الموصل: هجمات الساحل المحرر تؤجل التحرك لاستعادة الجانب الغربي

الموصل: هجمات الساحل المحرر تؤجل التحرك لاستعادة الجانب الغربي

07 فبراير 2017
جندي عراقي يراقب مواقع "داعش" في الموصل (مارتن أيم/Getty)
+ الخط -

للأسبوع الثاني على التوالي تستمر الهجمات والتفجيرات في الساحل الشرقي للموصل، الذي أعلنت حكومة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في 24 يناير/كانون الثاني الماضي تحريره من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بشكل كامل. ووفقاً لمسؤولين ومصادر في الجيش العراقي فقد خلفت هجمات "داعش"، طيلة نحو أسبوعين وبشكل شبه يومي، وتحصل ليلاً في العادة، أكثر من 40 قتيلاً من الجيش العراقي، بينهم ضباط. وعادة ما تباغت القوات العراقية بتفجيرات انتحارية وعبوات ناسفة أو التعرض إلى صواريخ ورشقات أسلحة رشاشة متوسطة وخفيفة، ما أجبر قيادة عمليات نينوى أخيراً، على إيقاف برنامج إعادة العوائل. كما تم إعادة جزء من القوات التي أرسلت إلى مناطق أخرى من نينوى بعد الإعلان عن استعادة الساحل الشرقي للموصل.

ويقول العقيد في قيادة عمليات نينوى، محمد عبدالسلام الطائي، لـ"العربي الجديد"، إن "الهجوم على الساحل الغربي للموصل قد يتأخر في حال لم يتم السيطرة بشكل كامل على الساحل الشرقي"، موضحاً أن "هناك العشرات (من داعش) ما زالوا يتخفون في المنطقة، ولم يتم التوصل إلى طريقة لإحكام السيطرة على مناطق عدة، خصوصاً في المحور الشمالي الشرقي للموصل". وأكد أن مناطق مختلفة في الساحل الشرقي تشهد نشاطاً كبيراً لمقاتلي تنظيم "داعش"، أبرزها الجمّالية والشيخ محمد ودور جابر بن حيان، فضلاً عن شارع الوحدة الرئيس في حي الوحدة، وأحياء النور والسكر وملايين، بالإضافة إلى مناطق ومربعات سكنية في شارع الكورنيش المحاذي لنهر دجلة. وقال إن "التنظيم ينصب صواريخ تاو وقناصة على الضفة الثانية من النهر، ويفرض أشبه ما يكون بحظر تجول"، مشيراً إلى أن الطيران الأميركي قصف الجانب الثاني، لكن الوضع لا يزال خطيراً، مشيراً إلى مقتل جندي أمس بنيران قناصة، كما قتلت معلمة وطالبة، وأصيبت أربع طالبات، بسقوط قذيفة قال الجيش، إنها ألقيت من إحدى طائرات "داعش" المسيرة على مدرسة في حي الجزائر شرقي الموصل.

ونقلت سائل إعلام عراقية عن مسؤول وحدة الحركات العسكرية في جهاز مكافحة الإرهاب، العميد مظفر عبدالحميد، تأكيده وجود مناطق عدة في الساحل الشرقي خارج سيطرة قواته، موضحاً أن "تلك المناطق مصدر قلق للمناطق المحررة". وكشف عن "اجتماع موسع سيعقد خلال الأيام القليلة المقبلة مع القيادات الأمنية العليا، لمعالجة الوضع المتدهور في المناطق المحررة". وكانت الحكومة العراقية أعلنت رسمياً، في 24 يناير، تحرير الساحل الشرقي لمدينة الموصل من قبضة مسلحي "داعش"، بعد قتال دام استمر أكثر من 100 يوم، وبدعم كبير من التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن. وتحاول وزارة الدفاع العراقية والإعلام الحكومي، على حد سواء، التكتم على المعارك الدائرة في مناطق شرق الموصل، والتي باتت تعرف باسم المناطق المحررة، أو التمسك، بين فترة وأخرى، بعبارة أن "مسلحين من داعش عبروا نهر دجلة وتم القضاء عليهم"، إلا أن ذلك لا يبدو مقنعاً للعراقيين، خصوصاً إذا كان العبور يتعلق بنهر مثل دجلة، وفي شهر الفيضانات وبعرض يتجاوز 160 متراً، وهم يحملون أسلحة رشاشة وثقيلة، وهو ما دفع أخيراً إلى تكرار عبارة أنفاق "داعش" في معرض التعليق على الهجمات التي ينفذها التنظيم.

