أيام قرطاج السياسية

أيام قرطاج السياسية

02 ديسمبر 2018
لا تختلف أيام قرطاج السياسية عن السينمائية(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -


في تونس أيام قرطاج السينمائية والمسرحية والموسيقية والشعرية. أيام قرطاج لكل شيء استغلالاً لاسم قرطاج الذي يعتبر علامة تاريخية تجارية يمكنها أن تروِّج لأي فكرة أو مشروع. وأذكر أن الشاعر الراحل الكبير، سعيد عقل، قال لي ذات يوم في بيت الراحل منصور الرحباني، إنه طلب من الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة ذات يوم أن يغير اسم تونس إلى قرطاج، لكن هذا موضوع آخر لا علاقة له بهذا الشأن، فنحن لا ينقصنا اليوم إلا أيام قرطاج السياسية، وهي تظاهرة رائجة في تونس بالمناسبة وتمتد على كامل العام، ولها جمهور كبير يتابعها غصباً عنه، يستمتع بها حيناً ويتأذى بها أحياناً كثيرة.

ولا تختلف أيام قرطاج السياسية عن نظيراتها المسرحية والسينمائية، فلها نجومها وسجادها الأحمر، وما أكثر الكومبارس فيها والحالمين بدور على هامشها، ولها حلقاتها التشويقية ومساراتها التسويقية وممولوها من الداخل والخارج. لكن الجمهور لا يعرف من سيفوز في نهاية المهرجان، وربما ما يعرفه فقط أنه سيكون خاسراً كبيراً إذا تواصل الحال على ما هو عليه، ولم ينتبه ساسته إلى أنهم معنيون بأمر شعب جميل يستحق أكثر مما يلقى هذه الأيام.

ما يحدث في تونس اليوم من صراع سياسي أدخل الخوف على كثير من الناس. أولئك البسطاء الذين لا يهمهم من السياسة غير تحسين الأحوال، أحسوا أن نبرة الخطاب السياسي تغيرت وأخذت منعرجاً لم يعهدوه على مدى السنوات الماضية، برغم أن سيل الاتهامات المتبادلة لم يتوقف يوماً. وشعروا أن الأمور أصبحت خطيرة وقد تعيد إلى الأذهان ذاك الاصطفاف/الانقسام الذي حدث نهاية 2012 و2013. ولا يفهم التونسيون لماذا كل هذا التشنج وكل هذا العراك، وهل يستحق الأمر كل هذا العناء؟ وهم لا يفهمون لمَ لا يختلف النواب والزعماء على إصلاح طريق أو بناء مستشفى أو تأسيس جامعة؟ ولماذا لا ينتبه المسؤولون والزعماء إلى أن الامتحانات متوقفة منذ أسابيع، والبرد في الطريق، والناس يعانون والحالة تعبانة؟ وقد تكون هذه عادة النجوم والنجمات، لا يأبهون إلا لفساتينهن وربطات عنقهم بينما الجمهور يختنق على قارعة الطريق.

المساهمون