حراك لوقف مسيرات العودة: شروط غزة وعروض تل أبيب

حراك لوقف مسيرات العودة: شروط غزة وعروض تل أبيب

23 أكتوبر 2018
مرّ 7 أشهر على إطلاق مسيرات العودة (يوسف مسعود/Getty)
+ الخط -

يحاول الاحتلال الإسرائيلي بشتى الطرق والوسائل وقف مسيرات العودة وكسر الحصار التي تتواصل للشهر السابع على التوالي في ظل اتساع رقعة الحراك الجماهيري المشارك بفعالياتها المختلفة على طول الشريط الحدودي من الجهتين الشرقية والشمالية، الذي يفصل قطاع غزة عن الأراضي المحتلة عام 1948. وتنوّعت الوسائل التي استخدمها الاحتلال في تعامله مع الحراك الجماهيري الغزّي، فتارة يلجأ للتصعيد الميداني عبر تكثيف استهداف المدنيين وتعمد إيقاع أكبر خسائر بشرية في صفوف المتظاهرين، وتارة لمحاولة جر المقاومة لتصعيد محدود أو إدخال بعض الوسطاء وتقديم بعض المغريات، أملاً في دفع القوى الوطنية والهيئة القائمة على الحراك للقبول بها ووقف الحراك.

وعلى مدار الأشهر الماضية يصر المشاركون والفصائل على حد سواء على التمسك بمطلبهم الثابت منذ انطلاق المسيرات، وهو رفع الحصار بشكلٍ فوري وكامل وعدم القبول بأية حلول جزئية، ويبدو من المعطيات المتوفرة أنّ الاحتلال الإسرائيلي يرفض ذلك. وبات وقف الحراك الجماهيري بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي أمراً ضرورياً يبعث به مع مختلف الوفود والأطراف التي تصل للقطاع المحاصر للعام الثاني عشر على التوالي، إذ يبدو أن هذه المسيرات عملت على استنزاف جنوده على طول الحدود، إضافة لزيادة الضغط على مستوطني المستوطنات هناك.

ويقول القيادي في حركة "حماس"، عضو كتلتها البرلمانية يحيى موسى لـ"العربي الجديد"، إنّ "مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار أدخلت إلى قاموس النضال الوطني الفلسطيني أدوات جديدة ودورا جديدا للجماهير عبر ممارسة الاشتباك الدائم مع الاحتلال الإسرائيلي". ويوضح أن "الاحتلال يتعامل مع أي عملية مقاومة له على أنها تشكل خطراً وجودياً عليه إلى جانب الإرباك المستمر للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وهو ما يدفعه نحو محاولة التخلص من هذه الأساليب والأدوات بشتى الطرق".

ويضيف موسى أن "قيادة مسيرات العودة تعمل بشكلٍ جماعي وتعلم كل مخططات الاحتلال وألاعيبه المختلفة عبر بعض التحسينات الحياتية التي يمنحها والتي هي بالأساس حق طبيعي، لذلك لن تمرّ هذه التسهيلات المزعومة على الفصائل ولن تقنع أحداً". ويشير إلى أن "حسابات الاحتلال معقدة للغاية في تعامله مع ملف غزة، فهو يحاول المراوغة ويلوّح في بعض الأحيان بالحرب التي سبق أن جربها ثلاث مرات ولم يحقق أي نجاح منها. وبات الآن يحسب أي حساب لأي عدوان قد يشنه على القطاع".

من جانبه، يؤكد عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، القيادي في الجبهة الشعبية، ماهر مزهر لـ"العربي الجديد"، أن "مسيرات العودة حققت نجاحات محلية وإقليمية ودولية عبر التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، والتي أسهمت في التنغيص على الاحتلال وإحداث إرباك في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية".

ويضيف أن "الإرباك الأمني الذي يعيشه الاحتلال انعكس بصورة واضحة على الاجتماعات الأخيرة للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت) وحالة الانقسام في التعامل مع القطاع، بين رغبة بعض أعضائه في شن هجوم واسع ورغبة آخرين بإعطاء المزيد من الوقت لإيقاف الحراك الجماهيري". ويلفت إلى أنّ "مسيرات العودة أصبحت تشكل تهديداً عاماً على مستوطني مستوطنات غلاف غزة المحاذية للقطاع عبر حالة الاستنزاف الدائم لهم وما يسجل من رحيل إحدى العائلات أخيراً بسبب الحراك الجماهيري المتواصل للشهر السابع على التوالي".



ويشير القيادي في "الجبهة الشعبية" إلى أنّ "حالة الإشغال للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية على طول الشريط الحدودي الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة عام 1948 في الوضع الطبيعي، تقدّر بنحو 8.3 في المائة، في حين وصلت اليوم بفعل مسيرات العودة لأكثر من 27 في المائة".

وينوه مزهر إلى أن "لجوء الاحتلال لأساليب واسعة كان من ضمنها التصعيد الميداني والذي فشل في تحقيق هدفه بوقف المسيرات، دفعه لاستخدام بعض الوسطاء لإغراء القطاع ببعض التسهيلات وتحويل قضية غزة من سياسية إلى إنسانية"، موضحاً أنّ "الأيام القليلة المقبلة ستشهد ابتداع المزيد من الأدوات والأساليب على غرار وحدات الإرباك الليلي والبالونات الحارقة، من أجل الضغط على الاحتلال لكسر حصاره المفروض على القطاع بشكل كامل ونهائي ودون رجعة".

من جانبه، يقول الكاتب مصطفى الصواف لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحراك المتواصل من قبل الاحتلال والإقليم يؤكد حجم الأزمة الكبيرة التي تعاني منها إسرائيل، خصوصاً أنها باتت تسعى جاهدة لوقف هذا الحراك الجماهيري المتواصل منذ 30 مارس/ آذار الماضي". ويوضح أنّ "الاحتلال الإسرائيلي بات يعلم جيداً أن الحراك الجماهيري لن يتوقف إلا برفع الحصار بشكل كامل عن غزة، وهو يلجأ في بعض الأحيان إلى الأطراف الدولية من أجل التخفيف من حدة الاشتباك والثمن الذي قد يدفعه"، مشيراً إلى أنّ "حالة التنوع في درجة حدة الاشتباك لفعاليات مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، تعود إلى وجود قرار لدى المقاومة واستراتيجية بعدم الذهاب نحو تصعيد الأمور لمرحلة المواجهة والحرب المفتوحة مع الاحتلال إلا إذا لجأ الاحتلال لها".

ووفق المحلل السياسي الفلسطيني، فإنّ "القرار الشعبي والفصائلي هو المحافظة على زخم المسيرات الشعبية، ولكن مع المحافظة عليه بشكل يخدم الهدف العام الذي يسعى إلى تحقيقه، خصوصاً أن الاحتلال يعلم الثمن المطلوب لوقف هذا الحراك الذي سيتواصل حتى تحقيقه".

ويشير الصواف إلى أن "ما شهدته حدود القطاع في الجمعة الثلاثين لمسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، والتي تميزت بحضور حشود جماهيرية غير مسبوقة مع اتخاذ إجراءات لتأمين المتظاهرين مقارنة بالأيام السابقة، يثبت حجم الوعي خصوصاً أن الاحتلال دفع بتعزيزات كبيرة وضخمة على طول الحدود" ويلفت إلى أن "المسيرات نجحت في استنزاف الاحتلال وجنوده سواء على الحدود الشرقية أو عبر النقطة البحرية التي استحدثت في الأسابيع القليلة الماضية، وأثبتت عجز الاحتلال عن مواجهة الحراك الجماهيري".