جنيف 5 تنطلق بخلافات مسبقة

جنيف 5 تنطلق بخلافات مسبقة

24 مارس 2017
تولى مساعد دي مستورا المحادثات التمهيدية أمس(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -


حملت الساعات الأخيرة قبل الانطلاق الرسمي لمفاوضات جنيف 5 اليوم الجمعة، مؤشرات على أن الخلافات ستكون حاضرة بقوة في هذه الجولة الجديدة من المفاوضات، التي استبقتها روسيا بعدم وضع آمال كبيرة عليها، فيما بدا واضحاً أن التطورات الميدانية والمعارك التي تشهدها دمشق وحماة لن تكون بعيدة عن أجواء المفاوضات.
وبعدما تم حسم جدول الأعمال وحصره بأربعة محاور رئيسية، هي الحكم، الدستور، الانتخابات، إضافة إلى مكافحة الإرهاب، وهو بند رابع أضيف بناءً على طلب النظام وروسيا، ظهر أن الخلاف سيكون حول تراتبية هذه البنود، إذ جددت المعارضة أمس تأكيدها ضرورة أن يتناول البحث الانتقال السياسي أولاً، فيما كان النظام وروسيا يصران منذ الجولة السابقة للمفاوضات على تفاوض متزامن في محاولة للتهرب من جوهر التفاوض، وهو الانتقال السياسي القائم على تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات.
والتقى مساعد المبعوث الأممي، رمزي عز الدين رمزي، أمس الخميس وفد النظام في مقر إقامته في جنيف، وقال للصحافيين إثر الاجتماع: "بدأنا اليوم محادثات تمهيدية مع الحكومة وسنتحدث مع بقية الأطراف المشاركة خلال النهار لتحضير الأرضية للمحادثات، والاجتماع كان مفيداً ونأمل أن نبدأ غداً مناقشات جوهرية". كما التقى رمزي لاحقاً وفد المعارضة، وقال للصحافيين إن الاجتماع كان "إيجابياً ومفيداً للإعداد للمناقشات الجوهرية غداً (اليوم). وتطرقنا إلى كل القضايا التي يجب توضيحها قبل البدء الجمعة".
من جهته، شدد رئيس وفد المعارضة نصر الحريري، في مؤتمر صحافي عقده في مقر إقامة الوفد، على أن "الحديث الآن هو حول الانتقال السياسي وكل القضايا المتعلقة به، أما التراتبية التطبيقية فهذا ما لا تريده أصلاً الأمم المتحدة ولا يقبل به الشعب السوري"، مضيفاً أن النقاش سيتناول "الانتقال السياسي أولاً ثم الدستور والانتخابات". واعتبر الحريري أنه لا يوجد أي حل ناجع لمكافحة الإرهاب إلا عبر الانتقال السياسي، الذي يرضي الشعب السوري، معلناً أن المعارضة مستعدة لمناقشة جوهر العملية الانتقالية بإيجابية، والتي تهدف لإنهاء معاناة الشعب. ولفت إلى أن "وفد الهيئة العليا للمفاوضات جاء لإكمال انخراطه الإيجابي في العملية السياسية التي تهدف أولاً وأخيراً، لإنهاء معاناة الشعب السوري، وبدء صفحة جديدة من الانتقال السياسي، الذي يضمن رحيل بشار الأسد، وأركان حكمه المجرمين".
وحول رؤيتهم لـ "جنيف 5"، قال الحريري: "نريد لهذه العملية أن تمضي سريعاً، والتركيز على المحتوى، وتجنّب العراقيل التي يضعها نظام الأسد، والتركيز على المضامين من أجل الوصول إلى الانتقال السياسي المنشود، وبعدها محاربة الإرهاب، ونؤمن أنه لا يكون هناك استراتيجية ناجعة لقتال الإرهاب، إلا عبر انتقال سياسي يتم التخلص فيه من كل المجرمين الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوري". وأوضح أنه لمحاربة الإرهاب يجب حصول "انتقال سياسي يرضي الشعب السوري، لحشد كل الطاقات في كل مكان، للتخلص من هذه التنظيمات الإرهابية السوداء".
وفي ما يتعلق بمناقشة القضايا الأربع (الحكم غير الطائفي، الدستور، الانتخابات، مكافحة الإرهاب) في هذه الجولة، قال رئيس وفد المعارضة: "قرار مجلس الأمن رقم 2254 واضح؛ إذ يتحدث عن التنفيذ الكامل لبيان جنيف 1، وهو انتقال سياسي خلال جدول زمني خلال 6 أشهر، ثم انتخابات وصولاً لمسودة دستور نهائي يُقر من قبل الشعب عبر الاستفتاء العام".


