انقسامات الإدارة الأميركية تغري دول حصار قطر بالاستقواء بترامب

انقسامات الإدارة الأميركية تغري دول حصار قطر بالاستقواء بترامب

13 يوليو 2017
البيت الأبيض ترك تيلرسون وحيداً (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
بقدر ما كشف مضمون "مذكرة التفاهم" القطرية ــ الأميركية عن مدى هشاشة ذرائع المحور الرباعي وقائمة مطالبه الـ13 في حملته ضد الدوحة، بقدر ما بدت هذه الخطوة مدخلاً صالحاً للخروج من الأزمة التي فجّرها حصار قطر، ذلك أن انضمام الدول الأربع إلى هذا التفاهم يكفل إزالة السبب المزعوم لإعلان الحصار وتفجير المشكلة.

لكن عزوف الفريق المحاصِر عن التقاط مثل هذه الفرصة، وردّه بأن "هذه الخطوة لا تكفي"، فضح نواياه تجاه قطر، وأن الحصار هدفه لا علاقة له بمزاعم دعم الإرهاب، بل بطموحات أخرى تتصل بالتخلص من دولة قطر وسياساتها المستقلة عن محور الرياض - أبو ظبي، وبما زاد من إحباط وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، الذي نوّه، في المقابل، بـ"مواقف قطر الواضحة والمنطقية جداً"، فضلاً عن إشادته المتكررة بالوساطة الكويتية.

ويقول الباحث في "مركز أميركا للتقدم"، لاري كورب، لـ"العربي الجديد"، إن الوزير تيلرسون "يحاول صياغة مخرج يحفظ ماء الوجه"، لكنه لم يحظ بعد بتجاوب الرباعي، مع أنه "بوسع أميركا الضغط عليه".


ويبدو أن غياب هذا الضغط، أو عدم كفايته حتى الآن، يعود في جانب مهم منه إلى "ترك تيلرسون لوحده من غير مؤازرة من البيت الأبيض"، كما يرى مراقبون، إذ إن المذكرة تفتح الطريق إلى فض الاشتباك السياسي المفتعل.

كان المطلوب أن تسارع الإدارة الأميركية، وتحديداً الرئيس دونالد ترامب، بالرغم من انشغاله الطاغي بالكابوس الروسي، إلى إصدار بيان أو موقف يحتضن المذكرة، ويدعو إلى اعتمادها نقطة ارتكاز لحل الأزمة ورفع الحصار. فأن تعلن إدارته، بلسان الوزير تيلرسون، أن الدوحة شريك في محاربة الإرهاب وتمويله، هو ليس أقل من نقض مباشر لأي زعم مخالف، وبالتالي هو دعوة ضمنية لإسقاط المطالب والتراجع عن إجراءات الحصار.

غياب الدفع، حتى الآن، بهذا الاتجاه يعني غياب توافق على سياسة واضحة تعتمدها الإدارة في هذا الخصوص. وهذا واقع قائم ومعروف في واشنطن، ليس فقط بالنسبة لهذه الأزمة، بل في ما يتعلق بسائر القضايا والملفات، فالبيت الأبيض في حالة من الفوضى والتخبط، داخله وفي علاقاته مع سائر الأجهزة والمؤسسات. 


الرئيس فوّض فريق الأمن القومي والسياسة الخارجية بالتصرف الميداني والدبلوماسي، خاصة في ما يتعلق بالملفات الساخنة في الشرق الأوسط، من دون استراتيجية متماسكة، وهو خلل يحذر العارفون من عواقبه.

ثم إن البنتاغون يدير المعركة في الموصل كما في الرقة ومناطق أخرى من سورية. ومعركة الموصل أشرفت على النهاية من دون تصور لمرحلة ما بعدها، سوى "الإبقاء على قوات أميركية في العراق، لأن المعركة طويلة".

وهكذا هو الحال في سورية بعد الرقة. الشق العسكري فيها فاعل، لكن من غير أفق سياسي. مأخذ يردده رجال الكونغرس، ولو من دون طرح بدائل. وهم في حالة تخبط أيضاً في معالجة القضايا الداخلية، وبما لا يقل عن حالة الإدارة.

دبلوماسيا، بدأ تيلرسون يتحرك بصورة ملموسة، لكنه يعاني من الأعطاب والقيود نفسها. مضت على جولته الخليجية أربعة أيام من غير حصيلة تذكر، حتى اللحظة. ليس سراً في واشنطن أن الدول الأربع تستقوي بالبيت الأبيض، كما ليس هناك من يشك في أن لدى واشنطن القدرة على وضع الأزمة على المسار المؤدي إلى تفكيكها، وخاصة أن استمرارها، ناهيك عن تصعيدها، "يعرقل الحرب على الإرهاب"، كما تقول الإدارة الأميركية.

بوجود مثل هذه المصلحة الأميركية الضاغطة، كان من المفترض أن تتحلحل الأمور باتجاه الانفراج. المراوحة تطرح علامات استفهام. وطالما بقيت الحسابات الإيرانية حاضرة في صياغة الموقف، طالما بقي هذا الأخير في دائرة اللاحسم.