إيران: النظام يرفض التدخل الأميركي والإصلاحيون يطالبون بإطلاق المعتقلين

احتجاجات إيران: النظام يرفض التدخل الأميركي والإصلاحيون يطالبون بإطلاق المعتقلين

06 يناير 2018
اعتقال ألف شخص منذ بداية الأحداث(فرانس برس)
+ الخط -

من المقرر أن يجتمع مجلس الشورى الإسلامي، غداً الأحد، لبحث الاحتجاجات في إيران، و"التدخلات الخارجية فيها"، في وقت تتزايد المطالبات بالإفراج عن المعتقلين ممن شاركوا في المظاهرات، ومن بينهم طلاب جامعات.

وأعلن المتحدث باسم الهيئة الرئاسية البرلمانية بهروز نعمتي، أن مجلس الشورى الإسلامي سيعقد جلسة غير علنية غداً الأحد، بحضور وزيري الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي، والاستخبارات محمود علوي وأمين مجلس الأمن القومي الأعلى علي شمخاني، لبحث المسائل السياسية التي طرأت على البلاد مؤخرا.

وتعليقاً على جلسة مجلس الأمن التي بحثت موضوع احتجاجات إيران، رأى أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي أن سلوك بلاده سيتغير إزاء أميركا، فلن تسمح لها طهران بالتدخل بشؤونها الداخلية، وستحملها مسؤولية هذا التدخل، بحسب تعبيره.

وطالب رضائي الحكومة الإيرانية بالتقدم بشكوى رسمية ضد الولايات المتحدة وكل طرف تدخل في الاحتجاجات، معتبرا أن مؤيدي الملكية ومعهم أميركا وبريطانيا والسعودية وجماعة مجاهدي خلق حاولوا طيلة العقود الأربعة الماضية، حبك مؤامرات تستهدف الإيرانيين.

وقال رضائي في تصريحات صادرة عنه اليوم السبت إن "غرفة عمليات عقدت في أربيل في العراق، خطط خلالها أعداء إيران لإثارة البلبلة والاضطرابات في هذا التوقيت"، مشيرا لمشاركة عناصر من الموساد والاستخبارات الأميركية ومن السعودية، وموالين للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فضلاً عن مقربين ممن سماهم بالبارزانيين.

واعتبر أن ما حدث في الأيام الماضية "كان المرحلة الأولى من مخطط هؤلاء، وكانوا ينوون إدخال أسلحة لإيران بحال استمرت الاحتجاجات، وفي المرحلة التالية كانت أميركا ستطرح قانون عقوبات جديدا يستهدف إيران لانتهاكها حقوق الإنسان"، على حد قوله.

وذكر أن المجمع سيعقد اجتماعا بحضور رؤساء لجانه لبحث تبعات ما حصل، وآليات الوقوف بوجه المؤامرات الخارجية، كما نقل تأكيد أعضائه على ضرورة حل المشكلات المعيشية للمواطنين، وفصلها عن الشعارات المعارضة للنظام والثورة الإسلامية.

وفي ذات السياق، قال مستشار رئيس البرلمان للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان إن "وعي الإيرانيين هو ما وقف بوجه مؤامرة الأعداء، والمطلوب في المرحلة المقبلة العمل بجدية أكبر لمنع إتاحة فرص جديدة لمن يريدون استغلال الأوضاع"، متهما هو الآخر أميركا والسعودية وإسرائيل بالتحريض، كون هذه الأطراف خسرت في الحرب الإقليمية التي انتهت بالقضاء على داعش.

كما وصف المتحدث باسم لجنة الأمن القومي البرلمانية حسين نقوي، اجتماع مجلس الأمن بالمضحك، مشيراً إلى أن "أميركا كانت تريد الحصول على دعم لزيادة التوتر في الداخل الإيراني".


