مشروع البحر الأحمر السياحي يقتحم الملف الحربي اليمني

مشروع البحر الأحمر السياحي يقتحم الملف الحربي اليمني

03 اغسطس 2017
الخطر يلف المناطق القريبة من ميناء الحديدة (جيل كلارك/Getty)
+ الخط -
اقتحم المشروع السعودي السياحي المقرر تنفيذه في البحر الأحمر، الملف اليمني الحربي، مع ربط أوساط يمنية بين المشروع المعلن من ناحية، واستعجال "التحالف العربي" الذي تقوده الرياض حسم حربها اليمنية على السواحل الغربية من ناحية ثانية، ربما لإتاحة الظروف المناسبة لتنفيذ المشروع السياحي الذي تصوّره وسائل إعلام المملكة، أنه سيكون غير مسبوق في المنطقة.

وعلى الرغم من الموقف المعلن من الأمم المتحدة، بـ"الدعم القوي"، لمقترحات المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الخاصة بميناء الحديدة، غربي البلاد، إلا أن الفرص المتاحة أمام قبول المقترحات، تبدو ضئيلة، بالنظر لموقف جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحليفها حزب المؤتمر الذي يترأسه الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، الرافض للخطة الأممية، والتي يعتبر مؤيدوها أنها مفتاح السلام في البلاد، فيما يرى معارضوها أنها آلية تسعى لتحقق للتحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات، ما لم تحققه العمليات العسكرية، وبما من شأنه حرف الأنظار عن وضع البلاد عموماً.

وكانت مبادرة المبعوث الأممي الخاصة بميناء الحديدة، عادت إلى واجهة النقاشات السياسية في البلاد، مع أنباء عن بدء، جولة جديدة في المنطقة، يسعى من خلالها لإحياء مسار السلام، بالتزامن مع خروج سفير واشنطن لدى اليمن، ماثيو تولر، بتصريحات، هي الأولى منذ انتخاب إدارة أميركية جديدة، مطلع العام الحالي، معلناً أن بلاده تدعم مقترح ولد الشيخ "بقوة"، ورحب بما اعتبرها "مؤشرات" القبول بالمقترح من "بعض الأطراف". وتحدث عن "إشارات إيجابية" من قبل حزب "المؤتمر". الأمر الذي نفاه الحزب واعتبرها في سياق محاولة الوقيعة بينه وبين حلفائه الحوثيين.

وفي السياق، أوضحت مصادر سياسية قريبة من الانقلابيين في صنعاء لـ"العربي الجديد" أن "موقف الحوثيين وحزب صالح الرافض لمقترح المبعوث الأممي الخاص بالحديدة لم يتغير، وأن الإشارات التي تحدث عنها السفير الأميركي، ترجع على الأرجح، إلى المبادرة التي أطلقها البرلمان المحسوب على صالح منذ أكثر من أسبوع، وتضمنت دعوة الأمم المتحدة إلى وضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية من دون استثناء".

ووفقاً للمصادر، فإن "حزب صالح الذي دافع عن مبادرة البرلمان، المحسوب عليه، يرى أن هذه الدعوة لا تعد قبولاً بخطة المبعوث الأممي الخاصة بميناء الحديدة، بقدر ما تدعو لخطة تشمل مختلف الموانئ والمنافذ البحرية والجوية والبرية، والتي تقع الغالبية العظمى منها، تحت سيطرة قوات التحالف وقوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، على أن يتم تحصيل إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني ليقوم بتسليم مرتبات الموظفين وغيرها من الوظائف. ووفقاً لهذه الشروط، فإن المبادرة البرلمانية تطلب آلية قد تلقى رفضاً من الحكومة الشرعية والتحالف باعتبارهما يسيطران على أغلب المنافذ".



