مصر: عيّنة عن مشاريع القوانين المجهضة في البرلمان

مصر: عيّنة عن مشاريع القوانين المجهضة في البرلمان

25 ديسمبر 2017
جرى تمرير قوانين صدمت الرأي العام المصري (الأناضول)
+ الخط -
استطاع رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، تحويل مجلسه إلى أداة للتصديق على قرارات وقوانين الحكومة، من دون مناقشة مستفيضة أو إدخال تعديلات، في مقابل تعطيل مشاريع القوانين المقدمة من النواب، وتجميدها في أدراج هيئة مكتب البرلمان تحت رئاسته، خصوصاً تلك التي تتعرّض لمواجهة الفساد في مؤسسات الدولة. هكذا يعلّق، برلماني مصري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على ما رُصد من قوانين تم تمريرها والموافقة عليها، وصدمت الرأي العام في مصر.

ونصّت المادة (122) من الدستور المصري على أن "لرئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، وكل عضو في مجلس النواب، اقتراح القوانين، على أن يحال كل مشروع قانون مقدّم من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة، لتقديم تقرير عنه إلى مجلس النواب، مع جواز الاستماع إلى ذوي الخبرة في الموضوع".

ويقول عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، علي بدر، إنه تقدّم بمشروع قانون عن تنظيم عمل الشؤون القانونية بوحدات الحكومة، مدعوماً بتوقيعات أكثر من ستين نائباً، منذ نحو ثلاثة أشهر، سعياً للقضاء على الفساد في جهاز الدولة الإداري، غير أنه لم يطرح للمناقشة، على الرغم من إحالته إلى لجنة مشتركة من لجنتي الشؤون التشريعية والقوى العاملة.

ويضيف بدر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن القانون يقضي بفصل الشؤون القانونية عن جهة الإدارة من الناحية الفنية، التي تتعلّق بإبداء الرأي القانوني، مع إنشاء هيئة عامة لمكافحة الفساد داخل جهاز الدولة، بحيث تتمتع بالاستقلال الإداري، تحت تبعية رئاسة الجمهورية، بهدف كشف الفساد المالي والإداري بأجهزة الدولة، بالتنسيق مع الأجهزة الرقابية المعنية.

وبحسب مشروع القانون، فإن الهيئة ملزمة بتقديم تقارير سنوية إلى رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان، عن جميع وقائع الفساد التي رصدتها بجهاز الدولة، والإجراءات التي اتخذت حيالها، مع إعداد وصياغة العقود التي تكون الجهة الإدارية طرفاً فيها، والمشاركة في اللجان المختصة، وفقاً لأحكام قانون المناقصات والمزايدات.

وتمثّل الهيئة الجهة الإدارية أمام مكاتب خبراء وزارة العدل، والحضور عنها أمام النيابة الإدارية، والمصالح الحكومة وغير الحكومية، علاوة على اتخاذ الإجراءات القانونية في الحجوزات والمصالحات والتنازلات الخاصة بالتصرف في أملاك الدولة، وإبداء الرأي القانوني في صرف التعويضات لمستحقيها.

أمناء الشرطة

إلى ذلك، يعمد رئيس البرلمان أيضاً إلى تعطيل مشروع قانون مقدم من عضو لجنة الشؤون العربية، علي الكيال، وأكثر من 60 نائباً، عن تعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة، بإضافة فقرة جديدة إلى المادة (79) تنصّ على "ألّا يخدم أمين الشرطة في نفس القطاع أو المصلحة أو الإدارة العامة في الوزارة سوى لأربع سنوات متصلة".

ويوضح الكيال في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن استثناء أمناء الشرطة من حركة التنقلات الدورية للضباط "أدى إلى توغّلهم في مصالح وإدارات وقطاعات وزارة الداخلية، خصوصاً التي تتعامل مع الجمهور بشكل مباشر، إضافة إلى تكوين شبكة مصالح داخل أماكن عملهم، وتحوّل أعداد منهم إلى أصحاب نفوذ، ومراكز قوى، بما يتعارض مع طبيعة العمل، ويشكّل نواة لاستشراء الفساد".

وتفيد المذكرة الإيضاحية للقانون بأن "الدستور نصّ على تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين العاملين في الدولة"، مشيرة إلى أنه تسري على ضباط الشرطة حركة تنقلات سنوية في نهاية يوليو/ تموز من كل عام، في حين لم ينص القانون صراحة على مدد محددة لإجراء حركة تنقلات لأمناء الشرطة، بما يؤدي إلى تمييز واضح بين العاملين في وزارة الداخلية.

