في ذكرى عاصفة الحزم: مهرجان في صنعاء وخطابات متباينة

في ذكرى عاصفة الحزم: مهرجان في صنعاء وخطابات متباينة

26 مارس 2017
لم تكن هناك مؤشرات لحل الأزمة (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -


في الذكرى الثانية لبدء عمليات التحالف العربي العسكرية في اليمن، طغت فعاليات إحياء المناسبة والخطابات السياسية المرتبطة بها على تطورات الـ48 ساعة الماضية في البلاد، وعكست بمجملها استمرار خطاب التحشيد والانقسام الذي رسخته الحرب، من دون أي مؤشرات واضحة بالتوجه نحو انفراج ينهي الحرب الدائرة منذ عامين. 

واحتضن ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء، فعالية جماهيرية بمشاركة حشود من المتظاهرين الذين حضروا تلبية لدعوة من "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) وحزب المؤتمر المتحالف معها، والذي يترأسه علي عبدالله صالح، حيث رفع المشاركون الرايات الوطنية ولافتات تندد بالتدخل العسكري للتحالف وتشيد بما سموه "الصمود" خلال العامين الماضيين، وتؤكد على أهمية الحد من الاختلافات الداخلية بين شريكي الانقلاب. 

وأفاد مشاركون لـ"العربي الجديد" بأن المهرجان الجماهيري في صنعاء انعقد بحضور عدد كبير من قيادات الجماعتين ومن أعضاء الحكومة التي ألفها الانقلابيون برئاسة عبدالعزيز بن حبتور، وغيرها من الشخصيات الموالية للانقلابيين، فيما حضر علي عبدالله صالح نفسه، بشكل مفاجئ، إلى وسط التظاهرة، في وقت كان العديد من المتظاهرين فيه قد بدأوا بمغادرة الميدان، بسبب الأمطار التي هطلت أثناء انعقاد المهرجان. فيما ألقى القيادي في جماعة الحوثي، رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، صالح الصماد، كلمة إلى المتظاهرين، حملت مضامين تعبوية جماهيرية، وأخرى ضمنها رسائل سياسية، واتهم التحالف بأنه رفع شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي لتكون "قميص عثمان"، لإخفاء ما وصفها بـ"الأهداف الحقيقية"، وقال إن "المعركة ما زالت على أشدها وأن الحرب لن تضع أوزارها إلا بانتصار الحق والعدالة والمظلومية"، حد قوله. 

وجاء المهرجان بعد ساعات من كلمة مطولة ألقاها زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، عكست الانسداد السياسي والتوتر الحاصل وتضمنت تحريضاً على خصوم الجماعة ومعارضيها، إذ دعا إلى تفعيل "قانون الطوارئ"، لمواجهة ما سماه الطابور الخامس، والذي اتهمته بأنه "يلعب أقذر دورٍ في تفكيك وخلخلة الجبهة الداخلية بكل الوسائل"، كذلك دعا إلى حملة "تطهير" في مؤسسات الدولة، لكل من وصفهم بـ"الموالين للعدوان". 

سياسياً، حمل خطاب الحوثي تصريحاً مثيراً للجدل، إذ وجّه اتهامات لروسيا بالتواطؤ في الحرب ضدهم، من خلال تسليمها الأموال التي طبعتها من العملة النقدية للحكومة الشرعية، وفي ما يخص الأمم المتحدة وجه الحوثي انتقادات مباشرة لدورها في البلاد، وقال إنه ما من شك أنها "لعبت دورا سلبيا" منذ بداية عمليات التحالف، وأنها "إلى اليوم سعت إلى تقديم غطاء" على ما سماه "العدوان"، وأنها "وفي كثير من الأحيان قدمت توصيفات خجولة وانتقادات متواضعة ومواقف متذبذبة ومتناقضة ومترددة ومضطربة". وتابع أنها "حاولت التقليل من مستوى الجرائم، حتى في تقديم الأرقام، تقدم أرقاما منخفضة، وعملت في المفاوضات عملية تمثيل سخيفة". 

في المقابل، أطلق الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تصريحات، بمناسبة عامين على عمليات التحالف، إذ اتهم الانقلابيين بأنهم "استباحوا المدن وقتلوا وشردوا العزل الأبرياء من الأطفال والنساء، واستخدموا كل ترسانتهم العسكرية في تحقيق ذلك الهدف بما فيها سلاح الطيران لقصف مقر الرئيس الشرعي في عدن" (إشارة لحادثة القصف قبل أيام من عاصفة الحزم)، وقال هادي: "تلك الطائرات (التي كانت بحوزة الانقلابيين) وُضع لها حد من قبل قوات التحالف وعاصفة الحزم في يومها وساعاتها الأولى، وإلا لكانت إلى اليوم تستخدم براميل البارود الحارق على الأبرياء والمدن كما هو الحال في سورية". 

من جانبه، اعتبر رئيس الحكومة اليمنية أن عاصفة الحزم التي أطلقها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية في 26 مارس/آذار 2015 استجابة لنداء واستغاثة الشعب اليمني وبطلب من الرئيس الشرعي،  "جسدت بأبهى صورها المعنى الحقيقي للعروبة والأخوة الصادقة والتلاحم الاستثنائي في مرحلة مفصلية، كان المستهدف فيها الهوية العربية برمتها، لصالح المشروع الفارسي التدميري الدخيل على ثقافة العرب".

وأضاف رئيس الحكومة اليمنية أن 85 بالمائة "من الأراضي اليمنية باتت تحت سيطرة الحكومة الشرعية بعد عامين من عاصفة الحزم"، وأن أبرز ما حققته عاصفة الحزم وإعادة الأمل خلال عامين، إضافة إلى "اقتراب تحقيق هدفها الأساسي في إنهاء الانقلاب على الشرعية في اليمن، هو سحق المشروع الإيراني والقضاء على خططها في إيجاد موضع قدم لها في اليمن، يكون بمثابة شوكة في خاصرة دول الجوار الخليجي لاستهداف أمنها واستقرارها، وتستطيع من خلاله ابتزاز المجتمع الدولي كعادتها بتهديد سلامة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات التجارة العالمية". 

وكانت عمليات التحالف العربي العسكرية بقيادة السعودية قد أكملت عامين على انطلاقها، حيث بدأت بالتزامن مع تقدم قوات الانقلابيين باتجاه مدينة عدن، جنوبي البلاد، والتي اعتبرها الرئيس اليمني "عاصمة مؤقتة"، وخلال العامين الماضيين، نفذت قوات التحالف عشرات الآلاف من الضربات الجوية ودعمت قوات الجيش الموالية للشرعية والمقاومة الشعبية بالسيطرة على العديد من المدن، ما جعل الحكومة الشرعية تقدرّها بـ85 بالمائة من مساحة البلاد. 

 


المساهمون