خطة للشيخ زويد: العودة للقرى مقابل محاربة "ولاية سيناء"

خطة أمنية لتحسين أوضاع الشيخ زويد: العودة للقرى مقابل محاربة "ولاية سيناء"

23 نوفمبر 2018
تعاني مدينة العريش في الفترة األأخيرة (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -



سمحت الأجهزة الأمنية المصرية أخيراً بتنفيذ خطة جديدة تتمثل في تحسين أوضاع المواطنين في مدينة الشيخ زويد، الواقعة بين مدينتي رفح والعريش بمحافظة شمال سيناء، من خلال إعادة خطوط الكهرباء وأبراج شبكات المحمول المعطلة منذ أكثر من أربع سنوات، بالتزامن مع استمرار هجمات تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، مما يطرح أسئلة عن سبب هذه الخطة الجديدة التي يجري تنفيذها.

وفي التفاصيل، قال مسؤول حكومي في مجلس مدينة الشيخ زويد لـ"العربي الجديد" إن "الأجهزة الحكومية بدأت بتحسين أحوال المدينة بتسهيل كامل من الأجهزة الأمنية المختصة، ومن أبرز أوجه هذه الخطة، إعادة الحياة للمدينة والقرى المحيطة بها بفتح الطرق وإعادة ترميمها بشكل كامل، بالإضافة إلى بدء تشغيل شبكات المحمول المفصولة منذ أربع سنوات. وكانت البداية من شركة (أورانج) بأن أدخلت بطاريات واحتياجات تشغيل أبراجها، عدا عن السماح بإدخال كميات من الإسمنت للمدينة للمرة الأولى أيضاً منذ أربع سنوات، فيما بدأ الحديث عن إنارة كافة مناطق المدينة كما كان عليه الحال سابقاً، وكذلك حرية الحركة من وإلى المدينة عبر حواجز الجيش المصري المنتشرة على طول الطريق الدولي ومحيطه".

وأضاف المسؤول الحكومي أن "الحديث يدور عن خطة جديدة أقرتها القيادة الأمنية والعسكرية، تتمثل في إعادة الحياة بشكل كامل إلى المدينة، وتوفير كل ما يلزم من احتياجات المواطنين، على صعيد البنى التحتية وبناء المنازل، وفتح الطرق، وتسهيل الحركة التجارية الداخلية والخارجية للمدينة، عدا عن الطلب من كافة الجهات الحكومية إعادة تفعيل نشاطها بشكل كامل في المدينة خلال المرحلة المقبلة، وتقديم أي طلبات للقيادة الأمنية لكي تسهل دخولها. مما يشير إلى معاملة مدينة الشيخ زويد بذات الصيغة التي يجري التعامل فيها مع مدينة العريش، مع إخراج مدينة رفح خارج كل هذه الخطط الحكومية".

مع العلم أن عشرات آلاف المواطنين من سكان مدينتي رفح والشيخ زويد تركوا منازلهم بفعل العمليات العسكرية على مدار الأعوام الماضية، فيما ترك آلاف المواطنين منازلهم بقرار من الجيش المصري بإخلاء قرى جنوب مدينة الشيخ زويد، عدا عن أن انعدام فرص الحياة في المدينة أجبر عائلات مركز المدينة على تركها، واللجوء إلى مناطق أكثر حيوية كالعريش وبئر العبد، أو خارج سيناء كلها باتجاه مدينة الإسماعيلية. ولم يعد هؤلاء يفكرون بالعودة في الوقت الحالي في ظل استمرار الهجمات بين التنظيم والجيش، التي تنذر ببقاء حالة الظلم بحقهم من حيث القتل أو الاعتقال أو الاختفاء كما حصل مع عشرات المواطنين من أبناء سيناء على مدار الأعوام الخمسة الماضية.



