ماكرون... واجهة استقطاب لليسار واليمين في فرنسا

ماكرون... واجهة استقطاب لليسار واليمين في فرنسا

10 مارس 2017
ماكرون في حملته الانتخابية (إريك فيفيربيرغ/فرانس برس)
+ الخط -

تتوالى الأخبار السّارة بالنسبة لمرشح حركة "ماضون قُدُماً"، وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون، وذلك عبر مواصلته استقطاب شخصيات سياسية وازنة من الحزب الاشتراكي، تجاهر بتأييدها له على حساب المرشح الاشتراكي بونوا هامون، خارقة بذلك مبدأ "التعهّد بمساندة المرشح الاشتراكي الفائز في الانتخابات التمهيدية". آخر هؤلاء كان رئيس بلدية باريس السابق، برتران ديلانوي، الذي خرج من عزلة "تقاعده" السياسي، معلناً يوم الأربعاء، انحيازه لماكرون. ديلانوي هو أحد أبرز الشخصيات الاشتراكية الوازنة، ورصيده إيجابي في أوساط الناخبين المتعاطفين مع الاشتراكي، بفضل عمله الجيد على رأس بلدية باريس.

ويأتي دعم ديلانوي بعد حصول ماكرون على تأييد الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الفرنسي روبرت هو، والزعيم السابق في حزب الخُضر دانيال كوهن بانديت، وزعيم حزب "موديم" اليميني الوسطي فرانسوا بايرو. ويُدشن هذا الدعم سلسلة طويلة في لائحة، تضم شخصيات كبيرة في الاشتراكي، قد تعلن قريباً مساندتها لوزير الاقتصاد السابق، أبرزها وزير الدفاع جان إيف لودريان، الذي لا يخفي للمقرّبين منه ميله إلى ماكرون. وحسب أحد المقربين من هذا الأخير، فإن اتصالات تجري في الخفاء بين ماكرون ولودريان، قد تُتوّج بإعلان رسمي في المستقبل القريب.

وسيشكل هذا الإعلان ضربة قاصمة للمرشح الاشتراكي هامون، لأن لودريان يحظى بتقدير كبير في اليسار كما في أوساط اليمين بفضل حصيلته الإيجابية على رأس وزارة الدفاع. وتكمن أهمية لودريان بالنسبة لماكرون، في كونه الوزير الوحيد في الحكومة الاشتراكية الذي يتمتع بشعبية متصاعدة، بفضل صيانته للصناعة الحربية الفرنسية عبر زيادة عقود التسليح مع الدول الأجنبية. كما أن لودريان سيمنح بخبرته زخماً جديداً لماكرون، في وقتٍ يتعرّض فيه لهجوم مكثف من خصومه، الذين يشككون في قدرته على إدارة البلاد.

والواقع أن دعم لودريان لماكرون يعود أيضاً إلى العلاقة الباردة التي تربطه بهامون، واختلافه مع أفكار التيار اليساري داخل الاشتراكي. وهو الاختلاف نفسه الذي يقرّ به قياديون آخرون في الاشتراكي، مثل رئيس مجلس النواب كلود بارتلون، الذي كشف أخيراً لصحيفة "لوموند" أنه "لا يجد نفسه في حملة هامون الانتخابية"، مشيراً إلى أنه "سيأخذ مهلة أسبوعين للتفكير في ما إذا كان من الأنسب أن يصوت لصالح ماكرون لقطع الطريق على (زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مارين) لوبان".



ومن المتوقع أن تنشر نحو 40 شخصية من الجناح اليميني في الاشتراكي، وغالبيتهم نواب في البرلمان، عريضة قريباً بعنوان "لماذا نساند إيمانويل ماكرون؟"، يدعون فيها إلى التصويت لصالح ماكرون بدل هامون. ويعتبر الموقعون، الذين يعارضون بشدة الأفكار اليسارية للمرشح الاشتراكي هامون، أن ماكرون قادر على اجتذاب الناخبين بغض النظر عن ميولهم الحزبية بفضل "برنامجه السياسي الوسطي الذي لا يختلف كثيراً عن أفكار الإصلاحيين الاشتراكيين الليبرالية".

ويعتبر ماكرون بالنسبة للكثير من الاشتراكيين "الحصن الوحيد القادر على وقف زحف مرشحة اليمين المتطرف لوبان"، ولهذا من المتوقع أن يقوم أنصار رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، الخاسر الكبير في التمهيديات الاشتراكية، بالدعوة قريباً إلى التصويت بكثافة لصالح ماكرون، بدءاً من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية من دون انتظار الجولة الثانية.

وتتزامن دينامية الاستقطاب المتواصلة لكبار الشخصيات السياسية مع دينامية إيجابية أخرى في صفوف الرأي العام تظهرها استطلاعات رأي تصب في مصلحة ماكرون. وآخرها استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "هاريس إنترأكتيف"، أمس الخميس، وأظهر أن ماكرون سيتفوّق على مارين لوبان، في الجولة الأولى من الانتخابات في 23 إبريل/ نيسان المقبل بنسبة 26 في المائة في مقابل 25 في المائة للوبان، على أن يفوز في مواجهتها في الجولة الثانية في 7 مايو/ أيار المقبل. وهذا هو ثاني استطلاع تسجل نتائجه تفوُّق وزير الاقتصاد السابق.

لكن استطلاعاً آخر، لشركة "سيفييوف"، لصالح صحيفة "لوموند"، ذكر أن "لوبان ستفوز بنسبة 27 في المائة من الأصوات في الجولة الأولى، في مقابل 23 في المائة لماكرون". وتوقع الاستطلاع أن يلحق ماكرون الهزيمة بلوبان في جولة الإعادة بنسبة 62 في المائة في مقابل 38 في المائة. أما في حال خوض مرشح "الجمهوريون" اليميني فرانسوا فيون الجولة الثانية بدلاً من ماكرون، فمن المتوقع أن يهزم لوبان بنسبة 55 في المائة في مقابل 45 في المائة.

ولم يكتفِ ماكرون بهذه السلسلة من الإيجابيات، بل يبدي استعداده في يوم المرأة العالمي، يوم الأربعاء، لتعيين سيدة في رئاسة الحكومة في حال فوزه بالرئاسيات. ويشير إلى أنه "لم تكن هناك إلا تجربة واحدة في فرنسا، شخصية بارزة، إديث كريسون (1991-1992)، والتي لم تكن مهمتها سهلة، لأنّ الوضع السياسي كان صعباً جداً. أنا لن أختار رئيسة وزراء لأنّها امرأة. سأختار رئيس وزراء قادراً بشكل أكبر، بقدر الإمكان، مع التمنّي والرغبة بأن تكون أيضاً امرأة".



المساهمون