سلفادور نصر الله... لبنانيّ الأصل رئيساً مرتقباً لهندوراس

سلفادور نصر الله... لبناني الأصل رئيساً مرتقباً لهندوراس

27 نوفمبر 2017
نصرالله وجه إعلامي معروف في هندوراس (أورلاندو سييرا/فرانس برس)
+ الخط -
تحوّل سلفادور نصرالله من مجرّد إعلامي وممثل تلفزيوني في هندوراس، إلى الرجل الأقوى في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وممثلاً لديمقراطية تتطلّع إليها البلاد، بعد فترة من الاستقرار الهشّ، أعقبت انقلاب عام 2009.

سلفادور نصرالله، ذو الأصل اللبناني، بات في المنعطف الأخير لخلافة الرئيس المنتهية ولايته، خوان أورلاندو هيرنانديز. بعد ساعات من إقفال صناديق الاقتراع، يوم الأحد الماضي، في هندوراس، بغية اختيار الرئيس الـ38 في قيادة البلاد بعد استقلال عام 1839، أعلن نصرالله، وهو مرشح يساري "فوزه" بالانتخابات، بحصوله على 45.17 في المائة من الأصوات، متقدماً على هيرنانديز الذي حصل على 40.21 في المائة من الأصوات، بعد فرز 57 في المائة من بطاقات الاقتراع وفق ما أعلنت المحكمة الانتخابية العليا.

وقال نصر الله لمؤيديه "أنا الرئيس الجديد لهندوراس"، بينما توجّه هيرنانديز لأنصاره بالقول إنه "فاز بالانتخابات". مع أن الدستور لا يسمح بأكثر من ولاية واحدة، سمحت المحكمة الدستورية للرئيس بالترشح لولاية ثانية، رغم رفض المعارضة.

سلفادور نصرالله، المتحدّر من أبوين لبنانيين، والده وُلد في هندوراس وأمه في تشيلي، أبصر النور في العاصمة الهندوراسية تيغوسيغالبا، في عام 1953، ممضياً طفولته في تروخييو، المدينة الشمالية في مقاطعة كولون. ومع بلوغه سن الـ11، عاد إلى العاصمة مع ذويه. بعدها درس نصرالله في الجامعة الكاثوليكية في تشيلي، ونال شهادات عدة، منها في الهندسة المدنية، والماستر في إدارة الأعمال. كما ارتاد صفوفا لتعلّم الدراما والتلفزيون. وبعد عودته من تشيلي، بات مديراً تنفيذياً لشركة "بيبسي هندوراس"، ثم معلماً في جامعة هندوراس، محاضراً في الأعمال والهندسة. وكان قد بدأ مهنته التلفزيونية في عام 1981.

انخراطه في السياسة لم يكن وليد ساعته، فنصرالله عُرف عنه معارضته للسياسات الحكومية منذ الثمانينات، مواجهاً الفساد المستشري في المستويات العليا في الحكومة. واعتبرها بأنها "السبب الرئيسي لكل مشاكل المجتمع في هندوراس". أدى ذلك إلى تأسيسه مع مجموعة من الأفراد، حزباً سياسياً، في عام 2013 باسم "حزب ضد الفساد"، انضم إلى "تحالف المعارضة ضد الديكتاتورية"، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.  وسبق لنصرالله أن خاض المعركة الرئاسية عام 2013 رافعاً شعاراته ضد الفساد والمفسدين، غير أنه حلّ رابعاً ونال 13.43 في المائة من أصوات الناخبين. أما حالياً، فبات مدعوماً بشعبية واسعة لدى طلاب الجامعات الذين يؤازرونه في حملته ضد الفساد، وكذلك بدعم فئات شعبية كادحة في هندوراس.

وإذا ثبت فوز نصرالله، فإنه سيكون أمام تحديات جمّة، منها تلك المتعلقة بالفساد، ونسبة الجرائم المرتفعة في هندوراس، والفقر، والبطالة. كما عليه الاحتراس من الجيش، الذي سبق أن قام بانقلابات عدة في السابق، وآخرها في عام 2009، حين أطاح الرئيس اليساري، مانويل زيلايا. كما أن أمام نصرالله مهمات أخرى، تبدأ من العلاقة مع دول الجوار، كغواتيمالا ونيكاراغوا والسلفادور.

ومن المفارقات اللافتة أن اسم سلفادور نصرالله، يذكّر الهندوراسيين بعام 1969، حين اندلعت الحرب بينهم وبين السلفادور، على خلفية رفض حكومة هندوراس بيع أراضيها لنازحين بسبب العمل من السلفادور، ما أدى إلى ازدياد التشنّج بين البلدين، إلى أن اندلعت "حرب المائة ساعة" بين 14 يوليو/تموز 1969 و18 منه. عُرفت تلك الحرب، بـ"حرب كرة القدم"، لأنها اندلعت مباشرة بعد خسارة هندوراس مباراتها أمام السلفادور، أدت إلى تأهل الأخيرة لكأس العالم 1970.

الأهم هو ألا يعمل هيرنانديز على عرقلة المسار الديمقراطي في البلاد، فمن يجنّد المحكمة الدستورية، لكسر قانون معمول به منذ عام 1982، القاضي بعدم دستورية ترشيح كل رئيس لولاية ثانية، قادر على تسخير كل الأدوات الأخرى، بما فيها الجيش، لمنع انتصار المعارضة اليسارية. هيرنانديز يخيف نصرالله في تلك النقطة بالذات، رغم أنه من المرجّح دخول البلاد في أزمة سياسية طويلة، قد تفضي إلى إعادة عملية الانتخاب بالحدّ الأدنى، أو اعتراف أي من الطرفين بفوز الآخر بحدّها الأقصى. وحتى ذلك الحين، بوسع نصرالله الاحتفال بنصرٍ طال أمده لمواطنين يرغبون بـ"هندوراس جديدة" لا مكان فيها لجرائم القتل وعصابات المخدرات والبطالة والفقر والفساد.