وفي التعقيب على ذلك، قال أحد مشايخ سيناء من مدينة الشيخ زويد لـ"العربي الجديد" إن "الأجهزة الأمنية المصرية بدأت بالتواصل مع مشايخ سيناء بخصوص عودة أبناء مدينة الشيخ زويد والقرى المهجرة في محيطها خلال أقرب فرصة ممكنة، في مقابل أن يتصدى أبناء المدينة والقرى المحيطة بها لتنظيم (ولاية سيناء) الذي ما زال نشطاً في مناطق الشيخ زويد، بل زادت هجماته في الآونة الأخيرة. إلا أن هذا الأمر قوبل برفض من غالبية المشايخ الذين جرى التواصل معهم أخيراً، بعد أن دار نقاش داخلي بخصوص هذا العرض المقدم. وكان الجواب أنه يجري إعادة أبناء المدينة وقراها من دون أي شروط مسبقة، وعدم الدخول في أي معركة لصالح أي جهة كانت. ويمثل هذا الموقف مبدأ معتمدا لدى غالبية أبناء سيناء منذ بدء العمليات بين التنظيم والجيش المصري قبل أكثر من خمس سنوات".

وأضاف الشيخ أنه "على الرغم من حالة الرفض القائمة لهذه الخطة بشقها المتعلق بتدخل أبناء المدينة ضد التنظيم، إلا أن الخطة الحكومية ما زالت مستمرة في الوقت الحالي على أمل أن يغير المشايخ رأيهم في وقت لاحق بعد معاينة التسهيلات بصورة عملية على أرض الواقع، أو أن تؤدي التسهيلات إلى تخفيف حدة الأزمة الأمنية الراهنة". وأشار إلى أن "هذا القرار جاء في ظل فشل الخيار الأمني البحت في مواجهة تنظيم ولاية سيناء، والقناعة بضرورة تشكيل حاضنة شعبية لمواجهة الإرهاب في سيناء، وليس تدفيع المواطنين العزّل ثمن هذه المواجهة العسكرية التي لا يبدو أن لها نهاية في الوقت القريب".

في هذا السياق، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" إن "هذه الخطة تمثل أبرز اعتراف بفشل العملية العسكرية الشاملة ومن قبلها فشل اتخاذ المسار الأمني والعسكرية في معالجة الأزمة في سيناء، وتدفيع المواطن البريء ثمن وجود الإرهاب في مناطقه، رغم رفضه الواضح لهذا الإرهاب بل تضرره المباشر منه إثر طبيعة النظرة التي يتعامل بها التنظيم مع أبناء سيناء، والتي لا تقل في دونيتها عن نظرة النظام المصري إلى أبناء سيناء". وأضاف أن "أبناء سيناء رفضوا أن ينضموا لأي طرف في المواجهة القائمة قبل تعرّضهم لكل هذا الدمار، فهل من المعقول أن يقفوا إلى جوار النظام المصري بعد أن فعل كل ما فعل بحقهم على مدار السنوات الخمس الماضية".

وأضاف الباحث أن "خطة تحسين الحياة في سيناء قد تؤتي ثمارها بصورة جزئية في ملفات عدة، تهم الأجهزة الأمنية المصرية، إلا أنها وبكل تأكيد لن تعيد الأمن إلى سيناء، بعد أن أضاع النظام المصري بخططه الفاشلة كل أسس الثقة بينه وبين المواطن في سيناء على مدار السنوات بل العقود الماضية". ولفت إلى أن "قدرة الأجهزة الأمنية المصرية على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل خمس سنوات من ناحية تحسين الحياة في مدن محافظة شمال سيناء، تشير إلى مسؤوليتها عن سوء الأحوال الإنسانية في سيناء، وليس أي طرف آخر. وهذا يمثل اعترافا آخر بأن النظام المصري يتلاعب بمصير عشرات آلاف المواطنين لتجريب خطط فاشلة في سيناء".

مع العلم أن هجمات تنظيم "ولاية سيناء" ضد قوات الجيش في مدينتي رفح والشيخ زويد باتت بشكل يومي، وتوقع خسائر مادية وبشرية فادحة في صفوف القوات، التي تحاول دخول قرى جنوب وغرب المدينتين منذ أشهر، بعد أن أفل نجم العملية العسكرية الشاملة التي بدأها الجيش في 9 فبراير/شباط الماضي، من دون تحقيق النتائج المطلوبة منها على صعيد إنهاء وجود تنظيم "ولاية سيناء" في المنطقة على غرار بقية مناطق تنظيم "داعش" في سورية والعراق، أو مشاريع تنمية سيناء التي جرى الحديث عنها كمرحلة لاحقة لإنهاء وجود التنظيم في سيناء.