هكذا يرتبط ملف كوريا الشمالية بمصير الاتفاق النووي الإيراني

هكذا يرتبط ملف كوريا الشمالية بمصير الاتفاق النووي الإيراني

23 سبتمبر 2017
إيرانيون يرفعون "الموت لأميركا" بعد خطاب ترامب (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -
أثارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، مسألة التهديد الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، معتبرة أنّ ازدراء واشنطن بالاتفاق، قد يهدّد إمكانية إجراء محادثات مع كوريا الشمالية، ويعزز انعدام الثقة بإبرام الدول اتفاقات في المستقبل مع الولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة، في تقرير، اليوم السبت، إنّ الأزمة المتشعبة التي تواجهها إدارة الرئيس الأميركي الأميركي دونالد ترامب، في كوريا الشمالية، قد فاقمتها، هذا الأسبوع، معضلة أخرى على رأس السياسة الخارجية، هي مسألة مصير الاتفاق النووي الإيراني.

وأشارت الصحيفة، إلى أنّ القوى الدولية الكبرى، ضغطت على ترامب، للالتزام بالاتفاق النووي مع إيران، محذرة من أنّ تنصّل الولايات المتحدة من هذا الاتفاق، سيضعف الجهود الرامية إلى حمل كوريا الشمالية على التخلّي عن برنامجها النووي والصاروخي.

ولفتت في هذا السياق، إلى تصريح وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، والذي تساءل فيه قائلاً "من هي الدولة التي ستحجم عن تطوير برنامجها النووي، إذا ما تبيّن أنّ الاتفاقات التي تم التفاوض عليها لا تصمد، والثقة في إبرام الاتفاقات مع المجتمع الدولي لا تستحق الورقة التي كُتبت عليها"؟

واعتبر وزير الخارجية الألماني، أنّ الالتزام باتفاق إيران "أمر حيوي" لضمان مصداقية هكذا صفقات بشكل عام.

هذا التحذير الذي ردّده زعماء آخرون، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأيضاً الاجتماعات الثنائية الخاصة على هامشها، جاء مع تصاعد المواجهة الأميركية مع كوريا الشمالية بشكل دراماتيكي خلال الأسبوع.

وبدأ هذا التصاعد، بتهديد ترامب بأنّ الولايات المتحدة سوف "تدمّر تماماً" كوريا الشمالية، إذا ما أُجبرت على الدفاع عن نفسها أو عن حلفائها، ووصل إلى حد تبادل حاد للإهانات مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

ووسط أجواء عدم القدرة على التنبؤ بنهاية هذه المواجهة، رأت الصحيفة أنّ ما زاد الطين بلة، هو موقف وزير خارجية كوريا الشمالية ري يونغ هو، والذي حذّر بدوره، الخميس، من أنّ بيونغ يانغ قد تفجّر على نحو مفاجئ قنبلة هيدروجينية فوق المحيط الهادئ، في إطار استكمال التحدي.

وكشفت الصحيفة أنّ مسؤولين أميركيين، حاولوا خلال الاجتماع السنوي لزعماء العالم في الأمم المتحدة، العمل على تهيئة الأجواء لتلقّي الدعم، بخصوص اتفاق حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية، غير أنّ إدارة ترامب، أثارت في الوقت ذاته أيضاً، قضية الاتفاق النووي الإيراني، قائلة إنّ الاتفاق لا يتناول برنامج الصواريخ الإيرانية، أو تدخلها في المنطقة، ومشاكل أخرى.

وقد دعت غالبية أعضاء مجلس الأمن الدولي المكوّن من 15 عضواً، والمكلّف بحل الأزمة النووية لكوريا الشمالية، إلى اتباع نهج يعزّز العقوبات الاقتصادية والعزلة السياسية لجلب بيونغ يانغ إلى طاولة المفاوضات.

وقال مسؤولون ودبلوماسيون بالأمم المتحدة، إنّ المحادثات مع إيران التي استغرقت عامين، يمكن أن تكون بمثابة "خطة" لكبح كوريا الشمالية، بحسب الصحيفة.

لكن الصحيفة لفتت إلى تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم الجمعة، من أنّ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، أو فرض عقوبات أحادية الجانب على طهران، سيكون بمثابة "إشارة خاطئة" إلى كوريا الشمالية.