وفي الوقت الذي بدا واضحاً أن مبادرة البرلمان المحسوب على صالح، وجدت أصداء إيجابية غير معلنة لدى الجانب الأممي والمجتمع الدولي، بدليل اعتبارها من قبل واشنطن "إشارات إيجابية"، فإنها تعرضت في المقابل لهجوم حادٍ من قبل الحوثيين، الذين اعتبروا دعوة برلمان صالح أقرب إلى "خيانة" تمنح القوى الدولية صكاً بالسيطرة والإشراف على جميع منافذ اليمن، وهو ما يتعدى بنظر بعض الحوثيين المعترضين، المقترح الأممي المطالب بميناء الحديدة، إلى تسليم الأمم المتحدة جميع المنافذ والموانئ.

وكانت جهود ولد الشيخ أحمد، قد تمحورت، في الأشهر الأخيرة، حول ميناء الحديدة، وهو المنفذ البحري الوحيد الواقع تحت سيطرة الحوثيين، ويعد المرفأ التجاري الأول على مستوى البلاد، باعتباره الأقرب على صنعاء. وجاءت المقترحات بعد أن أعلن التحالف والحكومة الشرعية أن الحديدة والميناء فيها بات هدفاً عسكرياً، واتهما الحوثيين باستخدامه لتهريب الأسلحة وكمنطلق لأعمال عسكرية.

من جانبها، أعلنت الأمم المتحدة أنها أوقفت عملية التحالف في ميناء الحديدة، وأعدت خطة تضع المرفأ تحت رقابة دولية وبإدارة مستقلة تشرف عليها الأمم المتحدة، مقابل تجنيبه الاستهداف العسكري. غير أن تحالف الحوثيين وصالح رفض التجاوب أو حتى الأخذ والرد بهذا المقترح، واعتباره منحازاً إلى ما يصفونه بـ"العدوان السعودي". وطالب الشريكان برسالة رسمية للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، بتغيير مبعوثه إلى اليمن، وسردا مجموعة من النقاط، التي تحدثوا عنها باعتبارها أدلة على انحياز ولد الشيخ أحمد للتحالف بقيادة السعودية.

إلى ذلك، لم تقتصر الملاحظات الناقدة للخطة الأممية حول الحديدة على الحوثيين، إذ ينظر بعض المحللين اليمنيين، إلى الخطة، باعتبارها تراجعاً في المسار السياسي الذي كانت الأمم المتحدة تقوده وتقدم المقترحات حول عموم البلاد، إلى تركيز الأزمة حول محافظة الحديدة، التي يبدو أن التحالف بقيادة الرياض وأبوظبي يسعى لجعلها تحت الإشراف أو الرقابة غير المباشرة على الأقل، بعد أن بسط التحالف، وبقيادة إماراتية، سيطرته على منطقة باب المندب الاستراتيجية والمناطق الساحلية اليمنية القريبة منها غرب محافظة تعز، بالإضافة إلى سيطرته على أبرز الجزر اليمنية في البحر الأحمر. ومن المتوقع أن يستمر الموقف الرافض من الانقلابيين، ما لم يقدم الجانب الأممي صيغة معدلة تشمل الموانئ الأخرى بالبلاد، أو بما من شأنه جعل الحديدة خطوة فعلية نحو تسوية توقف الحرب المستمرة في البلاد، منذ ما يقرب من عامين ونصف عام.

الجدير بالذكر، أن الساحل الغربي اليمني المطل على البحر الأحمر، كان محط أنظار التحالف بقيادة السعودية والإمارات، منذ بدء عملياته العسكرية في اليمن، نظراً للأهمية الاستراتيجية التي تمثلها المناطق الساحلية، وأبرزها باب المندب، وكذلك الجزر بما فيها زُقر وحنيش، والتي باتت أغلبها تحت سيطرة التحالف. وقد أثار إعلان الرياض أخيراً، عن "مشروع البحر الأحمر"، تعليقات يمنية حاولت الربط بين المشروع السياحي السعودي من جهة، وتركيز عمليات التحالف وتحركاته في الأجزاء الساحلية الغربية لليمن من جهة ثانية، بما يحقق مزيداً من السيطرة له على البحر الأحمر.


المساهمون