انتخابات البلديات الإيرانية: عين الإصلاحيين على تكرار الانتصار التشريعي

انتخابات البلديات الإيرانية: عين الإصلاحيين على تكرار الانتصار التشريعي

30 مارس 2017
إيرانية تقترع في الانتخابات التشريعية في فبراير 2016(فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -

أقفل، ليل الأحد الماضي، باب تسجيل أسماء الراغبين بالترشح إلى انتخابات مجالس المدن والقرى الإيرانية، ليبدأ التنافس بعد ذلك بين ممثلي الأحزاب الراغبين بالانضمام إلى هذه المجالس، المسماة مجالس البلديات أيضاً، فأعضاؤها هم من ينتخبون رئيس بلدية كل محافظة، وهو منصب ذو أهمية بالغة، خصوصاً في الدائرة الأثقل، ألا وهي دائرة العاصمة طهران.

وستجرى هذه الانتخابات بدورتها الخامسة، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، المرتقبة في مايو/أيار المقبل. وتستمر كل دورة لمجالس البلديات لمدة أربع سنوات. ويتم، في عملية اقتراع داخلي، انتخاب رؤساء كل مجلس مرة سنوياً. وينتظر في الوقت الحالي نحو 280 ألف شخص مسجلين، منهم 17 ألف سيدة، الحصول على أهلية الترشح بعد درس طلباتهم، ليدخلوا بشكل رسمي في السباق. وتدرس ملفات المرشحين لجان تنفيذية موزعة على المقاطعات والدوائر الحكومية المحلية، وترفع نتائجها بعد ذلك إلى لجان المراقبة، وهو ما يجعلها تختلف، في طريقة فحص الطلبات عن بقية الاستحقاقات، إذ تنظر لجنة صيانة الدستور، التي يترأسها المحافظ المتشدد، أحمد جنتي، عادة في طلبات المرشحين إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهذا الأمر قد يمهد الطريق أمام الإصلاحيين والمعتدلين للحصول على عدد أكبر من مقاعد مجالس المدن بالذات. وقد ارتفعت نسبة الراغبين بالترشح بمعدل 14 في المائة عن الدورة الماضية. وتعزو هيئة الانتخابات الأمر إلى ضم خمسة آلاف قرية إلى العملية الانتخابية، سيتم تشكيل مجالسها للمرة الأولى. وفيما يبلغ العدد الكلي لمقاعد مجالس البلديات في كل أنحاء إيران 126153 ألف مقعد، فضلاً عن وجود 81 ألف عضو احتياطي، من المفترض ارتفاع هذا العدد خلال الدورة الجديدة.

أكبر هذه المجالس يعود إلى العاصمة طهران، والذي يشمل الضواحي المحيطة بها كذلك، إذ يضم 31 مقعداً، ولديه هيئة رئاسية، مكونة من رئيس ونائب ومتحدث وسكرتيرين، يترأسها حالياً مهدي شمران، وهو الذي جلس على كرسيه في الدورة الرابعة للمجلس منذ عامها الثاني حتى الوقت الراهن. وتركيبة مجلس طهران الحالي محافظة في غالبيتها، وقد بقي على هذا الحال لسنوات عدة. وحصل المنتمون إلى التيار المحافظ على 19 مقعداً، مقابل 12 للإصلاحيين، خلال انتخابات الدورة الماضية قبل أربع سنوات. وسجل ثلاثة آلاف شخص أسماءهم للتنافس على مقاعد العاصمة في المجلس الجديد. وبالطبع سيتقلص هذا العدد لاحقاً عقب حصول بعضهم على أهلية خوض السباق وإقصاء البعض الآخر. ويدرك الإصلاحيون والمعتدلون أن لهذا المجلس أهميته البالغة، إذ إنه يشرف على عمل بلدية طهران، التي لا تحسب كمؤسسة حكومية رسمية، وليس لديها موازنة من الحكومة، وإنما تعتمد على عائداتها الخاصة. فضلاً عن هذا فإن اختيار عمدة طهران مهمة ليست سهلة لأهمية هذا المنصب، الذي حصل عليه المحافظ محمد باقر قاليباف قبل سنوات، وهو من خاض سباق الانتخابات الرئاسية قبل نحو أربع سنوات، ووصل إلى مراحله النهائية، ومن قبله، كان الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد رئيساً لبلدية طهران، وانتقل منها إلى مقر الرئاسة.

