توتر العلاقات السعودية ــ الأردنية: نفي في معرض التأكيد

توتر العلاقات السعودية ــ الأردنية: نفي في معرض التأكيد

23 ديسمبر 2017
الملكان السعودي والأردني في لقائهما يوم 12 ديسمبر (الأناضول)
+ الخط -

بتكرار النفي الرسمي لتقارير وأخبار تحدثت عن توتر في العلاقات الأردنية - السعودية، وأمام واقع التسامح النسبي مع الانتقادات الشعبية للحليفة، وتوسعها لمستويات رسمية، تأكد على نحو متزايد أن العلاقة ليست في أحسن أحوالها بين المملكتين. مؤشرات التوتر سبقت اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وترجمت في سياق اقتصادي عبر شعار "الاعتماد على الذات"، بعد أن أعلن الرسميون الأردنيون بصراحة "ما عاد حد يعطينا فلوس"، في إشارة مباشرة للسعودية، التي ردّد دبلوماسيوها في مجالسهم "الأردن مُتطلِّب".

عقب الاعلان الأميركي في شأن القدس، تعاظمت المؤشرات على وجود توتر في العلاقة بين الرياض وعمّان، فأتيح هامشٌ، لم يكن موجوداً، على المستويين الشعبي والرسمي للمجاهرة بانتقاد الموقف السعودي من الاعتراف الأميركي، بشكل أغضب الدبلوماسية السعودية.

وسُجّل للسلطات الأردنية عدم تعاملها بقسوة مع ناشطين اعتقلتهم بـ"جريمة" الهتاف ضد السياسة السعودية وولي العهد محمد بن سلمان، خلال الفعاليات المناهضة لاعتراف ترامب. منحى التوتر، الذي عنوانه القدس، دفع رئيس الديوان الملكي السابق عدنان أبو عودة، للقول في محاضرة علنية في مقر نقابة الصحافيين: "قد يكون ما يجري آخر معركة بين الهاشميين والسعوديين"، مشيراً إلى "المحاولات السعودية لتجريد الهاشميين من الوصاية على المقدسات في مدينة القدس، بكل ما يعني ذلك من ضرب للشرعية الدينية".

الحديث عن الاستهداف السعودي للوصاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس، أسس له اعتراض الوفد السعودي خلال اجتماع الاتحاد البرلماني العربي، الذي عُقد أخيراً في المغرب، على "الوصاية الهاشمية" التي رأوا فيها عائقاً أمام منح القدس "بعداً إسلامياً". وضمن المزاج السائد، رُصد على نطاق محدود انتشار عبارة "خادم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين"، في انتصار للوصاية الهاشمية في مواجهة المساعي السعودية.
من جهتها، نفت رئاسة مجلس النواب حدوث الخلاف، لكن مصادر نيابية أكدته حتى بعد النفي الرسمي، الذي سبقه تكذيب لتقارير أجنبية تحدثت عن ضغوط مورست على الملك عبد الله الثاني، من نظيره السعودي لثنيه عن المشاركة في القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في إسطنبول لبحث تداعيات القرار الأميركي. كما تمّ تسويق المشاركة رفيعة المستوى المقررة لوفد برلماني أردني في أعمال الدورة الـ13 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المقررة في طهران مطلع الشهر المقبل، بأنها "رسالة للرياض".



ومنذ أشهر رفع سياسيون أردنيون شعار "نحن دولة بلا حلفاء"، في إشارة منهم إلى ضعف التحالفات القائمة، وتردد الدولة  في بناء تحالفات جديدة، أو تنويع تحالفاتها القائمة. وازدادت الدعوات إلى التفاتة أردنية نحو حلفاء جدد بعد اعتراف الحليف الأميركي الاستراتيجي بالقدس عاصمة لإسرائيل، من دون مراعاة منه لمصالح الدولة الأردنية، فضلاً عن "الليونة" التي أبداها حلفاء الأردن في مواجهة الاعتراف الأميركي.

وعليه، قوبلت اللقاءات التي أجراها رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، يوم الأربعاء الماضي، مع السفير الإيراني في عمّان محبتي فردوس، والقائم بأعمال السفارة السورية في عمّان أيمن علوش، بترحيب واسع، تجاوز حدود الأردنيين المنخرطين في "نظرية المؤامرة" الداعين منذ زمن لتحسين علاقة الأردن مع نظام الأسد وحلفائه. وعزا مراقبون الترحيب الواسع باللقاءات التي روّج لها المتحمسون، كاستدارة في العلاقات الأردنية أو مقدمة لذلك، إلى المزاج الغاضب على التحالفات الأردنية القائمة.

وسبق لمجلس النواب الأردني فتح مسارات دبلوماسية مع إيران وسورية، بتوجيه وتوافق مع المرجعيات السياسية والأمنية. ومن تلك المسارات لقاء رئيس المجلس عاطف الطراونة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رئيس مجلس الشعب السوري، حمود صايغ، على هامش اجتماع الجمعية العامة (137) للاتحاد البرلماني الدولي، وزيارته لطهران في فبراير/شباط الماضي، ولقاؤه على هامش مشاركته في مؤتمر برلماني لنصرة القدس، بالرئيس الإيراني حسن روحاني.

وعلى الرغم من التسليم بأن الدبلوماسية البرلمانية، تنسّق بشكل حثيث مع المرجعيات الرسمية في الدولة، إلا أن أثرها يبقى أقل حساسية من أثر الدبلوماسية الحكومية، وعليه يجري استثمارها لإيصال الرسائل من دون أن يرتب ذلك على الدولة التزامات صارمة. لكن أمام حقيقة عدم انعكاس جميع المسارات الدبلوماسية التي فتحها مجلس النواب على شكل علاقات الأردن مع الدولتين الواقعتين خارج تحالفاته التقليدية، يبقى الحديث عن أن الاستدارة الأردنية فرضية لا يوجد ما يعزز حدوثها على المدى المنظور، رغم التوتر الذي يشوب علاقة المملكة  مع حلفائها، فيما يعتقد سياسيون أن أي استدارة قد تحدث مستقبلاً ستفرض على الأردن ولن تختارها.




المساهمون