تركيا: تحركات لـ"ترتيب المشهد السياسي" قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

تركيا: تحركات لـ"ترتيب المشهد السياسي" قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

31 يناير 2018
داوود أوغلو أكد دعمه أردوغان في الانتخابات(آدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر تحركات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وكذلك مشاورات حزب العدالة والتنمية الحاكم، بالتعاون مع حزب الحركة القومية (يميني قومي متطرف) لترتيب الشأن الداخلي التركي، تمهيداً للانتخابات البلدية في مارس/آذار 2019، وكذلك الانتخابات البرلمانية والرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، والتي سيليها التحول الرسمي إلى النظام الرئاسي.

وقد شهد اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، أمس الثلاثاء، حدثاً مهماً، بدخول الرئيس التركي إلى القاعة برفقة كل من رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داوود أوغلو، ورئيس الوزراء الحالي، بن علي يلدريم، فيما بدا رسالة واضحة إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب، بعد أن شهدت العلاقات بين كل من داوود أوغلو وأردوغان بروداً واضحاً، بعد دفع الرئيس التركي داوود أوغلو لتقديم استقالته، وما تلاها من عدم دعم الأخير، برفقة الرئيس السابق، عبد الله غول، لأردوغان بشكل قوي في الاستفتاء الذي أجري في إبريل/ نيسان من العام الماضي.

وبدا ظهور داوود أوغلو إلى جانب أردوغان في الاجتماع رسالة واضحة تهدف لـ"قطع الطريق أمام الأحاديث التي تؤكد إمكانية ترشح غول للانتخابات الرئاسية المقبلة عن المعارضة التركية في مواجهة أردوغان".

وأكد الصحافي التركي، عبد القادر سيلفي، المعروف من قربه من أروقة صنع القرار في حزب العدالة والتنمية، في مقال له، اليوم، في صحيفة "حرييت" التركية بعنوان: "هل ستأتي عتبة برلمانية جديدة أن داوود أوغلو التقى بأردوغان في 22 من يناير/ كانون الثاني الحالي، في القصر الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة، لمدة ثلاث ساعات، حيث تناولا الجانبان عملية "غصن الزيتون" التي يجريها الجيش التركي ضد حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في منطقة عفرين، وكذلك الشأن السياسي الداخلي.

وبحسب "حرييت"، فقد ناقش الجانبان، أيضاً، الأحاديث حول إمكانية ترشح غول للرئاسة، فيما أكد سيلفي، في لقاء مع قناة "سي إن إن" التركية، صباح اليوم، أن "داوود أوغلو أكد لأردوغان دعمه الكامل له في الانتخابات الرئاسية المقبلة"، في خطوة يبدو أنها قطعت الطريق على غول للترشح للرئاسة.

وفي سياق متصل، وبينما تستمر الاجتماعات بين كل من العدالة والتنمية والحركة القومية للتوافق حول تفاصيل "التحالف القومي"، أشار سيلفي إلى أن الجانبين اتفقا على إبقاء العتبة البرلمانية للأحزاب بنسبة عشرة في المائة، وكذلك على أن يترشح الحزبان بقائمتين منفصلتين، بينما يتم تداول إمكانية وضع عتبة برلمانية 15 في المائة للأحزاب التي تتفق على تشكيل تحالفات انتخابية، والعمل على تمرير تعديلات في القانون الانتخابي، يسمح بإجراء تحالفات بين الأحزاب، على أن تكون العتبة البرلمانية للتحالفات 15 في المائة، أي أنه على الأحزاب المتحالفة مجتمعة أن تحصل على 15 في المائة من عموم الأصوات لتضمن مقاعد لها في البرلمان التركي، الذي سيضم 600 مقعد بموجب التعديلات الدستورية التي تمّ تمريرها، بدلاً 550 مقعداً حالياً.

وتفتح التعديلات المقترحة في حال تم إقرارها إمكانية دخول البرلمان أمام الأحزاب الصغيرة في حال توافقها. 

وفي الوقت الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أن الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) قد لا يتمكنان من تجاوز عتبة العشرة في المائة، في حال ترشحهما بقوائم حزبية، فإن عتبة التحالفات المقدرة بـ15 في المائة ستتيح للحركة القومية ضمان وجوده في البرلمان بمساعدة العدالة والتنمية، بينما ستضع الشعوب الديمقراطي في مواجهة خيارات صعبة للغاية.

ويتمثل الخيار الأول بإمكانية إقامة تحالف الشعوب الديمقراطي مع حزب الشعب الجمهوري (الكماليين)، وبالتالي دفع البلاد من سياسة الأحزاب إلى سياسة الكتل، بين كتلة اليمين المحافظ وكتلة "اليسار"، الأمر الذي تقف في وجهه العديد من العقبات، أبرزها إمكانية رفض أنصار الشعب الجمهوري لمثل هذا التحالف، لما سيمثله من ضغط كبير من قبل العدالة والتنمية والحركة القومية اللذين سيركزان خلال حملتهما على دعم الشعب الجهوري لـ"الإرهاب" ممثلاً بالذراع السياسية للعمال الكردستاني.

أما الخيار الثاني أمام الشعوب الديمقراطي فينحصر بين الترشح على قائمة حزبية مع المغامرة بإمكانية الخروج من البرلمان بعد التراجع الكبير في شعبية الحزب، إثر حرب المدن التي خاضها الكردستاني مع الجيش التركي، أو العودة إلى الترشح بقوائم مرشحين مستقلين، كما اعتادت الأجنحة المختلفة للعمال الكردستاني لغاية انتخابات 2015، ولكن ذلك سيكون بمثابة ضربة كبيرة لـ"عملية التتريك" التي دخلها الأخير.