ويشير الكيال إلى أن "استمرار بعض الأمناء في العمل داخل أحد القطاعات في الوزارة، منذ تخرجهم وحتى بلوغهم سن التقاعد، يتسبب في قلة كفاءة عملهم بمرور الوقت، ويضرب الروتين مكان خدمتهم"، مشدداً على ضرورة تطبيق حركة تنقلات دورية على أمناء الشرطة "تحقيقاً لمبدأ المساواة مع الضباط داخل الوزارة، وتجديد دورة كفاءة العمل".

غير أن مشروع القانون يرى أن الأربع سنوات فترة غير كافية لتحقيق الاستفادة المثلى من أمناء الشرطة في أعمالهم، لذا أجاز الاستثناء إذا اقتضت مصلحة العمل غير ذلك، بقرار صادر عن مساعد وزير الداخلية لشؤون الأفراد، مع منح وزير الداخلية صلاحية إصدار اللوائح، والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون، وتنظيم العمل داخل الوزارة.


الإشارات الإلكترونية

تقدمت عضو لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، سيلفيا نبيل، بمشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون المرور، بغرض مكننة حركة المرور، واعتماد نظام إشارات المرور الإلكترونية على مستوى الجمهورية، عوضاً عن تنظيم أفراد وأمناء الشرطة حركة المرور في الميادين الرئيسية، مع تحديد مدة خمس سنوات كفترة انتقالية لتنفيذه من تاريخ إصداره.

وتقول نبيل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هيئة المكتب أحالت التعديل التشريعي إلى لجنتي الدفاع والأمن القومي، والإدارة المحلية، إلّا أنّ كلتا اللجنتين لم تدرجه بعد في جدول أعمالها، على الرغم من أهمية مشروع القانون في القضاء على ظاهرة رشي سائقي المركبات لأمناء الشرطة، العاملين في إدارة المرور، لشطب مخالفاتهم المرورية، فضلاً عن مواكبة الطفرة التكنولوجية".

ووفقاً للمذكرة الإيضاحية للقانون، فإنه يستهدف الاستفادة من قوة إدارات المرور في مهام أخرى في المحافظات، بخلاف تنظيم إشارات المرور، مع إنشاء غرفة عمليات بكل إدارة مرور عامة تتولى إدارة وتشغيل وصيانة إشارات المرور الضوئية الإلكترونية المحملة بالكاميرات، مع عدم جواز التعطيل العمدي لتلك الإشارات من قبل أقسام المرور العامة.

حماية البيانات

في سياق متّصل، أجّلت لجنة الاتصالات في آخر اجتماعاتها في البرلمان، مناقشة مشروع قانون حماية البيانات الشخصية، المقدّم من النائب أشرف عمارة، وأكثر من عُشر أعضاء المجلس، لأجل غير مسمى، بدعوى انتظار ورود مشروع الحكومة عن قانون حماية البيانات وتداول المعلومات، بعد اعتراض ممثلي وزارتي الدفاع والداخلية على نصوص القانون، والمطالبة باستثناء الوزارتين من أحكامه.

وترتكز فلسفة القانون على مبادئ احترام حقوق الإنسان، وضمان حماية خصوصية الحياة الخاصة، وعدم تناول البيانات الشخصية ذات الطبيعة الخاصة، ممثلة في الأصل العرقي، والإيديولوجيات السياسية، والأطفال، والصحة أو الحالة الجسدية أو النفسية، والمعتقدات الدينية، والعلاقات الزوجية، وغيرها من البيانات الخاصة.

ويستهدف القانون "ضمان وحماية البيانات الشخصية للأفراد، ومراعاة خصوصية البيانات الشخصية والأسرية، باعتبارها إحدى أهم الحريات الشخصية، والحقوق الأساسية، التي نص عليها الدستور"، مع إلزام الحكومة بمزيد من الاحتياطات، والإجراءات الخاصة اللازم اتباعها أثناء تداول تلك البيانات، وعدم إفشائها، وحظر استخدامها، إلّا بموافقة أصحابها، في إطار تشريعي.

ونصّ مشروع القانون على "استثناء البيانات الشخصية المتعلقة بالتحقيقات القضائية، وقضايا الإرهاب، وكافة أشكال الجريمة المنظمة، أو بغرض الحصول على البيانات الإحصائية الرسمية، أو تطبيقاً لنص تشريعي مستقل"، بشرط إخطار الجهة المسؤولة عن هذه التحقيقات جهاز "حماية البيانات الشخصية" بطبيعة البيانات التي بوحدتها، والغرض من معالجتها، وأهميتها لدعم التحقيقات.

ويتبع جهاز حماية البيانات الشخصية، المنشأ بموجب أحكام القانون، وزير الاتصالات المختص، ويكون له حقّ الشخصية الاعتبارية العامة، وإنشاء الفروع في المحافظات، والإدلاء برأيه أمام الحكومة أو البرلمان بشأن مشاريع أو مقترحات القوانين التنظيمية ذات الصلة بمعالجة البيانات ذات الطابع الشخصي التي تعرض عليه.

المساهمون