دلالات ضبط وتصفية منفذي عملية نابلس... ودور السلطة الفلسطينية

دلالات ضبط وتصفية منفذي عملية نابلس... ودور السلطة الفلسطينية

18 يناير 2018
عناصر من الجيش الإسرائيلي يفرقون متظاهرين بنابلس (نضال عشتية/الأناضول)
+ الخط -

بدت ثقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بضبط منفذي عملية نابلس سريعاً والتي قتل فيها قبل أسبوع أحد المستوطنين، مبالغاً فيها في حينه، لكن سرعان ما تبيّن أن تقديره كان في مكانه.

فبعد أسبوع على تنفيذ العملية، داهم جيش الاحتلال، الليلة الماضية، أحد أحياء جنين، أقصى شمال الضفة الغربية، مدعياً أن منفذي العملية تواجدا فيه، وهي المداهمة التي أسفرت عن استشهاد أحد منفذي العملية، وإصابة اثنين من عناصر وحدة "مكافحة الإرهاب" التابعة لقيادة الشرطة الإسرائيلية، المعروفة بـ"يمام"، بعد اشتباكات استمرت عشر ساعات.

ولا يتوقف الأمر على عملية نابلس التي تبين أن مقاتلين من "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، هم من نفذوها، بل إن جميع عمليات المقاومة التي نجحت في الضفة الغربية تمكن جيش الاحتلال إما من اعتقال منفذيها أو تصفيتهم.

في المقابل، فإن الأغلبية الساحقة من عمليات المقاومة التي يتم التخطيط لتنفيذها في الضفة الغربية يتم إحباطها قبل وقوعها من خلال اعتقال عناصر الخلايا التي يفترض أن تنفذها.

وعلى الرغم من أن هناك عدداً من العوامل التي تلعب دوراً في تمكين جيش الاحتلال من إحباط عمليات المقاومة التي يخطط لتنفيذها قبل وقوعها أو ضبط منفذي العمليات وتصفيتهم بعد التنفيذ، فإنه يتبين أن التعاون الأمني بين سلطات الاحتلال والسلطة الفلسطينية يلعب الدور الرئيس في تمكين إسرائيل من تحقيق هذه الإنجازات.

وبعد 48 ساعة على تنفيذ عملية "نابلس" كشفت قناة التلفزيون الإسرائيلية العاشرة النقاب عن أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية زودت إسرائيل بأسماء منفذي العملية والأماكن التي يتنقلون بينها، ولم تلتزم السلطة فقط الصمت إزاء ما كشفته القناة الإسرائيلية، بل إنها تصمت أيضاً إزاء إشادة القيادات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية بالدور الذي تلعبه أجهزتها الأمنية في تحسين البيئة الأمنية للإسرائيليين وتحديداً المستوطنين من خلال التعاون مع جيش الاحتلال.

وقد سبق لمدير المخابرات العامة التابعة للسلطة ماجد فرج، أن أبلغ موقعاً أميركياً قبل عامين بأن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة أحبطت 200 عملية خطط مقاومون فلسطينيون لتنفيذها ضد أهداف للاحتلال في الضفة وداخل إسرائيل.

وقد عمد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خلال مقابلاته مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، على التذكير بدور السلطة وأجهزتها في منع تنفيذ عمليات تستهدف قوى الأمن الإسرائيلية والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية.

من هنا، فإن تشديد عباس خلال خطابه الأخير أمام المجلس المركزي الفلسطيني على التزام السلطة بمحاربة الإرهاب، يدلل على أنه لن يحترم توصية المجلس بوقف التعاون الأمني. مع العلم أنه لم يحترم توصية مماثلة قدمها المجلس في دورته المعقودة في 2015.

إلى جانب ذلك، فإن إسرائيل اتبعت منذ حملة "السور الواقي" التي نفذتها في 2002 التي اجتاحت خلالها الضفة الغربية بهدف إخضاع انتفاضة الأقصى، استراتيجية "جز العشب" التي تقوم على اعتقال كل من له علاقة بالحركات والفصائل الفلسطينية التي تتبنى العمل المقاوم.

وقد وظفت سلطات الاحتلال الصلاحيات الممنوحة لوزير الحرب في تحويل معظم قادة وعناصر الفصائل الفلسطينية المقاومة إلى الاعتقال الإداري، بدون محاكمة أو لوائح اتهام.

وأدت حملات الاعتقال الواسعة واليومية إلى تقلص الظروف التي تمكن فصائل المقاومة من بناء خلايا للتخطيط للعمليات وتنفيذها. 

إلى جانب ذلك، فإن إسرائيل طورت من قدرتها على جمع المعلومات الاستخبارية، إذ إنها لم تعد تقتصر فقط على محاولة تجنيد مصادر بشرية أو استخدام تقنيات تقليدية، بل تعدتها إلى توظيف التفوق الإسرائيلي في مجال السايبر في جمع المعلومات اللازمة لإحباط العمليات. إلى جانب ذلك أيضاً، عمد جيش الاحتلال إلى نشر عشرات الآلاف من كاميرات المراقبة في شوارع الضفة، وتحديداً على الطرق الالتفافية التي يسلكها المستوطنون وقواته، حيث إن نشر هذه الكاميرات لا يهدف فقط إلى توفير معلومات حول منفذي العمليات، بل يسهم أيضا في ردع الأشخاص الذين يخططون لتنفيذ العمليات ويقلص خارطة الأهداف المتاحة أمامهم. لكن التحدي الأكبر الذي وقف أمام جيش الاحتلال يتمثل في العمليات الفردية، التي يصعب على مخابرات الاحتلال أو أجهزة السلطة الأمنية جمع معلومات مسبقة عنها.

وقد حاولت إسرائيل تجاوز هذا التحدي من خلال تطوير برمجيات إلكترونية لـ"غربلة" مواقع التواصل الاجتماعي التي يرتادها الشباب الفلسطيني وتحديد الأشخاص الذين تدلل منشوراتهم على أنه قد تكون لديهم النية لتنفيذ عمليات. وقد شكلت كل من الاستخبارات العسكرية "أمان" وجهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" والشرطة، وحدات متخصصة بهدف تحديد الأشخاص الذين يكتبون نصوصا قد تدل مضامينها على نيتهم تنفيذ عمليات، حيث يتم اعتقالهم.