تجدد المظاهرات ووعود بالإفراج عن الطلاب

إلى ذلك، أفادت وكالات رسمية إيرانية أن مظاهرات مؤيدة للنظام خرجت في منطقتي آمل وبهشهر الواقعتين شمال البلاد، وندد المشاركون فيها بالتحريض الأميركي على استمرار الاحتجاجات "المناهضة للثورة الإسلامية"، فيما نشرت مواقع غير رسمية مقاطع فيديو لما قالت إنها تجمعات احتجاجية خرجت ليل أمس الجمعة في مناطق عدة، بعضها في محافظة أصفهان.

وفي حين ذكرت المواقع ذاتها أن احتجاجات أخرى قد تتجدد ليل اليوم السبت، أكدت تصريحات رسمية، أن أعداد المتظاهرين في الاحتجاجات السياسية بات أقل، فضلًا عن انحسارها في عدد من المناطق.

وبعد صدور مطالبات إصلاحية ترتبط بإطلاق سراح المعتقلين من طلاب الجامعات على وجه الخصوص، نقلت الوكالة الإيرانية الرسمية عن مسؤول الدائرة الثقافية والاجتماعية في جامعة طهران، مجيد سرسنغي، قوله إن اجتماعًا عقد اليوم بين أطراف من وزارة التعليم العالي ومسؤولين في الدولة عن ملف المعتقلين، مؤكدًا أنه سيتم إطلاق سراح الطلاب الجامعيين منهم خلال أسبوع.

وأضاف سرسنغي أن عملية الإفراج عنهم ستكون قبل الامتحانات النصفية، مؤكدًا الحصول على وعود حقيقية بهذا الصدد، قائلًا إن "الإحصائيات المتعلقة بأعداد المعتقلين من الطلاب غير دقيقة، وكلها مبنية على شهادات وأقوال زملاء لهم أو أفراد من عائلاتهم".

وكانت 16 شخصية، ومن بينها ناشطون وصحافيون ومسؤولون في أحزاب إصلاحية، قد وقّعت على بيان يطالب المسؤولين والمعنيين في البلاد بالإفراج عن المعتقلين ممن شاركوا في مظاهرات سلمية ومن بينهم طلاب جامعات، فضلا عن دعوتهم لفتح حوار داخلي لحل كافة الملفات الخلافية.

ودعا هؤلاء في البيان "للابتعاد عن العنف في التعامل مع ما يجري، كون استخدام هذا الطريق سيؤدي إلى تبعات ستضعف السلطات وستتسبب باختلاف اجتماعي"، مؤكدين على حق الشارع في التظاهر والاعتراض والانتقاد السلمي. كما اعتبر الموقعون على البيان، أن "في البلاد مشكلات عميقة وحالة من عدم الرضا الاجتماعي تنعكس في أبعاد مختلفة، فبعض المواطنين يعانون من وضع اقتصادي صعب ومن البطالة وقلة المستحقات المالية، وآخرون يعترضون على القيود الاجتماعية والسياسية، وهو ما يرتبط أيضا بعدم تطبيق حلول واقعية وعدم وجود رقابة".

ورأت الشخصيات الإصلاحية أن "المواطنين الإيرانيين قاموا بالتعبير عن رغباتهم وتوجهوا في مرات ثانية لصناديق الاقتراع، لكن هذا لم يحل مشكلاتهم، فضلا عن وجود عامل عدم التفاهم حول المسائل الأساسية في البلاد وضعف الانسجام السياسي والاجتماعي"، حسب تعبيرهم.

وبحسب البيان "الاحتجاجات الاقتصادية كانت أكبر مما تلاها، لكن حل هذه المشكلات يكمن في إجراء إصلاحات سياسية والسماح بمشاركة المواطنين في عملية الرقابة وفتح المجال للحريات المدنية والإعلامية".  في المقابل رأت الشخصيات "أن كل هذا تزامن مع استغلال أطراف خارجية وحتى داخلية للوضع، لكن لا يوجد أدنى شك بأن التدخل الخارجي لن يكون يسيرا دون وجود أرضية داخلية، فالتركيز على العامل الخارجي وحده، يعني إهانة للمجتمع الإيراني، ومحاولة لتجاهل العوامل الرئيسة التي تثير اعتراض المواطنين".

