجنوبها، ما حدا بالجانب الإسرائيلي للتدخل، سواء بتحليق الطائرات الحربية من دون طيار في سماء تلك المناطق، أو بقصف جوي من الطيران الحربي، أدى إلى وقوع خسائر مادية وبشرية، في ظل صمت مصري مريب حيال هذا الاختراق الأمني لحدود الجمهورية".



وأضافت المصادر أن "الطائرات الإسرائيلية استهدفت خلال الأشهر الماضية أهدافاً حساسة لولاية سيناء راح ضحيتها مسؤولون في التنظيم، فضلاً عن ضرب معدات وآليات متعددة في مناطق متفرقة من سيناء، لم يكن الجيش المصري باستطاعته الوصول إليها. ولولا تمكن الإسرائيليين من الوصول إلى معلومات دقيقة لما استطاعت قصفها، وتحقيق خسائر حقيقية في صفوف التنظيم. وهذا ما أعلن عنه ولاية سيناء أخيراً بمقتل عدد من قياداته الميدانية في غارات جوية من طائرات مصرية وإسرائيلية، وفق ما جاء في الإصدار المرئي الأخير للتنظيم قبل أسابيع عدة".

وما يزيد حرج الجيش المصري في سيناء أنه يتلقّى مساعدات مخابراتية أيضاً من وكالة المخابرات الوطنية الأميركية "أن أس آي" ووكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه"، والمخابرات الفرنسية، و"أم أي 16" البريطانية، و"بي أن دي" الألمانية، مع إشارة التقرير إلى أن السيسي أوكل مهمة القضاء على تنظيم "ولاء سيناء" إلى كل من المخابرات العامة والمخابرات العسكرية، مشيراً إلى أن قائدي كل من الجهازين، عباس كامل ومحمد الشحات، يرتبطان بعلاقة وثيقة بنظرائهما الإسرائيليين.

وحول ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل باتت تضيق ذرعاً من أداء الجيش المصري في سيناء، بعد مرور خمس سنوات كاملة على محاولات القضاء على المجموعات المسلحة في سيناء، إلى أن بات تنظيم ولاية سيناء المسيطر الفعلي على مناطق من سيناء، رغم العملية العسكرية الشاملة، والجهد الإسرائيلي الاستخباري والعسكري على حد سواء. ما يضع علامات استفهام على جدوى العملية الشاملة، وعلى الوجود العسكري المصري الكبير في سيناء، من دون تحقيق أي نتائج ملموسة ترضي إسرائيل بالحد الأدنى".

وأضاف الباحث أن "ما سبق كان في الشق المصري، أما في الشق الإسرائيلي فإنه في الوقت الذي تغضب فيه إسرائيل من ضعف أداء الجيش في مواجهة التنظيم، فإن إسرائيل باتت أكثر ارتياحاً لاستعدادات الجيش المصري للحروب، وأقل خوفاً من قدرات الجيش في مواجهتها على عكس العقود الماضية، إذ إن الحال في سيناء يمثل سمعة سيئة للجيش المصري الذي أحضر كافة قدراته البرية والبحرية والجوية للقضاء على تنظيم، في مواجهة جيش يملك كل المعدات والمعلومات الاستخبارية بمعاونة الأجهزة الأمنية الدولية، بما فيها إسرائيل".

واعتبر أن "على الدولة المصرية إعادة النظر في استراتيجية التعامل مع سيناء، وإنهاء حالة المهزلة التي تحصل بحق الجيش المصري، الذي بات ينتظر تقييم أدائه من الجهات الإسرائيلية، إذ تم تناسي أهمية البوابة الشرقية لسيناء التي لطالما كانت مدخلاً للحروب على مدار العقود الماضية، فيما باتت الحروب منها وفيها، في ظل ضعف آليات التعامل مع التنظيم، وتحمل المدنيين لفاتورة الحرب التي لا يرى لها نهاية في الوقت الحالي، مع استمرار هجمات تنظيم ولاية سيناء رغم العملية العسكرية الشاملة في كافة مناطق سيناء".



المساهمون