واستنكر الحريري التصعيد العسكري لقوات النظام خلال الفترة الأخيرة. وقال: "منذ بداية الجولة التفاوضية السابقة وحتى الآن تم استهداف ما لا يقل عن 11 مدرسة، و11 مركزاً ونقطة طبية، و5 أسواق على يد طيران الأسد، والدول التي تدعمه، واعتقل ما لا يقل عن 650 شخصاً، من بينهم 43 امرأة وعدد من الأطفال، واستشهد 600 شخص منهم نساء وأطفال". وأكد أن "الجرائم ما تزال مستمرة في ريف حماة، وريف حمص الشمالي، وجوبر، وبرزة، والقابون، ودرعا، والحصار في محجة والغوطة الشرقية، والعديد من المناطق، وهي جرائم ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". واعتبر أن "هجمات النظام على المنطقة التي تشهد معارك في دمشق أخيراً، على برزة والقابون لم تتوقف، وهناك اقتحامات متكررة وقصف جوي، وهذه المنطقة التي تتم فيها المعارك، هي نفسها التي كانت تُستهدف من النظام وحلفائه، وهي المنافذ التي يحاولون الدخول منها"، مؤكداً أن "ما حصل (هجوم المعارضة) هو دفاع عن الناس بكل وضوح، وما تقوم به الفصائل هو دفاع عن النفس".
في السياق نفسه، أكد عضو الوفد الاستشاري لوفد المعارضة، يحيى العريضي، لوكالة "فرانس برس"، "الإصرار على أولوية الانتقال السياسي"، معلناً في الوقت ذاته "نحن ملتزمون ببحث السلال الأربع، لكن مسألة محاربة الإرهاب متعلقة بالانتقال السياسي". وأوضح العريضي أن "مناقشة مسألة معينة لا تعني إطلاقاً إغلاق الباب على السلال الأخرى، لكن عندما نقول إن إنجاز موضوع ما يجب أن ينتظر إنجاز كل الملفات الأخرى". وقال العريضي "لا يعقل أن يناقش عشرون شخصاً كل هذه المسائل في وقت واحد"، ما يجعل الآمال بتحقيق تقدّم "ضئيلة جداً".
ومن المتوقع أن تلتقي الوفود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا اليوم الجمعة، عقب وصوله من أنقرة، التي كانت آخر محطات جولته الأخيرة والتي شملت الرياض وطهران وموسكو، في وقت رفض فيه النظام استقباله في دمشق. وأفادت مصادر معارضة من جنيف بأن اللقاء مع رمزي كان بروتوكولياً اقتصر على ترحيب الأخير بوفد المعارضة، وموضوع السلال الأربع أو المحاور وإطار نقاشها، لافتة إلى أنه من المتوقع أن يكون محور لقاء اليوم مع دي ميستورا هو موضوع آليات بحث المحاور الأربعة بدءاً من محور الانتقال السياسي أو تشكيل حكومة انتقالية وبشكل تراتبي، إذ أن عملية الانتقال السياسي هي أساس لوضع إعلان دستوري مؤقت وإجراء انتخابات ومحاربة الإرهاب، على الرغم من أن المعارضة ماضية في محاربة الإرهاب.
من جهته، قال رئيس الوفد التفاوضي السابق العميد أسعد الزعبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "العالم بكل دوله ينظر إلى أي تقدّم للثوار بمكبر مصغر بينما ينظر إلى أي تقدّم للنظام بمنظار مكبر"، مضيفاً: "بالأمس فقط تحدث دي ميستورا عما يجري بأنه قلق ولم يقل إن هناك تغييراً جغرافياً، وهذا مؤشر إلى أن العالم والأمم المتحدة لن يعترف أن العاصمة كادت تسقط، وهذه حقيقة مرّة".

المساهمون