"الحشد الشعبي" السوري... محاولة إيرانية لفتح طريق إلى العراق

"الحشد الشعبي" السوري... محاولة إيرانية جديدة لفتح طريق لها إلى العراق

12 يونيو 2017
ترفض "قسد" التنسيق مع "الحشد الشعبي" السوري(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

يتسارع السباق للسيطرة على الحدود السورية العراقية، الممتدة على طول أكثر من 600 كيلومتر، إذ تعمل إيران على أكثر من محور لتأمين طريق بري، يكون تحت سيطرتها، من معاقل "حزب الله" في لبنان مروراً بسورية والعراق وصولاً إلى إيران، إن كان عبر طريق شرق السويداء أو أوتوستراد دمشق بغداد، عبر التنف، والتي تعتبر منطقة نفوذ أميركية، وتنتشر فيها الفصائل المسلحة المعارضة، المدعومة من واشنطن.
وقد سبق أن وجه التحالف الدولي رسائل تحذيرية وضربات جوية للمليشيات الإيرانية والعراقية وقوات النظام التي تحاول التقدم باتجاه التنف، طالباً منها عبر مناشير ألقتها طائراته واتصالات مباشرة مع الروس العودة إلى حاجز ظاظا، الذي يبعد عن الحدود أكثر من 70 كيلومتراً، الأمر الذي يبدو أنه يدفع الإيرانيين للعمل على فتح طريق عبر السخنة دير الزور الميادين باتجاه الحدود العراقية، مروراً بالمنطقة الواقعة بين ريف البوكمال الشمالي وريف الحسكة الجنوبي.

وفي الوقت الذي تقدم فيه "الحشد الشعبي" العراقي باتجاه الحدود السورية العراقية، وسيطر على قريتين جنوب الحسكة على حساب تنظيم "داعش"، وتقدم باتجاه القائم المقابل للبوكمال في الأراضي السورية، سارعت إيران إلى تشكيل مليشيا جديدة تتبع لها في القامشلي والحسكة، تحت اسم "الحشد الشعبي السوري". وتفيد مصادر محلية بأن إيران تعمل حالياً على جمع الشباب في مراكز لتدريب المقاتلين على استخدام مختلف أنواع الأسلحة، وتكتيكات المعارك، كما أنها أعلنت أنه سيتم تسوية أوضاع الشباب المنشقين أو الفارين من الخدمة في قوات النظام، في حال التحقوا بتلك المعسكرات العسكرية، وقاتلوا في صفوفها.

وقال مصدر متابع من الحسكة، طالباً عدم الكشف عنه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هذه المليشيا تندرج ضمن سلسلة من المحاولات لتشكيل مليشيات موالية للنظام وإيران، مثل كتائب البعث والدفاع الوطني والمغاوير"، مبيناً أن "هذه المليشيا ما زالت في طور التشكيل داخل المربع الأمني في القامشلي، الذي يسيطر النظام عليه وصولاً إلى المطار. ويوجد في هذه المنطقة المقرات والمراكز الأمنية، وحارة طيء التي يسكنها أبناء عشيرة طيء العربية. ولا يوجد لهذه المليشيا أي تحركات حتى الآن". وأضاف "لقد فتحوا باب التطوع مقابل راتب شهري يبلغ 200 دولار أميركي، ليعطوا فرصة للشباب، الذين انسحبوا من الدفاع الوطني وكتائب البعث والمغاوير، للانضمام لهم". ورأى أن "الهدف هو تشكيل جبهة مشتركة على طرفي الحدود السورية العراقية لمنع تقدم جيش سورية الجديد، بدعم أميركي، نحو البوكمال في دير الزور". وأشار إلى أن "غالبية المكون العربي هو ضمن قوات سورية الديمقراطية (قسد)، كعشائر الشمر والشرابيين وهي كبرى العشائر في المنطقة، ويبقى العناصر المقربون من النظام، وقد تم تجنيدهم ضمن الكتائب المعروفة بتبعيتها للنظام".
وقال المصدر إن "إيران سبق أن شكلت عدة مليشيات، آخرها مليشيا المغاوير ودعمتهم بالمال والسلاح، وقد شاركوا في عدة معارك ضد مليشيا قوات حماية الشعب في القامشلي والحسكة". واستبعد "حدوث تنسيق بين قسد والحشد الشعبي"، معللاً الأمر بأن "معركة قسد الكبرى هي الرقة، في حين أن جيش سورية الجديد يتقدم نحو البوكمال، وليس من مصلحتها أن تبقى المناطق الحدودية بيد الحشد الشعبي، سواء السوري أو العراقي". وأوضح أنه "إذا دعت الحاجة إلى تنسيق، فإنه من الممكن أن يكون مع جيش سورية الجديد وليس الحشد"، معتبراً أن "فرص نجاح إيران في مسعاها ضعيفة، في ظل الموقف الأميركي الحاسم لمنع أي قوات من التقدم باتجاه الحدود السورية العراقية".


