بريطانيا: زيارة السفير الإسرائيلي إلى "سواس" تستنفر المقاطعين

بريطانيا: زيارة السفير الإسرائيلي إلى "سواس" تستنفر المقاطعين

22 ابريل 2017
تندرج ندوة ريغيف في إطار الحملة ضدّ المقاطعة(يونوس كايماز/الأناضول)
+ الخط -

تثير مسألة الزيارة المتوقّعة للسفير الإسرائيلي في بريطانيا، مارك ريغيف، لكلية الدراسات الشرقية والأفريقية (سواس) في جامعة لندن، في 27 إبريل/ نيسان الحالي، جدلاً واسعاً بين الطلاب والمحاضرين في الجامعة وإدارتها، ما دفع بنحو 120 محاضراً و40 منظمة طلابية ومجموعة من طلاب الجامعة الفلسطينيين إلى توجيه رسائل احتجاج للإدارة، والإعلان عن خطوات احتجاجية ضد زيارة ريغيف.

وعبرت هذه الرسائل عن الامتعاض الشديد من قرار الجامعة السماح بهذه الزيارة، نظراً لأنها تتناقض مع الاستفتاء العام الذي دعمت فيه غالبية طلاب ومحاضري الجامعة حملة مقاطعة إسرائيل. كما يمثل ذلك استخفافاً من قبل الإدارة بالإرادة الديمقراطية للطلاب والعاملين في "سواس"، على ما تقوله هذه الرسائل. ذلك أن هذه الزيارة تأتي على خلفية طرد السلطات الإسرائيلية، أو منعها دخول فلسطين، العديد من الطلبة والمحاضرين بسبب مواقفهم النقدية لسياساتها ودعمهم لحركة المقاطعة. وأشار الطلاب والمحاضرون إلى أنّ ريغيف، وهو متحدّث سابق باسم دولة إسرائيل، قد وصل إلى مكانة دولية نتيجة دفاعه عن الهجمات الوحشية والمتكرّرة على قطاع غزة، بما في ذلك العديد من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي التي نفّذت خلال تلك العمليات. كما لفتوا إلى معارضتهم لوجود الأمن الإسرائيلي في حرم الجامعة، وإلى قلق الطلاب الفلسطينيين تحديداً من أن جمع المعلومات الاستخباراتية عنهم قد يضر بحقوقهم في الدخول إلى وطنهم، خصوصاً على ضوء القانون الإسرائيلي الجديد الذي يمنع دخول من يدعم المقاطعة إلى إسرائيل.

وأصدرت نحو 40 جمعية طلابية، ضمنها جمعية إسرائيلية، بياناً بعنوان "الفصل العنصري خارج حرم الجامعة"، ذكر أن ريغيف سيتحدّث في الجامعة كممثّل رسمي للدولة الإسرائيلية، وليس بصفته الشخصية، وعلى الرّغم من ذلك، تمّ منحه غطاء بصفته أكاديمياً قبل مركزه كمسؤول رسمي، أو الالتفات إلى مواقفه بشأن التوسّع المستمر للمستوطنات غير القانونية وحصار غزّة وسرقة الأراضي، والقوانين التمييزية المفروضة على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. ولفت البيان إلى أنّ هذه المناقشة ليست أكاديمية، بل هي ممارسة رسمية في الدعاية لدولة إسرائيل.

وعلّق رئيس مركز الدراسات الفلسطينية في "سواس"، البروفيسور جيلبير الأشقر، لـ"العربي الجديد"، على دعوة اثنتين من الجمعيات الطلابية الصغيرة للسفير الإسرائيلي لإلقاء محاضرة في الجامعة، بأنه لا يستبعد وجود استفزاز متعمّد من قبل السفارة. وأشار إلى أنّ وقع هذه الدعوة على الجسم التعليمي والطلابي كان استفزازياً، بيد أنّ إدارة الجامعة وافقت على إجراء الندوة باسم حرية التعبير، ولم تعدّل موقفها حتى الآن، برغم توقيع 120 أستاذاً على رسالة احتجاج وإصدار بيان وقّعت عليه عشرات الجمعيات الطلابية. وفي ما يتعلق بالاحتجاجات التي يتم التخطيط لها، لفت الأشقر إلى أنّ الطلاب دعوا للتجمّع مساء الخميس 27 إبريل/ نيسان، أي في الموعد ذاته الذي يزور فيه السفير الإسرائيلي الجامعة. وسيتجمع الطلاب في الساحة العامّة للجامعة في احتفال تضامني مع القضية الفلسطينية، وسيلقي عدد من أعضاء الجسم التعليمي كلمات. وأشار إلى أنّه تجمع سلمي، ولا نيّة لديهم في تعكير أو منع ندوة ريغيف، التي يتوقّع فشلها بجميع الأحوال، لأنّ حضور طلاب "سواس" سيكون قليلاً للغاية. وللتأكيد على سلمية الاحتجاج وابتعاده عن معاداة السامية أو اليهود، قال الأشقر إنّ بعض الزملاء من أصول إسرائيلية ويهودية سيلقون كلمات فيه، كون الموضوع يقتصر على رفض مجيء سفير لدولة تمارس الاضطهاد والعنف ضد الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين، ولا يدخل أو يندرج تحت باب الحرّيات الأكاديمية.

