إسرائيل تركب موجة ترامب

إسرائيل تركب موجة ترامب

03 فبراير 2017
من الاحتجاجات في بريطانيا ضد ترامب (بين ستانسل/فرانس برس)
+ الخط -
لا أحد يتقن فن ركوب الموج مثل إسرائيل وأنصارها، إذ كيفما مالت الرياح وجدت هؤلاء يميلون معها من أجل تحقيق مكاسب سياسية لصالح إسرائيل، ومشروعها الإحلالي التوسعي. فما أن وقع الاعتداء الآثم على مكاتب صحيفة "شارلي إيبدو" ومتجر يهودي في باريس في يناير/كانون الثاني من العام 2015، حتى هرعت المنظمات الصهيونية لطلب الحماية ليهود أوروبا بحجة خطر الإرهاب، وحثّ اليهود على الهجرة إلى إسرائيل "وطنهم الآمن"، وكأن ضحايا الإرهاب من اليهود "أسمى"، و دماءهم "أطهر" من غيرهم من الضحايا.

ساقني لهذا الحديث ما سمعته من أحد أنصار إسرائيل على أثير إحدى الإذاعات البريطانية، تعليقاً على قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنع دخول مواطني 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، وما تبع ذلك من حملات احتجاج وتظاهرات ضد "عنصرية ترامب"، امتدت من شوارع المدن الأميركية وصولاً إلى شوارع لندن.

وفي ركوب لافت للموجة، وبعد أن أعرب المُتصل عن استغرابه من الاحتجاجات، اشتكى من "نفاق" ورياء المتظاهرين، لأن "ضمائرهم" لم تدفعهم يوماً للاحتجاج على سياسات 40 دولة عربية وإسلامية تحظر دخول اليهود ممن يظهر على جوازات سفرهم ختم سفر لإسرائيل، كما قال المُتصل. ولم يفت المُتصل تعداد أسماء كل دول الخليج، ومعها إيران، كجزء من الـ 40 دولة التي تمارس العنصرية ضد ختم "إسرائيل".
وبعد إشادة المذيع، المعروف بميوله الصهيونية اليمينية، بهذه المقاربة غير المسبوقة التي طرحها المُتصل، عاد مقدم البرنامج لاستقبال مكالمة أخرى من متصلة، تركب الموجة ببراعة وهي تُثني على المتصل السابق، وتُؤكد للمستمعين على عنصرية الدول الإسلامية التي تمنع استقبال أي مسافر لمجرد أن جواز سفره يحمل دمغة الحدود الإسرائيلية. وأعقب ذلك اتصالات أخرى في نفس الاتجاه والمضمون، تلاها على قنوات التلفاز تعليقات في الاتجاه ذاته، في ما يبدو وكأنه حملة مُنظمة يتواطأ معها الإعلام اليميني.
ما لم يقبله أو يتقبله معظم الإعلام البريطاني، هو مقارنة البعض الرئيس ترامب بالزعيم النازي أدولف هتلر الذي مارس العنصرية ضد اليهود، ورفض أنصار إسرائيل هذه المقارنة، حتى وإن جاءت ضمن مداخلات نواب في جلسات لمجلس العموم، ذلك أن لا شيء يشبه "فظاعة الهولوكوست"، ولا معاناة ترقى لآلام "شعب الله المختار".

المساهمون