فرنسا: ميلانشون يدفن مشروع اليسار الموحد

فرنسا: ميلانشون يدفن مشروع اليسار الموحد

12 فبراير 2017
ميلانشون يرفض توحد اليسار الفرنسي (Getty)
+ الخط -
تبخر حلم الوحدة، وصار من المؤكد أن اليسار الفرنسي سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة مشتتا ومنقسما. ودق مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون آخر مسمار في نعش الوحدة، اليوم الأحد، عندما أعلن بشكل قطعي رفضه لفكرة التحالف بين مكونات اليسار في الاستحقاق الرئاسي.

واعتبر ميلانشون أن "غالبية متنوعة ومتعددة" تضم الحزب الاشتراكي والخُضر واليسار الراديكالي غير واردة؛ لأنه "من المستحيل حكم البلاد من طرف غالبية مشكلة من سياسيين تفرق بينهم اختلافات جوهرية لا سبيل لتجاوزها".

وجاء الرفض القاطع من طرف ميلانشون ردا على عريضة وقعها 42 ألف شخص تطالب بتوحد اليسار وبتحالف بين ميلانشون والمرشح الاشتراكي بونوا هامون، ومرشح الخضر يانيك جادو.

وكان يانيك جادو ألح، الخميس الماضي، أسوة بهامون، على ضرورة "تجاوز إكراهات الأجهزة، والنزعات الفردية" بين مكونات اليسار، من أجل التفاهم حول أرضية تحالف مشتركة رغم العقبات في غضون أسبوعين بينه وبين ميلانشون وهامون؛ غير أن ميلانشون رد عليه، اليوم الأحد، قائلا: "لن أقايض أجزاء من برنامجي بكراسي برلمانية، وأنا أرفض منطق الحسابات السياسية الضيقة، الذي يضحي بالقناعات من أجل مصالح ظرفية".

وما يقصده مرشح اليسار الراديكالي، ميلانشون، هو أن التفاهمات بين مكونات اليسار من أجل خوض الرئاسيات بمرشح واحد كانت دوما تنصب حول توزيع معين لكراسي البرلمان لاحقا في الانتخابات التشريعية، من أجل تكوين غالبية يسارية تشريعية في البرلمان. وهذا هو السيناريو الذي يرفضه ميلانشون، لأنه يعني أن عليه التحالف مع القسم الآخر من النواب الاشتراكيين من أنصار الرئيس فرانسوا هولاند وفالس، الذين كانوا وراء السياسات الحكومية خلال الولاية الاشتراكية المنتهية، والتي بنى ميلانشون برنامجه السياسي على إدانتها ورفضها.        

ويعتَبر ميلانشون أن على هامون أولا، قبل أن يدعو لوحدة اليسار، أن "يجتهد لتحقيق الوحدة داخل الاشتراكي"، وذلك في تلميح إلى كون الحزب الاشتراكي ما يزال منقسما حول أهلية هامون لخوض الرئاسيات باسم الحزب، رغم فوزه في الانتخابات التمهيدية، فهناك قسم كبير من أنصار رئيس الوزراء السابق والمرشح المهزوم في التمهيديات إمانويل فالس يرفضون دعم هامون، ويتجهون نحو دعم وزير الاقتصاد السابق مانويل ماكرون، لأنه الأقرب إليهم ايديولوجيا من ناحية الأفكار الليبرالية والإصلاحية.

وفي تعليق لا يخلو من السخرية المبطنة، قال ميلانشون: "على هامون أن يعي أن الذين صوتوا له في الانتخابات التمهيدية في الاشتراكي فعلوا ذلك ليس لاقتناعهم بأفكار هامون اليسارية، والتي أثمّنها لأن بعضها ينسجم مع أفكاري، وإنما لأنهم لا يحبون فالس، وأرادوا قطع الطريق عليه بكل الوسائل".  

والواقع أن ميلانشون له حساباته الخاصة، وهو في العمق ليس ضد وحدة اليسار، بل هو يحسب توقيتها ودرجة الانتفاع الشخصي بها، وهو يدرك أن المرشح الاشتراكي ليس له حظوظ كبيرة في المرور إلى الدور الثاني، تماما مثل مرشح الخضر الذي يبقى صاحب المصلحة الأكبر في التحالف مع الاشتراكي، لهذا فهو سينتظر نتائج الدورة الأولى، وإذا تمكن من المرور إلى الدور الثاني، فآنذاك سيدعو مرشح الخضر وأيضا المرشح الاشتراكي إلى التحالف معه وفق "أرضية يسارية واضحة تتقاطع مع التوجهات الاشتراكية الليبرالية التي يمثلها هولاند ورفاقه".

المساهمون