هدنة مؤقتة حول سد الفرات... و"التحالف الدولي" يحاول الطمأنة

هدنة مؤقتة حول سد الفرات... و"التحالف الدولي" يحاول الطمأنة

28 مارس 2017
عنصر من "قسد" في محيط سد الفرات(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
بقيت تطورات الوضع الميداني غربي مدينة الرقة، تحديداً في مدينة الطبقة وسدّها الشهير، محط أنظار معظم السوريين. وطغت أنباء الكارثة المحتملة هناك على غيرها من الأحداث الأخرى في سورية، بما في ذلك مفاوضات "جنيف5" القائمة حالياً. ونتيجة التحذيرات الكثيرة التي صدرت من جهات عدة وناشطين سوريين يحذرون من احتمال انهيار سد الفرات، أصدر "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن لمحاربة "الدولة الإسلامية" (داعش)، بياناً أمس الإثنين، أوضح فيه أنه يبذل جهوداً "من أجل حماية السد" الذي "لم تتعرض" أساساته "لأي أضرار" ولا يواجه حالياً "خطراً عاجلاً"، وفق تأكيده. كما أعلنت "قوات سورية الديمقراطية" أنها علقت مؤقتاً عملياتها العسكرية قرب الطبقة لأربع ساعات، بهدف السماح بتنفيذ أعمال هندسية في السد، والتي أظهرت أنه لا يوجد أي عطل أو ضرر في السد، وفق متحدثة باسم هذه "القوات".

وذكر "التحالف الدولي"، في بيانٍ له، أن السد الذي يحتجز خلفه أكثر من عشرة مليارات متر مكعب من المياه "ليس في خطر عاجل طالما أنه لم يتعرض لهجوم من تنظيم داعش"، مضيفاً أن "قوات التحالف لم تستعمل متفجرات ذات قوة تدميرية كبيرة في عملياتها بالقرب من السد"، وهي تبذل جهوداً "من أجل حماية سلامة السد"، وفق بيان "التحالف" الذي أشار إلى أن "أساسات السد الواقع على نهر الفرات لم تتعرض لأي أضرار".

محاولة التطمين التي لجأ إليها "التحالف الدولي" تزامنت أيضاً مع إعلان "قوات سورية الديمقراطية" التي تقاتل "داعش" بدعم بري وجوي توفره القوات الأميركية لها، عن "وقف العمليات العسكرية قرب سد الطبقة على نهر الفرات لمدة أربع ساعات لتنفيذ أعمال هندسية في السد" الذي ما زال تحت سيطرة تنظيم "داعش". لكن دفاعات الأخير في منطقة السد تداعت كثيراً خلال الأيام القليلة الماضية. وخسر السبت الماضي مطار الطبقة العسكري، أمام التقدم الذي تحرزه "قوات سورية الديمقراطية"، الساعية لبسط نفوذها على السد وكامل المناطق المحيطة به قبل التوجه نحو مدينة الرقة.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادرها في مدينة الطبقة، أن "سورية الديمقراطية" أوقفت معاركها مع "داعش" من الساعة الواحدة حتى الخامسة ظهراً، لتبدأ مفاوضات مع قادة التنظيم في المنطقة، حتى يتسنى إدخال فرقٍ هندسية تُعيد السد إلى الخدمة، في ظل ترجيح خبراء فنيين أن العطل الحاصل في السد قد يستغرق إصلاحه أكثر من يومين. غير أن وكالة "رويترز" نقلت عن المتحدثة باسم "سورية الديمقراطية"، جيهان شيخ أحمد، أنه تم السماح "لفريق المهندسين بالدخول إلى السد للتحقق من سير عمله وفحصه بشكل كامل". وأضافت أنه "لا يوجد أي عطل أو ضرر بالسد أو بعمله كما يشاع".


وكان تنظيم "داعش" أعلن السبت عبر وكالته "أعماق"، توقف السد عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء المغذية له ذاتياً، محذراً من إمكانية انهيار السد "في أي لحظة"، ما أثار حملة تحذيرات واسعة النطاق، من انهيار محتمل للسد، إذا ما ارتفع منسوب المياه في البحيرة التي يحتجز السد مياهها، والتي يبلغ طولها 80 كيلومتراً، بعرض يصل لخمسة كيلومترات، وتعتبر أكبر بحيرة صناعية في سورية.