الجدير بالذكر أن مهمة تعيين العمدة كانت تقع في السابق على عاتق وزير الداخلية، قبل تحويل هذا الأمر إلى أعضاء مجالس البلديات. ويتطلع محسن هاشمي للحصول على هذا المنصب هذه المرة، وقد سجل اسمه بالفعل للمشاركة في انتخابات مجالس البلديات. ومحسن هاشمي هو نجل الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي توفي في يناير/كانون الثاني الماضي. وهاشمي الابن، المقرب من المعتدلين والإصلاحيين، تم ترشيحه، من قبل الأعضاء الإصلاحيين في مجلس مدينة طهران الحالي، لتعيينه كعمدة، لكن قاليباف تغلب عليه بفارق صوت واحد. ومحسن هاشمي من مواليد 1961، وهو من بدأ العمل على قطار الأنفاق في طهران، وتولى رئاسة الإدارة العامة لمؤسسة مترو طهران لمدة 13 سنة، وحافظ على منصبه، حتى حين كان نجاد عمدة طهران. وقد تولى مناصب هامة في مؤسسات النقل الإيرانية. وفي العام 2011 استقال من منصبه كرئيس لمؤسسة المترو، لكن قاليباف عينه مستشاراً وعضواً في الهيئة الرئاسية لبلدية طهران.

فضلاً عنه، فإن الرئيس الحالي لمجلس طهران، المحافظ مهدي شمران، سجل اسمه للترشح للدورة المقبلة، وهو الشقيق الأصغر للواء مصطفى شمران، أول وزير دفاع لإيران بعد الثورة الإسلامية، وقائد الحرس الثوري الأسبق الذي كان مقرباً من موسى الصدر، ويعد من مؤسسي حركة "أمل". كما ترشح للانتخابات مرتضى الويري، الذي كان عمدة لطهران بين العامين 1999 و2002، ونائباً في البرلمان لثلاث دورات، وترأس مؤسسة مناطق التجارة الحرة. والأهم أنه كان رئيس لجنة مراقبة الاقتراع المتعلقة بالمرشح الرئاسي الإصلاحي، مهدي كروبي، القابع حالياً تحت الإقامة الجبرية. وسجن الويري لفترة بعد أحداث 2009. واللافت كان ارتفاع عدد المرشحات، وأبرزهن زهرا صدر أعظم نوري، وهي مستشارة رئيسة مؤسسة البيئة، الإصلاحية معصومة ابتكار، فضلاً عن أنها الأمين العام لمجمع النساء الإصلاحيات. كما برز اسم فاطمة صالحي، ابنة قائد الجيش الحالي، عطاء الله صالحي. وسجلت الهه راستغو اسمها، وهي عضو بارز في مجلس طهران الحالي.

ويدرك المعتدلون والإصلاحيون أنه من الممكن أن يكرروا سيناريو الانتخابات التشريعية، التي جرت في فبراير/شباط العام الماضي، بعد تقدمهم للسباق عبر لوائح مشتركة، وحصلوا على مقاعد عدة، خصوصاً في دوائر المدن الانتخابية. واحتل أعضاء قائمة الأمل الإصلاحية، التي ضمت شخصيات محسوبة على تيار الاعتدال، كل مقاعد العاصمة طهران، وهي الدائرة الأثقل في البرلمان أيضاً، فحصلوا على كل مقاعدها والبالغ عددها ثلاثين. وفي الوقت ذاته، فإن هؤلاء يحاولون استخدام نقطة ضعف المحافظين في مجلس بلدية طهران الحالي. فمنذ فترة نالت بعض الوثائق، التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية، من سمعة بعضهم، إذ وُجهت تهم لبلدية طهران ببيع عقارات بأسعار مخفضة للغاية لأعضاء في مجلس المدينة وفي البلدية نفسها، ولبعض المسؤولين في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، وسميت القضية بالأملاك الفلكية، على غرار قضية مشابهة طاولت بعض المسؤولين ممن يحصلون على رواتب فلكية وعالية للغاية، وهو ما عرضهم إلى مساءلة ولفرض قانون يحدد سقف رواتب المسؤولين والمدراء في المؤسسات التنفيذية. هذه القضية، حتى وإن استطاع رئيس بلدية طهران الحالي محمد باقر قاليباف تجاوزها في الوقت الراهن، فإنها قد تؤثر على وضع المحافظين أو على خياراتهم المقبلة، ولو نسبياً، في تحديد اسم الشخصية التي ستحتل منصب عمدة الدائرة الأهم.

دلالات