مفاوضات "بريكست" تبدأ اليوم بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي

مفاوضات "بريكست" تبدأ اليوم بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي

19 يونيو 2017
جولة المفاوضات اليوم ستنحّي المواضيع الخلافية (تيري شارلير/فرانس برس)
+ الخط -



تبدأ بريطانيا، اليوم الإثنين، رسمياً مفاوضات شاقة لمغادرة الاتحاد الأوروبي بحكومة ضعيفة، تسعى للتوصّل إلى اتفاق "لا مثيل له في التاريخ".

وقبل ساعات على بدء المفاوضات، شهدت لندن عملية دهس جديدة، أسفرت عن سقوط قتيل وثمانية جرحى كما ذكرت الشرطة التي أوضحت أنّ كل الضحايا من المسلمين.

وبعد مرور سنة على استفتاء جاءت نتائجه أشبه بزلزال، يلتقي وزير "بريكست" ديفيد ديفيس، في بروكسل، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه، في مقرّ المفوضية في بروكسل.

ومستقبل بريطانيا على المحك في المفاوضات الشديدة التعقيد، والمتوقع أن تستمر حتى مارس/ آذار 2019، بل وأيضاً النظام السياسي الغربي برمته الذي قد يهتز بقوة في حال الفشل في التوصّل إلى اتفاق.

والوضع اليوم مختلف تماماً عما كان عليه قبل 12 شهراً، حين كان مناصرو بريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) في القمة، مع طرح تساؤلات حول المقاربة التي تعتمدها رئيسة الوزراء تيريزا ماي، بعد أداء كارثي في الانتخابات التي جرت في الثامن من يونيو/ حزيران.

وقال وزير "بريكست" ديفيد ديفيس، في بيان، قبيل توجهه إلى المفاوضات، إنّ "الطريق طويل أمامنا، إلا أنّ وجهتنا واضحة - شراكة راسخة ومميزة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. اتفاق لا مثيل له في التاريخ". وأضاف "أتطلع إلى بدء العمل على هذا المستقبل الجديد".

ديفيس: الطريق طويل أمامنا (جاستين تاليس/فرانس برس) 

من جهته، صرح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، عند وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "أعتقد أنّ كل العملية ستؤدي إلى نهاية سعيدة ستكون مشرفة ومربحة للطرفين".

تحذير من "حافة الهاوية"

تخشى أوساط في بروكسل من عدم وجود استراتيجية بريطانية حقيقية، مع تعرّض ماي للضغط وسعيها المستمر للتوصل إلى اتفاق مع "الحزب الوحدوي الديمقراطي" في إيرلندا الشمالية من أجل تأمين غالبية للبقاء في السلطة، إلى جانب تعرّضها لانتقادات بشأن طريقة إدارة تبعات حريق البرج السكني في لندن.

ووضعت الحكومة استراتيجية "بريكست شاق" لخفض أعداد المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي، على حساب عضوية بريطانيا في السوق الأوروبية المشتركة والوحدة الجمركية.

إلا أنّ تساؤلات بدأت تُطرح بشأن هذه المقاربة عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو/ حزيران، وخسرت بنتيجتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي الغالبية التي كان يحظى بها حزب المحافظين.

وأكد وزير المالية البريطاني فيليب هاموند، أمس الأحد، أنّ الخطة تتضمن الخروج من الاتحاد الأوروبي والوحدة الجمركية والسوق الأوروبية المشتركة. وتابع هاموند محذراً "علينا أن نتوصّل إلى ذلك بسلاسة وليس بـ(اعتماد سياسة) حافة الهاوية".

حذّر هاموند من اعتماد سياسة "حافة الهاوية" (getty) 


من جهته، قال بارنييه إنّه يتعيّن على الطرفين التوصّل لاتفاق بحلول أكتوبر/ تشرين الأول 2018، لإعطاء متسع من الوقت للبرلمانين الأوروبي والبريطاني من أجل إقرار الاتفاق بحلول "يوم بريكست" في مارس/ آذار 2019.

رضوخ مبكر

يبدو أنّ بريطانيا رضخت أمام إصرار الاتحاد الأوروبي على تركيز المفاوضات أولاً على ثلاثة مواضيع رئيسية، قبل التطرّق إلى مستقبل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وأي اتفاق تجاري محتمل.

والمواضيع الثلاثة: هي كلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي تقدّرها بروكسل بحوالى 100 مليار يورو (112 مليار دولار)، وحقوق قرابة ثلاثة ملايين من الرعايا الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ومليون بريطاني مقيمين على أراضي الاتحاد، كما ومسألة الحدود بين إيرلندا الشمالية (أراضي بريطانيا) وإيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.

وقال مصدر أوروبي لوكالة "فرانس برس"، إنّ "الجلوس لإجراء جولة رسمية أولى من المفاوضات هو مؤشر بحد ذاته".

بارنييه دعا للتوصّل لاتفاق بحلول أكتوبر (إمانويل دوناند/فرانس برس) 

وصوّتت بريطانيا بنسبة حوالى 52% العام الماضي، في حدث غير مسبوق، على إنهاء عضويتها التي استمرت لعقود في تكتل الدول الثماني والعشرين، على خلفية القلق حيال أزمة الهجرة وفقدان السيادة، في استفتاء شكلت نتائجه زلزالاً سياسياً في الداخل وصدمة كبيرة في العالم.

وأثار تلويح بريطانيا بالخروج بدون التوصل لاتفاق قلق العواصم الأوروبية.

ومن المرجّح أن تضع جولة المفاوضات، اليوم الإثنين، جانباً المواضيع الخلافية، بحسب ما قال مسؤولون.

وستكون أمام ماي فرصة لإطلاع الأعضاء الـ27 الآخرين في الاتحاد الأوروبي على خطتها لـ"بريكست" في قمة تعقد، الخميس، في بروكسل.

وقال مصدر أوروبي إنّ "إعادة بناء الثقة هي الطريقة الأمثل لقضاء هذا الأسبوع".

ووسط تقارير تفيد بأنّ ماي ستقدّم "عرضاً سخياً" بشأن حقوق الرعايا الأوروبيين المقيمين في بريطانيا، قال المصدر إنّه تم تحذير لندن من القيام بذلك هذا الأسبوع، على اعتبار أنّ طرح ذلك يعني مناقشة قضية شائكة حتى قبل بدء المفاوضات فعلياً.

(فرانس برس)