وكانت إدارة الجامعة أعلنت، في بيان للطلاب والمحاضرين، أنّها لم تدع السفير الإسرائيلي، بل دعته جمعيات طلابية، ومن باب حرية الرأي وافقت الجامعة على استضافته بما في ذلك جملة من الشروط الأمنية التي ترتبط بشخصه. ويعلّق الأشقر على ذلك بأنّ هذا شكّل سبباً إضافياً للاحتجاج، لأنّ مثل هذه الندوة تتخذ أشكالاً أمنية لا تمتّ بصلة إلى الحياة الجامعية، وهي تندرج بكل وضوح في إطار الحملة التي تقام حالياً من قبل حكومة إسرائيل ضدّ كل أشكال المقاطعة بحجّة أنها تنمّ عن عداء عنصري لليهود، وهي ذريعة معهودة في محاولة كمّ أفواه نقّاد دولة إسرائيل.

وقال المحاضر في كلية الحقوق في الجامعة، الدكتور نمر سلطاني، لـ"العربي الجديد"، إنّ حقيقة الأمر أنّ الجامعة فرضت الأمر على الطلاب، وإدارتها تختبئ عملياً وراء ادّعاءات حرية التعبير عن الرأي وخلف اتحاد الطلبة كي تتنصّل من مسؤوليتها بما يتعلّق باستضافة السفير الإسرائيلي. وأوضح أنّ إدارة الجامعة سمحت بهذه الندوة رغم وجود معارضة في اتحاد الطلبة، تحت مزاعم قانونية غير دقيقة، فضلاً عن أنّها نسّقت مع السفارة الإسرائيلية، وبالتالي كانت جزءاً لا يتجزأ من عملية الترتيب لهذه الاستضافة، ولذا فهي تتحمل كامل المسؤولية. وأشار إلى أن ذلك يعتبر بمثابة اعتداء على تاريخ وقيم "سواس" المعروفة بالفكر اليساري والنشاط الطلابي النقدي والمعادي للاستعمار. ولفت سلطاني إلى أنّ أساتذة الجامعة اعترضوا، العام الماضي، على استقبال مديرة الجامعة للسفير الإسرائيلي، بعد أن وقّع أكثر من 90 محاضراً عريضة احتجاج، لكن من الواضح أن الناشطين الصهاينة يحاولون الاستفادة من الجو اليميني السائد في بريطانيا، ومهاجمة الصحف الشعبوية لنشطاء المقاطعة و"سواس"، على ضوء نجاح أسبوع الأبرتهايد الإسرائيلي، وبالتالي يحاول الصهاينة الأخذ بزمام المبادرة من أجل تحجيم النشاط من أجل المقاطعة وضد الاضطهاد الإسرائيلي. وتابع "بما أنّ سواس تشكّل رأس الحربة بين الجامعات البريطانية، من ناحية انتقاد إسرائيل والتعريف بجرائمها، وحمل لواء علم المقاطعة للضغط على إسرائيل، فمن الواضح أنّ هناك استهدافاً لهذه الجامعة بشكل خاص، لكن في ظل وجود وعي عالٍ بين الطلاب والمحاضرين، وبالرغم من موقف إدارة الجامعة، فإنهم سيتحدّون هذه الهجمة الصهيونية".

إلى ذلك، قالت طالبة فلسطينية من الجامعة، فضلت عدم نشر اسمها، لـ"العربي الجديد"، إنّ "إدارة الجامعة تجاهلت تماماً رسائل الطلاب الفلسطينيين، ولم تتعامل بجديّة مع احتجاجاتهم ومخاوفهم، كما أنها ردّت بشكل مقتضب جداً على رسالة المحاضرين. وعلاوة على ذلك حاولت التملّص من المسؤولية بخصوص هذا الحدث. ومثل هذه التصرفات من قبل الإدارة تشوه سمعة الجامعة كصرح علمي يستقبل الطلاب الفلسطينيين ويحتضن الأبحاث عن فلسطين"، مؤكدة مضيهم في التحضير للاحتجاجات.
في المقابل، تواصلت "العربي الجديد" مع مكتب إعلام إدارة "سواس". ورغم الأسئلة المفصّلة، ردّ الأخير متجاهلاً الإجابة عن أي من الأسئلة. وقال إن الجامعة أصدرت بياناً بشأن زيارة السفير الإسرائيلي، وممّا جاء فيه: إنّ جمعيتي طلاب من الجامعة، وهما "الجمعية اليهودية" و"جمعية الأمم المتحدة"، طالبتا باستضافة ريغيف، وبما أنّ هذه الجمعيات طلابية، فإنّ الحدث ينعقد برعاية اتحاد طلاب الجامعة، وهو هيئة منفصلة عن الجامعة.