بينما حاولت إدارة ترامب، في المقابل، دحض تلك الحجة، إذ قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في مؤتمر صحافي، "سنأخذ وجهة نظر مختلفة جداً حول طبيعة أي اتفاق مع كوريا الشمالية". وأضاف "في حين أنّ التهديد هو نفسه - الأسلحة النووية - فإنّ القضايا المحيطة بكوريا الشمالية مختلفة جداً عن تلك المحيطة بإيران".

كما أشارت إلى رد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، على تعليقات وزير الخارجية الألماني، حيث اعتبرت أنّ الولايات المتحدة تحتاج إلى أخذ مسألة أمنها بعين الاعتبار، خلال الرد على التهديدات الإيرانية، والتي لا تستهدف بقية الدول.

وفي هذا الإطار، قالت هالي، إنّ "هناك الكثير من الدول التي تبدي آراءها، حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار باتفاق إيران أم لا، لكن هذه الدول لا تواجه إيرانيين يقولون الموت لأميركا... لا يوجد إيرانيون يقولون الموت لألمانيا".


التوتر حول مصير الاتفاق النووي مع إيران، والذي وصفه ترامب بأنّه "محرج"، خلال خطابه أمام الأمم المتحدة، هيمن على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تزامناً مع دعوات من قادة العالم، لكل من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لتهدئة الخطاب الحاد.

ووفقاً للصحيفة، لم يجب دبلوماسيون أميركيون بشكل مباشر، عما إذا كان الانسحاب من الاتفاق الإيراني، سيؤثّر على مصداقية الولايات المتحدة، في أي مفاوضات مستقبلية تتعلّق بنزع الأسلحة، مثل حالة كوريا الشمالية، وما إذا كان ذلك سيثني النظام هناك عن الخضوع للضغوطات الأميركية، والدخول في المحادثات.

ويبدو، بحسب الصحيفة، أنّ أي محادثات أو اتفاق من هذا القبيل مع كيم جونغ أون، يبقى بعيد المنال، لاسيما أمام التهديد الأميركي بالانسحاب من الاتفاق مع إيران.

ففي بيان لزعيم كوريا الشمالية يوم الجمعة، ردّ فيه على خطاب ترامب أمام الأمم المتحدة، قال إنّ كلمات الرئيس الأميركي حول إيران، منحته مزيداً من الثقة بأنّه اختار الطريق الصحيح لكوريا الشمالية، من خلال المضي ببرنامج أسلحتها.

وقال كريستوفر هيل السفير الأميركي السابق لدى كوريا الجنوبية، ومساعد وزير الخارجية السابق لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، إنّ خطاب إدارة ترامب حول اتفاق إيران يثير مخاوف أوسع بشأن مصداقية الولايات المتحدة في الاتفاقيات الدولية.

وتابع هيل أنّ "الحقيقة هي أنّ إدارة ترامب لا تلقى أي دعم في العالم، في حديثها السيئ عن اتفاق إيران النووي، إلا من جانب عدد قليل من الدول العربية".

وأضاف أنّ "الموقف الأميركي يعزّز مخاوف بقية دول العالم بشأن إبرام أي اتفاقات معنا، سواء حول تغير المناخ أو التجارة أو الصفقات النووية... ندم المشتري يتغلّب علينا".

في المقابل، يرى آخرون بحسب الصحيفة، أنّ إعادة الولايات المتحدة نظرها في اتفاق إيران، أو حتى إلغاءه بالكامل، لن يغيّر من حساب التفاضل والتكامل مع كوريا الشمالية.

وبهذا الخصوص، قال جيمس كارافانو نائب رئيس مؤسسة "التراث" اليمينية، والذي عمل في فريق ترامب، خلال الفترة الانتقالية، إنّ "الكوريين الشماليين لا يثقون بنا، نقطة على السطر".

واعتبر كارافانو، أنّ كوريا الشمالية هي الدولة التي عليها أن تواجه مشكلة المصداقية، مشيراً إلى أنّ بيونغ يانغ، نكثت مرات عديدة باتفاقاتها مع الولايات المتحدة وشركائها الدوليين.

وأضاف، أنّ "المسؤولين الكوريين الشماليين لم يبدوا اهتماماً بإبرام اتفاق، وحتى لو فعلوا ذلك، فمن شبه المؤكد أنّهم لن يدخلوا في أي اتفاق، من باب الثقة بالولايات المتحدة، بل انطلاقاً من ضرورة تخفيف العقوبات".