مليشيات "الحشد" وريثة "داعش" بتهريب النفط العراقي

مليشيات "الحشد" وريثة "داعش" بتهريب النفط العراقي

20 يونيو 2017
عناصر "الحشد" يؤمنون قوافل النفط حتى سورية(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
ما إن انحسر وجود تنظيم "داعش" في العراق، حتى سيطرت مليشيات "الحشد الشعبي" على مصادر التمويل النفطية، والتي اعتمد عليها التنظيم خلال سنوات خلت في تهريب النفط. واستطاعت تلك المليشيات استغلال الصراع السياسي حول محافظة كركوك الغنية بالنفط، لتفرض سيطرتها على عدد من الآبار النفطية فيها، وتبدأ عمليات تهريب منظّمة، تعتمدها كمصادر تمويل لها بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالعراق.

ومع عمليات التهريب، تتضح أسباب إصرار قادة "الحشد" على المشاركة في معركة الموصل، وتحديداً في المحور الغربي الممتد إلى الحدود السورية، ليكشف هذا التوجّه عن أجندة "الحشد" لتأمين طريق بري كامل تحت سيطرته، لتمر من خلاله صهاريج النفط المهربة إلى سورية.
ووسط صمت حكومي، تقوم المليشيات بدور خطير في استثمار واردات البلاد وتسخيرها لخدمة أجنداتها، بينما تغضّ قوات البشمركة الكردية الطرف عن تلك العمليات على الرغم من علمها بها، بسبب الأزمة السياسية في كركوك وما ينتظرها من مستقبل سياسي بعد إجراء الاستفتاء على ضمّها لكردستان، ما تطلّب من الأكراد عدم إثارة المشاكل في الوقت الحالي، الأمر الذي استغلته "الحشد" لصالحها.

وكشف مسؤول في شركة نفط الشمال، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "مليشيات الحشد الشعبي سعت للسيطرة على عدد من حقول نفط كركوك منذ أن انسحب تنظيم داعش منها، وتحديداً الآبار الواقعة في الأراضي العربية والتركمانية في المحافظة"، موضحاً أنّ "تلك المليشيات لجأت إلى تنفيذ هجمات تخريبية على أنابيب النفط وعدد من الآبار النفطية لتحظى بالفرصة لفرض نفسها كقوة لتأمينها، كخطة لفرض سيطرتها عليها".
وأضاف المسؤول أنّ "تلك المليشيات استطاعت السيطرة على عدد من تلك الآبار، ووزعت فصائلها لحراستها، وحراسة الأنابيب النفطية، وتأمين الطرق التي تصل إلى تلك الآبار"، مشيراً إلى أنّ "تلك المليشيات بدأت تنفيذ عمليات تهريب منظّمة للنفط من تلك الآبار، وهي تسلك طريقها عبر محافظة صلاح الدين باتجاه جنوب الموصل وصولاً إلى سورية". وأوضح أنّ "عمليات التهريب تتم عبر صهاريج نفطية عراقية، تحمل لوحات عراقية، وهي تجري بشكل يومي ومستمر، وعلى مرأى ومسمع من الجهات الرسمية".

وخلال عمليات التهريب، اندلع حريق الأسبوع الماضي في الخط الناقل من حقول جمبور بالقرب من بلدة تازة والذي يرتبط بمستودعات شركة نفط الشمال، ما دعا فرق الدفاع المدني للقيام بعملية إخماد النيران والسيطرة عليها، الأمر الذي كشف عن عمليات التهريب.
وإثر ذلك سارعت المليشيات إلى محاولة التغطية على عمليات التهريب، وأعلنت عن تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة أسباب الحريق والجهات التي تقف وراءه. وأكد القيادي في مليشيا "بدر"، وهي من أكبر فصائل "الحشد"، (مسؤول محور الشمال) محمد مهدي البياتي، في تصريح صحافي، أنه "تم تشكيل لجان تحقيقية بفرع الشمال، بشأن اندلاع الحريق في الأنبوب الناقل للنفط"، قائلاً إنّ "التحقيق يجرى بكل شفافية"، وإنّه "تتم متابعته بكل تفاصيله، وستتم معرفة الجهات المتسببة بهذا الخلل الكبير، ومحاسبتها وفقاً للقانون".
وكان تنظيم "داعش" يعتمد على تهريب النفط من الحقول العراقية التي سيطر عليها في كركوك والموصل وصلاح الدين، ومن خلال تلك العمليات حصل على أموال طائلة انعكست على قوته العسكرية.


من جهته، أكد عضو في مجلس محافظة كركوك عن المكوّن العربي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القيادات الكردية في المحافظة على علم واطلاع بسير عمليات التهريب التي تقودها الحشد في المحافظة". وقال المسؤول، الذي طلب عدم كشف اسمه، إنّ "المليشيات استغلّت الأزمة السياسية التي تمرّ بها محافظة كركوك، وسعي الأكراد لضمّها إلى كردستان"، موضحاً أنّ "الأكراد حالياً لا يريدون تأجيج أي مشاكل جانبية داخل المحافظة، محاولين كسب الوقت لإجراء الاستفتاء على الانفصال، الأمر الذي صبّ في صالح الحشد، التي استغلت ذلك لتهريب النفط، وعدم تدخل الأكراد في ذلك، في وقت لا تتدخل فيه أيضاً الحكومة العراقية".
ولفت إلى أنّ "عمليات التهريب بدأت منذ أكثر من شهر، وهي عمليات منظّمة وتجري بشكل يومي، ولا أحد يعترض طريق الصهاريج المحمّلة بالنفط، والتي تسير مع أرتال من الحشد التي توفر الحماية لها"، معتبراً أن "مليشيات الحشد لا تختلف اليوم عن داعش، إذ إنّ التنظيم كان يعمل على تحقيق مكاسب مالية من خلال تهريب النفط العراقي، واليوم الحشد بدأت بالسياسة نفسها، وتقوم بتمويل نفسها من خلال تهريب نفط العراق"، مطالباً الحكومة بـ"وضع حدٍ لعمليات تهريب النفط العراقي، ومنع المليشيات من استغلال نفوذها لتهريب واردات العراق".

وبعد أن سيطرت مليشيات "الحشد" على المحور الغربي للموصل ووصلت إلى الحدود السورية، ومع وصول قوات النظام السوري إلى الحدود، وإزالة الساتر الترابي الفاصل بين البلدين لأجل التعاون العسكري، أصبح الطريق بين البلدين سالكاً وممهداً بشكل كبير، الأمر الذي سهّل من التعاون والتنسيق العسكري، يضاف إليه عمليات تهريب النفط.
وقال ضابط في قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مليشيات الحشد عملت على تأمين الطريق الرابط بسورية بشكل كامل، واستطاعت توزيع قطعاتها في نقاط حراسة منتشرة على الطريق"، موضحاً أنّ "أرتال الحشد التي تؤمن صهاريج تهريب النفط، توصلها إلى الموصل، لتسلمها إلى قيادات الحشد هناك والتي تتسلم مهمة متابعتها وإيصالها إلى سورية". وأكد أنّ "تلك العمليات مستمرّة ويومية، وأنّ الصهاريج تتحرك باتجاه سورية في أوقات النهار حصراً، وتتوقف ليلاً خشية استهدافها".

المساهمون