هذه التطورات المتلاحقة، دفعت "مجلس محافظة الرقة" التابع لـ"وزارة الإدارة المحلية والإغاثة وشؤون اللاجئين" بالحكومة السورية المؤقتة، والذي يتخذ من مدينة أورفا التركية مقراً له، لتوجيه "نداء عاجل" بشأن "مجموعة المخاطر والمطالبات التي تهم مدنيي الرقة"، وضرورة توفير ممرات آمنة لهم، وبناء مخيمات إيواء طارئة. وطالب المجلس في بيانٍ له "بأشد لهجة وبأعلى صوت بالمبادرة وبالسرعة القصوى، إلى إعلان مدينة الرقة ساحة حرب، والتدخل بموجب القانون الدولي الإنساني وقوانين قواعد الاشتباك لبذل كل ما يمكن بذله من مساعٍ عاجلة لإنقاذ السكان وحمايتهم قبل استفحال الخطر وانتهاء الكارثة المتدحرجة يومياً إلى ما يشبه الإبادة الجماعية لسكان المحافظة". وشدد على أن "المنشآت الخدمية الحيوية هي مناطق حمراء في القانون الدولي، يُجرَّمُ استهدافها، وتترتب قانونياً مسؤولية جرمية على أية جهة تتقصدها بالقصف أو نيران الاشتباكات"، وفق بيان "مجلس محافظة الرقة". وأضاف المجلس أن "موجة النزوح الجماعي التي تحمل السكان من مكان إلى آخر أصبحت عبئاً إنسانياً يفرض على كل الأطراف المعنية التدخل لفتح ممرات آمنة لعبور الأهالي، خاصة فئات المجتمع المستضعفة، من النساء والأطفال وكبار السن، وترتيب كل ما يلزم من حاجات إنسانية يفرضها واقع الحال في مثل هذه الظروف، وأخذ التدابير اللازمة لإيوائهم في مناطق خارج ساحات الصراع على الوجه العاجل، وبما تمليه على الجميع مبادئ القانون الدولي والعرف والقواعد الإنسانية الواجبة في هذه الأحوال"، وفق تعبيره.

ومنذ يومين، ومع بدء سريان أنباء خروج السد عن الخدمة، والتهديدات الكارثية المحتملة جراء ذلك، بدأت موجات نزوح جماعي لآلاف الأسر من مدينتي الطبقة والرقة ومناطق أخرى بمناطق نفوذ "داعش"، إذ يحاول النازحون المدنيون الوصول لمناطق مرتفعة قريبة، يعتبرونها أكثر أمناً من مناطق إقامتهم. وفي هذا السياق، قال عضو حملة "الرقة تذبح بصمت"، حسام العيسى، لـ"العربي الجديد"، إن "المناطق (التي تشهد موجات نزوح بالرقة) تفتقر إلى المنظمات التي تهتم بإعانة النازحين. والنازحون بأغلبيتهم في العراء، إما في سياراتهم أو نصبوا خياماً مؤقتة أو جلسوا بين الأشجار"، مشيراً إلى أن "المدنيين لا يملكون خياماً كافية، الأمر الذي أدّى إلى بقاء معظمهم في العراء"، بحسب قوله.

بموازاة ذلك، تواصلت المعارك التي كانت بدأت قبل نحو أسبوع بريف حماة الشمالي، بين قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها من جهة، وفصائل عسكرية تابعة للمعارضة السورية و"هيئة تحرير الشام" من جهة أخرى. لكن حدتها انخفضت قياساً بالأيام الثلاثة الأولى لانطلاقها، والتي حققت فيها الفصائل المهاجمة تقدماً ميدانياً واسعاً، تمثل بالسيطرة على عشرات النقاط العسكرية، والقرى التي كانت خاضعة للنظام.

كذلك، شهد يوم أمس، إسقاط طائرة مروحية للنظام السوري في ريف اللاذقية، شمال غرب سورية. وأعلن فصيل "حركة أحرار الشام الإسلامية" عن إسقاط المروحية العسكرية، بمنطقة سلمى بجبل الأكراد، بعد إصابتها بالمضادات الأرضية. وخرجت صباح أمس الدفعة الثانية من مقاتلي المعارضة السورية المسلحة والمدنيين في حي الوعر بحمص، متوجهة نحو جرابلس شمال سورية، وذلك في إطار استكمال تطبيق الاتفاق الذي عقدته المعارضة والنظام برعاية روسية قبل نحو أسبوعين، إذ خرج ما يقارب 370 عائلة من بينهم حالات مصابة بمرض مزمن وإصابات حرب. ووفقاً لمصادر محلية هناك، فقد قُدر عدد الذين تم إجلاؤهم بالحافلات، أمس، ما بين 1850 شخصاً و2000 شخص، من الراغبين بالخروج وعدم البقاء ومصالحة النظام، بينهم عناصر من المعارضة المسلحة خرجوا بسلاحهم الخفيف، فيما من المتوقع أن تتمّ عمليّة تهجير الدفعة الثالثة من أهالي الحي، يوم السبت المقبل، على أن تكون وجهتها مدينة إدلب. وتوصلت المعارضة في حي الوعر إلى اتفاق مع النظام برعاية روسيا في 12 مارس/آذار الحالي، يقضي بإجلاء كافة الراغبين بالخروج من الحي، ويقدر عددهم بـ20 ألفاً، إلى مناطق إدلب وجرابلس وريف حمص الشمالي.