وقال ضابط عراقي رفيع المستوى في وزارة الدفاع، لـ"العربي الجديد"، إن القوات العراقية لن تهاجم الساحل الغربي خلال الأسبوعين المقبلين على أقل تقدير، بسبب الوضع في الساحل الشرقي، بالإضافة إلى أن الجانب الأميركي لم يعط الضوء الأخضر. وأضاف أن "الأميركيين لم يقولوا لنا، حتى الآن، حسناً نحن على استعداد لبدء الهجوم"، موضحاً أن "عدم وجود غطاء أميركي يعني أن الخسائر في صفوف قواتنا ستكون مضاعفة مرات عدة". وتابع "في معركة الساحل الشرقي هم من أبلغنا بالتحرك قبل عدة أيام، وطالبونا بتهيئة الوحدات القتالية على الأرض". ويرجح الضابط، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب حصر الحكومة للتصريحات الرسمية بقيادة العمليات وخلية الإعلام الحربي فقط، أن "يكون لوصول الإدارة الأميركية الجديدة علاقة بالموضوع".

وعلى الجانب الثاني من النهر، وتحديداً الساحل الغربي للمدينة، أعلن مدير الطوارئ في مستشفى حكومي، الدكتور أحمد الطائي، لـ"العربي الجديد"، مقتل 42 شخصاً، وجرح العشرات، جراء الغارات التي استهدفت أحياء هذا الساحل خلال اليومين الماضيين، مؤكداً أن القصف بات أكثر عنفاً وعلى مختلف الأحياء السكنية في الساحل الغربي للمدينة. وأشار إلى أنه قرر مع ثلاثة أطباء آخرين البقاء لمساعدة السكان، سواء سمح "داعش" لهم بمغادرة المستشفى أم لم يسمح. ويشطر نهر دجلة مدينة الموصل إلى نصفين، يطلق عليهما الساحل الشرقي والساحل الغربي، وشعبياً الساحل الأيمن والأيسر. ومن المقرر وفقاً لما تكشف لـ"العربي الجديد" أن "تتضمن خطة الهجوم، في حال باشرت القوات العراقية التقدم البري، خلال الأسابيع المقبلة، شن هجمات من سبعة محاور على الساحل الغربي. وسيكون محور حاوي الجوسق ومحور معسكر الغزلاني (جنوب غرب) من حصة الشرطة الاتحادية، بينما محورا تل الرمان ووادي عينه سيكونان لصالح مليشيات الحشد الشعبي، وهو ما لم يحسم بشكل نهائي، حتى الآن، بينما سيكون محور نهر دجلة الشرقي لصالح جهاز مكافحة الإرهاب، ومحورا النهروان وحاوي الكنيسة (غرب وشمال غرب) من مسؤولية الفرقة 16 في الجيش العراقي". إنسانياً، قالت مصادر محلية في المدينة إن سعر كيس الدقيق بلغ أكثر من 500 دولار، وسعر كيلو البطاطا، إن وجد، فإنه لا يقل عن 20 دولاراً، بينما بلغ سعر البيضة الواحدة ثلاثة دولارات، وسط تحذيرات من مجاعة حقيقية بين السكان الذين يقدر تعدادهم بنحو 600 ألف نسمة، يمنع "داعش" خروجهم من المدينة في سيناريو يتكرر في كل المدن التي يسيطر عليها.

المساهمون