محاولة برلمانية سادسة لاستكمال الحكومة العراقية: الحلحلة رهن التنازلات

محاولة برلمانية سادسة لاستكمال الحكومة العراقية: الحلحلة رهن التنازلات

17 ديسمبر 2018
من المرجح أن يفشل البرلمان اليوم حكومياً(فرانس برس)
+ الخط -

في محاولة هي السادسة من نوعها في غضون أقل من خمسة أسابيع، يسعى البرلمان العراقي لإنهاء أزمة استكمال ما تبقى من وزراء حكومة عادل عبد المهدي، وسط استمرار الخلافات بين القوى السياسية المختلفة حيال مرشحي الوزارات الثمانية المتبقية، وهي الدفاع والداخلية والعدل والتخطيط والهجرة والتربية والتعليم العالي والثقافة، بسبب خلفياتهم الحزبية أو انتماءاتهم الخارجية.

وقاد كل من الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي خلال اليومين الماضيين، جهوداً كبيرة مع مختلف أطراف الأزمة بغية التوصل لحلّ ينهي ملف تشكيل الحكومة والبدء ببرنامجها الوزاري، الذي وافق عليه البرلمان في جلسة منح الثقة في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفشلت جلسات البرلمان السابقة في التصويت على الأسماء التي لم تتغير منذ تقديمها للمرة الأولى، ولم ينته الخلاف حول المرشح لوزارة الداخلية فالح الفياض، المقرّب من إيران، وأبرز المعترضين على اختياره، هو مقتدى الصدر ونوابه في البرلمان. وفي الوقت نفسه ترفض جبهة "سائرون" مرشح وزارة الثقافة المطروح من قبل حركة "صادقون"، وهي الجناح السياسي لمليشيا "العصائب"، بالإضافة إلى عدم اتفاق "ائتلاف الوطنية"، وتحالف "المحور الوطني" على مرشح وزارة الدفاع.

في موازاة ذلك كشفت مصادر كردية لـ"العربي الجديد"، عن "استمرار الخلاف بين الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان (الديمقراطي والاتحاد الوطني) على منصب وزير العدل". ونفس الحال مع وزارة الهجرة والمهجرين، التي لا يقبل سياسيو المكوّن المسيحي بتركها، وأبرزهم زعيم مليشيا "بابليون" ريان الكلداني.

ولا يبدو أن جلسة اليوم الثلاثاء، ستنهي أزمة الفراغ السياسي والاشتباك في الوقت ذاته، على الرغم من الاجتماعات والنقاشات الحزبية المطولة في الأيام الماضية، إلا أنها انتهت ببقاء الحال كما هو عليه، وفي السياق، قال عضو في تحالف "البناء" بزعامة هادي العامري، إن "فالح الفياض يتمسك بترشيحه لحقيبة الداخلية ليس برغبة منه بل من التحالف الذي رشحه (البناء). وعلى الرغم من الاجتماعات الداخلية للتحالف بهدف استبداله، إلا أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وأطرافا شيعية أخرى مقرّبة من طهران، ترفض استبداله كونه أصبح نداً للصدر".

وكشف لـ"العربي الجديد"، أن "الضغوط الإيرانية على عادل عبد المهدي، لها دور كبير بقضية ترشيح الفياض، وأن جميع القوى السياسية تخشى القول بصراحة إن ايران خلف الترشيح، وحتى تحالف سائرون، المدعوم من قبل مقتدى الصدر، يلمّح إلى أنه مدعوم ومطروح من خارج الحدود، من دون تحديد الجهة الداعمة والمرشحة".

وتابع أن "تكملة التشكيلة الوزارية بجلسة اليوم الثلاثاء أو الخميس المقبل، أو في أي يوم آخر، صعبة جداً، ما لم يتم تغيير مرشح الداخلية فالح الفياض وسحب ترشيحه وعدم طرح اسمه للتصويت، بالتالي سيشارك تحالف الإصلاح والإعمار (سائرون والحكمة) بالجلسة ويتحقق لها النصاب القانوني، وبخلافه سيبقى الإصلاح مقاطعا للجلسة ويفشل عقدها".



ورجح بالوقت نفسه تمرير ثلاث أو أربع وزارات من المتبقية، مثل التربية والتعليم والهجرة، كونها ليست محل خلاف كبير بين القوى السياسية". وختم بالقول إن "الساعات القليلة التي ستسبق عقد الجلسة ستحدد نجاح الجلسة أو فشلها وتأجيلها لغاية الخميس المقبل".

من جانبه، أشار النائب حنين قدو، إلى أن "الأحزاب التي رشحت بعض الوزراء مثل فالح الفياض، ثم تبرأت من الترشيح، قد تدفع عبد المهدي إلى تغيير الفياض واستبداله باسم آخر أو مجموعة أسماء، من عسكريين وإداريين سابقين في وزارة الداخلية". وقال لـ"العربي الجديد"، إن "مرونة بسيطة قد حصلت خلال الأيام الماضية، عند زعماء الأحزاب والكيانات السياسية بما يتعلق بمنصب وزارة الداخلية، وعلى ما يبدو أن الفياض قد يُستبدل بشخصيات أخرى، لأن حظوظه ضعفت خلال الأسابيع الأخيرة".

وأكمل أن "جلسة الثلاثاء لن تشهد التصويت على ما تبقى من التشكيلة الحكومية، وقد يحدث ذلك يوم الخميس، لأسباب لا تتعلق بوزارة الداخلية فقط، إنما الدفاع أيضاً، إذا لم تتفق الأطراف السنية وهي ائتلاف الوطنية والمحور الوطني، على اختيار مرشح لحقيبة الدفاع، كذا الحال مع وزارة العدل المحسومة للأكراد، بالإضافة إلى مرشح العصائب لوزارة الثقافة".

إلى ذلك، اعتبر عضو تيار الحكمة، حبيب الطرفي أن "الوضع السياسي حالياً متدهور، ولحد الآن لم يتم الاتفاق على أسماء الوزراء لغرض التصويت عليهم، ويبدو أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي سيُبقي الورقة القديمة لديه لأنه يعتمد على مستجدات الأحزاب في اعطائه أسماء جددا، ولعدم وجود تغيير في التوجهات السياسية، وغياب وصول الحوارات الأخيرة إلى ترتيب ورقة تضم أسماء جديدة. ما معناه أن الأمور لا تسير بالاتجاه الصحيح الذي يؤدي إلى تمرير ما تبقى من التشكيلة الوزارية". ولفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "إصرار فالح الفياض على ترشيحه لوزارة الداخلية، رغم السخط الشعبي والسياسي منه، هو أمر يثير الاستغراب، وعليه مراعاة المصلحة العامة والعراقيين، لأن الوضع سيئ ولا يحتمل فرض الإرادات".

بدوره، رأى المحلل السياسي واثق الهاشمي، أن "جلسة اليوم الثلاثاء، لن تسفر عن استكمال التشكيلة الحكومية لعادل عبد المهدي، وستؤجل إلى الخميس ويتم التصويت بالأغلبية على نفس الوزراء المعروضين منذ أسابيع، عدا سائرون"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات بين الأحزاب ما تزال مستمرة على الأسماء المرشحة، ولم يتمكن أي طرف من الاتفاق مع الطرف الثاني، بخصوص أي اسم، فالسنة والشيعة والأكراد في خضمّ الخلافات الحادة، لذا يبدو أنه يوم الخميس، سيعرض عبد المهدي كابينته، فإما يتم القبول بها، أو الذهاب لأزمة أعقد من الآن".