فزاعات تكميم الأفواه

فزاعات تكميم الأفواه

06 يوليو 2017
تحريض على نشطاء مقاطعة إسرائيل (Getty)
+ الخط -
ثلاث فزاعات ترفعها أطراف ثلاثة في وجه الرأي العام وصنّاع القرار في العالم الحر، "دعم الإرهاب"، و"الترويع من الإسلام"، و"معاداة السامية". وتتقاطع الفزاعات الثلاث عند نقطة تكميم الأفواه، وقمع الحريات الأساسية، وتقويض قيم وأسس الديمقراطية في المجتمعات المدنية الحرة.
تشهر الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية فزاعة "دعم الإرهاب" أولاً لقمع الحريات الأساسية للفرد، حرية الرأي والتعبير، وثانياً لترهيب المجتمعات الديمقراطية والضغط عليها، وابتزازها للتراجع عما حققته عبر سنوات من النضال المدني من تقدّم ومساواة وديمقراطية وشفافية في الحكم. كما تستخدم هذه الأنظمة فزاعة الإرهاب من أجل تشويه سمعة كل من يختلف معها في الفكر والرأي والتوجّه، وتكميم الأفواه، سواء كان المختلف معها أو عنها، دول أو أحزاب أو أفراد.

وترفع حركات اليمين المتطرف فزاعة التخويف من الإسلام "الإسلاموفوبيا" لنشر الكراهية للإسلام والمسلمين وتأجيج المشاعر الغربية ضد الإسلام، وتقويض حرية الاعتقاد، وقيم التسامح، وزعزعة أسس التعايش المشترك في المجتمعات الحرة على أسس المساواة وتكافؤ الفرص بغض النظر عن معتقدات الأفراد وأصولهم وألوانهم ومشاربهم الثقافية والفكرية.
وتُوظّف تنظيمات اللوبي الصهيوني فزاعة "معاداة السامية" لتشويه خصوم إسرائيل، وثني الرأي العام الغربي عن التعاطف مع الحقوق الفلسطينية، وعدم التجاوب مع حركة مقاطعة إسرائيل، ودفع الناس بالترهيب الفكري إلى قبول الرواية الصهيونية على علاتها، وعلى كل ما فيها من كذب وتزوير. وتسعى الصهيونية عبر فزاعة "اللاسامية" إلى قمع الأصوات المناهضة للاحتلال، الرافضة لسياسات الفصل العنصري، والمحبة للسلام العادل.

وتتقاطع الفزاعات الثلاث في كونها تبني خطابها على حزمة من الأكاذيب والادعاءات والافتراءات لخدمة أجندات خفية مخيفة. فأصحاب فزاعة "دعم الإرهاب" لا يقدرون على الكشف عن حقيقة استخدامهم هذه الفزاعة لتكميم الأفواه وحجب المنابر الإعلامية المستقلة، والقضاء على الثورات الشعبية في مهدها، وحماية ديكتاتوريات تناقض في المبنى والمعنى كل القيم الديمقراطية والإنسانية.

ويتدثر أصحاب "الإسلاموفوبيا" بهذه الفزاعة لإخفاء أجنداتهم اليمينية العنصرية، التي تكره كل أجنبي، وتمجّد قيم الفاشية والنازية، وتسعى لبعث آفات "التفوق" و"النقاء" التي نبذتها المجتمعات الغربية بسيول من العرق والدم. ويخفي خفافيش فزاعة "معاداة السامية" أجندات مسمومة تمجّد الاحتلال واغتصاب حق الغير وكرامته، في مقابل قمع المقاومة المشروعة، حتى وإن اقتصرت هذه المقاومة على الكلمة، مع التحريض على نشطاء مقاطعة إسرائيل وتشويه نضالهم الإنساني.
هي فزاعات ثلاث، تتماهى في الأدوات والأساليب ونشر خطاب الكراهية، وتلتقي عند أهداف تقويض القيم الإنسانية الجميلة، وتكميم الأفواه، وإقصاء الرأي الآخر، حتى تبدو في جوهرها فزاعة واحدة بثلاثة رؤوس.