"مجموعة الدعم": غطاء دولي للبنان بعد سحب السعودي

"مجموعة الدعم": غطاء دولي للبنان بعد سحب السعودي

09 ديسمبر 2017
ماكرون والحريري تصرّفا كصديقين أمس (فيليب فوزاجيه/فرانس برس)
+ الخط -


تجاوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الكثير من البروتوكولات الرسمية على هامش مؤتمر "مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان" الذي انعقد، أمس الجمعة، في العاصمة الفرنسية باريس. سار الرجلان كصديقين حميمين خلال اللقاء، وتبادلا النكات على مرأى من نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد. واللقاء هو الثاني بين الثنائي في باريس، بعد الدعوة/ المخرج التي وجهها ماكرون إلى الحريري للقائه في الإليزيه، الشهر الماضي، بعد إقامة غير طوعية له في العاصمة السعودية الرياض، فشكّلت باريس محطة سياسية وشخصية للحريري، بموازاة تشكيلها، أمس، محطة دعم دولي للبنان على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية، وذلك بعد امتداد فترة الجفاء السعودية تجاه لبنان سنوات عدة، بذريعة تدخل "حزب الله" في أزمات المنطقة ودعم الحوثيين في اليمن. وفي هذا السياق، حوّلت السعودية عدائيتها تجاه مُختلف القوى اللبنانية "المُتخاذلة" عن مواجهة "حزب الله" إلى جانب العداء الصريح للحزب نفسه، إلى تصعيد اقتصادي وأمني وسياسي تجاه لبنان كدولة، لا كقاعدة انطلاق للحزب في عملياته الإقليمية. وبعد أن نجحت فرنسا ومصر وإيطاليا وألمانيا في تفريغ التصعيد السعودي الأخير ضد لبنان، والذي تمثّل في إعلان الحريري استقالة هجومية من الرياض الشهر الماضي، من مضمونه عبر عودة الحريري عن استقالته ومنحه دعماً سياسياً عوّض سحب البساط السعودي من تحته، تُحاول هذه الدول تأمين دعم سياسي واقتصادي وأمني إضافي للبنان بعيداً عن دائرة التأثير السعودي.

ودعا ماكرون الأسرة الدولية إلى دعم الحريري بعيداً عن أي "تدخل" من القوى الإقليمية. وقال بحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، إن "هناك تهديدات كبيرة لا تزال تخيم على استقرار لبنان وتحتّم على الأسرة الدولية تقديم دعم قوي وحازم". وأضاف الرئيس الفرنسي أنه "من أجل حماية لبنان لا بد أن يحترم كل الأطراف اللبنانيون وكل الجهات الفاعلة في المنطقة مبدأ عدم التدخل الأساسي"، في إشارة إلى حزب الله.
وهو ما توقف عنده الحريري أيضاً في كلمته التي جدد فيها تذكير كل القوى المُشاركة في الحكومة بالتزامها الجديد ببيان العودة عن الاستقالة الأسبوع الماضي. كما ذكّر الحريري المُجتمع الدولي بكلفة استضافة اللاجئين السوريين التي تحملها لبنان "والتي بلغت 20 مليار دولار"، مؤكداً أن لبنان "سيطبق برنامجاً للإصلاحات لتحسين اقتصادنا"، وذلك في رسالة طمأنة للدول التي تُخطط لدعم لبنان مادياً وعينياً في المؤتمرات الثلاثة المقررة.



ونفى الحريري خلال حديثه مع الصحافيين بعد المؤتمر "وجود أزمة مع السعودية"، مؤكداً "حرص لبنان على العلاقة معها"، على الرغم من استمرار التصعيد السعودي في السنوات الأخيرة، والتي تمّ خلالها تجميد تنفيذ هبتين بقيمة 4 مليارات دولار أميركي عام 2016 كانت مُخصصة لدعم الجيش والأجهزة الأمنية. وتم منع السياح السعوديين والإماراتيين والبحرينيين من زيارة لبنان. ورحّلت الإمارات مئات العائلات اللبنانية المُقيمة في أراضيها لأسباب طائفية، وورطتهم في مشاكل مالية وقانونية جمّة. كما شكّل القطاع المصرفي اللبناني هدفاً للتصعيد السعودي. أما تيلرسون فحثّ السعودية على أن "تكون أكثر تروياً وتدبراً في ما يتعلق بالسياسة في اليمن وقطر ولبنان، وأن تفكر في عواقب أفعالها".

ومن المقرر عقد اجتماع جديد لدعم الاقتصاد اللبناني في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2018، بحسب ماكرون. وينطلق حصر مجموعة الدعم الدولي للبنان التي تضم الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وروسيا، والصين، والولايات المُتحدة، من الموقف المُعلن لهذه الدول بتحصين لبنان وحمايته من انتقال أزمات المنطقة إليه. كما يُشكّل الدور الأساسي الذي يلعبه لبنان على صعيد القضية السورية، من خلال استضافة أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري على أراضيه، عاملاً أساسياً في سعي هذه الدول والمنظمات الدولية إلى حفظ الاستقرار اللبناني. والهدف: الإبقاء على دور لبنان كمُستضيف مُستقر للاجئين السوريين، بدلاً من تحويله إلى ساحة مواجهة بين إيران والسعودية.

وهو ما ترجمه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في كلمته بعد اختتام أعمال المؤتمر، بكلمات ثلاث، هي: "الوحدة، والتصميم، والإجماع"، مؤكداً "الحرص الكامل على وحدة لبنان وسيادته وحفظه كنموذج للتعددية الدينية والسياسية". ونقل لودريان "تصميم الدول والمُنظمات المشاركة في المؤتمر على دعم الحكومة اللبنانية عبر 3 مؤتمرات ستُركز على تلبية احتياجات لبنان بوصفه دولة مُستضيفة للاجئين (ينعقد في بروكسل ـ بلجيكا)، ودعم اقتصاده المحلي (ينعقد في باريس)، ودعم جيشه لمحاربة الإرهاب (ينعقد في روما ـ إيطاليا)". وخصّ لودريان بالذكر ألمانيا وإيطاليا بوصفهما من الدول الأكثر حماسة لدعم لبنان، علماً أن مجموعة الدعم أنشأت صندوقاً مالياً لدعم لبنان يحوي حالياً حوالي 80 مليون يورو. وفي ما خص الإجماع، ناشد لودريان القوى المحلية "تجنّب الانزلاق في أزمات المنطقة وعدم استيراد النزاعات الخارجية إلى لبنان عبر النأي بالنفس".