من جانبه، قال مستشار الرئاسة المشتركة لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي"، سيهانوك ديبو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "أي قوة عسكرية تنشأ خارج مظلة قوات سورية الديمقراطية لن تكون شرعية، لأن الأجندة ستبدو مختلفة، وسيظهر التناقض مع المشروع الديمقراطي، الذي هو بالأساس هدف مثبت لقسد، أي مشروع الفدرالية الديمقراطية". وبين أن "بعض المعلومات الأولية المتوفرة تؤكد بأن الأسماء المرشحة للقيام بهذه المهمة هي أسماء لم يكتب لها النجاح وتفتقد الحاضنة المجتمعية. ونذكر بأن آخر التشكيلات التي لم يكتب لها النجاح كان ما سمي بالفيلق الخامس". وتابع أن "محاربة الإرهاب وترسيخ التغيير الديمقراطي في سورية بات يشكل ذاكرة وحاضر ومستقبل الجميع، عن طريق مجلس سورية الديمقراطي، وهو المظلة السياسية لقسد". ونفى أن يكون ما سمي "الحشد الشعبي السوري" ملحوظ على الأرض. وقال "هذا التشكيل غير موجود. إنها المحاولة الخامسة لإيجاد تشكيل يخدم، في النهاية، إعادة إنتاج النظام الاستبدادي". وأضاف "لأن سورية لم تعد موجودة بالشكل الذي عرفناه، فإن على عموم القوى الوطنية السورية الاحتكام إلى منطق التاريخ والمستقبل، والالتفاف حول مشروع فيدرالية الشمال السوري، وتعميمها سورياً، كي يتم انتشال سورية من واقعها التقسيمي، وتكون سورية، للمرة الأولى، لكل السوريين". وكان ديبو قال، سابقاً لـ"العربي الجديد" حول موضوع "الحشد الشعبي" العراقي وإمكانية التنسيق معه، إن "التعامل مع الحكومة العراقية والتنسيق معها سيكون جيداً، بما يخدم تكريس الأمن والاستقرار المجتمعي، بما فيه الجانب الاقتصادي وتلبية احتياجات المدنيين والأهالي على الجانبين، وفي ظل ظروف الحصار المفروضة على روج آفا (الحسكة) وشمال شرقي سورية من الجانبين التركي ومن جانب بيش خابور الذي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم التدخل في الشؤون الداخلية، خصوصاً ما يتعلق بفرض مشاريع وأجندات فئوية ضيقة".

من جهته، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني، ياسر الفرحان، في تصريح، بحسب الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري، إن إيران تريد ضمان بقاء نفوذها في سورية. وأضاف إن الأنباء الواردة عن تشكيل "حشد شعبي سوري" هي للتغطية على عناصر الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الطائفية المنتشرين في سورية. واعتبر أن "هدف إيران لا يزال ربط طهران بدمشق عبر بغداد، والوصول إلى المتوسط"، لافتاً إلى أن "حالة الرفض العام لدى أهالي المنطقة لمليشيات الحزب، تدفع البعض للجنوح إلى تشكيلات أخرى"، مشدداً على ضرورة رفض جميع التشكيلات البعيدة عن المشروع الوطني الجامع. من جانبه، قال الناشط الإعلامي، صهيب الحسكاوي، لـ"العربي الجديد"، إن قائد ما سمي "الحشد الشعبي السوري" يدعى علي حواس الخليف، وهو من عشيرة الراشد. ويقدر تعداد "الحشد" حالياً بنحو 500 شخص، غالبيتهم كانوا من مقاتلي مليشيا "الدفاع الوطني"، قبل أن يفككها النظام من أجل زجهم في هذه المليشيا الجديدة، لافتاً إلى "وجود تنسيق من قبل نواف راغب البشير مع الحشد، وقد أعطى ضمانات بتجنيد عشائر البكارة في صفوفه، بهدف تحرير دير الزور، لكنها تبرأت منه". وأضاف "الحشد يحاول إغراء الشباب بامتيازات أمنية، وإعطاءهم بطاقة أمنية، إضافة إلى العلاج المجاني، والحصول على المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى الراتب المضاعف عن راتب العنصر في الدفاع الوطني".