فذلكة مصطلحات لبنانية

فذلكة مصطلحات لبنانية

27 نوفمبر 2017
مصطلحات عدة طبعت لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -


لطالما نجح السياسيون اللبنانيون في نقل البلاد من وضع سياسي مأزوم إلى مقدمة وضع سياسي مأزوم جديد، عبر سلسلة تسويات محلية تؤجل الانفجار ولا تحلّه. ولطالما ارتبطت هذه النجاحات الموضعية بعبارات رنانة سهّلت تسويق التسويات، وجعلتها أكثر قابلية للبلع من قبل الجماهير. فكانت "قوة لبنان في ضعفه" أو "قوة لبنان في ارتهانه"، مُقدّمة لتسلّح الأحزاب بهدف الدفاع عن مشاريعها "الوطنيّة" في ظل العجز الرسمي. ثم تحوّل "تشاؤل" رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى حالة سياسية غير واضحة المعالم. مثلها مثل "لحظة التخلي"، التي أربكت المُترجمين أثناء الاستماع إلى شهادة النائب وليد جنبلاط أمام المحكمة الدولية. ومع تقدّم الزمن واحتداد الخلافات، نافست هذه التعابير وضوح الدستور والقوانين. وأصبح حشرها بين المفردات الدستورية سبيلاً لضرب مرجعية الدستور. والأمثلة عديدة.

نأى لبنان الرسمي بنفسه عن "نيران المنطقة" في السياسة التي أعلنتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية (2011 - 2014)، في ظل قتال "حزب الله" في العراق وسورية وصولاً إلى تدريب الحوثيين في اليمن. ومع افتقاد هذه السياسة إلى آلية تطبيق أو حتى لإدارة سياسية لممارستها، تحوّل "النأي بالنفس" إلى حُجّة على السلطات اللبنانية ووسيلة ابتزاز لها للمشاركة في التصعيد الإقليمي بين السعودية وإيران، لصالح السعودية. كما تحولت هذه السياسة إلى ذريعة إضافية برر بها "حزب الله" قتاله في سورية "بسبب عجز الدولة عن حماية حدودها".

ثم مهّد التمسّك بـ"النأي بالنفس" للخلاف القائم حالياً، وربطت القوى السياسية هذا الخلاف بعقدة أضافت لقباً جديداً إلى ألقاب رئيس الحكومة في لبنان. بات لدينا رئيس الحكومة العامل، ورئيس الحكومة المُكلّف تشكيل الحكومة، ورئيس الحكومة "المُتريّث"، أي الرئيس الذي طرح استقالة غير طوعية من خارج البلاد، ثم تمهّل تثبيتها عند عودته إلى لبنان. يمتلئ هامش الحياة السياسية اليوم بالفذلكات اللفظية، ولكن الحل لا يزال غير مرئي.

المساهمون