وشجب الإصلاحيون تدخل الولايات المتحدة بشكل رئيس، منددين بموقف رئيسها دونالد ترامب الذي أصر على إهانة الإيرانيين وتاريخهم عدة مرات، كما ذكروا، داعين أطراف الداخل لإرضاء الشارع أو ستكون هناك تبعات أكبر لاحقاً.

وكانت النائبة الإيرانية وعضو لجنة الأمل الإصلاحية في البرلمان بروانه سلحشوري، قد ذكرت أن عدد الطلاب الجامعيين المعتقلين إثر الاحتجاجات غير معروف بدقة، لكن بحسب المعلومات التي وصلت إليها يبلغ عددهم 90 طالبا تقريبا، معتبرة أن حل المشكلات المعيشية لا يكون بالاعتقال والسجن.

ونقلت عنها مواقع إيرانية قولها إن البرلمان الإيراني لم يبحث هذا الموضوع بعد، إلا أنه سيدخل في عناوين جلساته القادمة بشكل جدي، مؤكدة أن لجنة الأمل تتابع الأمر مع طلاب جامعيين آخرين، وذكرت في حديثها أن وزارة الاستخبارات هي التي اعتقلت أولئك.

بدوره، قال النائب الإصلاحي محمود صادقي، إن ذات اللجنة البرلمانية تتابع موضوع الاعتقالات في صفوف طلاب الجامعات، وحتى بعض طلاب المدارس ممن هم أصغر سنا، مضيفاً أن اتباع هذه الخطوات سيؤدي إلى حالة من عدم الرضا بين أبناء هذه الشريحة.

وبحسب صحيفة "شرق"، ذكر صادقي أن بعض الأرقام تؤكد اعتقال 80 طالباً جامعياً، 55 منهم في طهران و3 في أرومية ومن تبقوا يتوزعون على مناطق ثانية، مستغرباً اعتقال بعض الطلاب ممن لم يشاركوا أصلاً في الاحتجاجات، ومنهم من لعبوا دوراً في تهدئتها، حسب قوله.

وأضاف أن ذوي هؤلاء الطلاب قلقون، داعيا السلطات لتوخي الحذر من التبعات التي قد يخلفها موضوع من هذا القبيل.

ولا يوجد حتى الآن أرقام دقيقة ترتبط بالعدد الكلي للمعتقلين في هذه الاحتجاجات، لكن مصادر غير رسمية تبيّن اعتقال ألف شخص منذ بداية الأحداث قبل أكثر من أسبوع، أطلق سراح بعضهم.

وكان وزير الداخلية الإيرانية عبد الرضا عبد الرحماني فضلي، قد أعلن في وقت سابق عن مشاركة ما يقارب 42 ألف شخص في الاحتجاجات، وبحسب صحيفة "شرق" الإصلاحية فعدد الطلاب الجامعيين الذين تم اعتقالهم يراوح بين 80 و90، وعدد معتقلي طلاب المدارس يقارب 50.

وكانت السلطات الأمنية في محافظة طهران قد أعلنت اعتقال 200 شخص السبت الفائت، و150 الأحد، و100 آخرين يوم الاثنين، أما أردبيل فأكدت اعتقال 3 أشخاص قال مسؤولوها إنهم على ارتباط بإحراق مسجدين في المنطقة.

وفي محافظة غلستان شمالي إيران، أكدت السلطات اعتقال 150 شخصا من مثيري الشغب على حد تعبيرها، وفي أماكن ثانية، اعتقلت السلطات 25 شخصا في برديس، 50 في كاشان، و12 في كرج، 145 في آراك، وغيرهم، وبحسب السلطات تم إطلاق سراح معظمهم كذلك.