حسن نصر الله... الرؤية بعين واحدة

حسن نصر الله... الرؤية بعين واحدة

23 نوفمبر 2017
+ الخط -
بينما يتقدّم الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، في خطابه يوم الإثنين الماضي، بشكر الطيران الروسي على مساندته للجيش السوري في ما يسمّيه تحرير سورية من الإرهاب المتمثّل بتنظيم "داعش" الإرهابي، يذهب، في الخطاب نفسه، إلى إدانة الطيران السعودي الذي يقصف اليمن.

استمرّ الخطاب لمدّة 61 دقيقةً. في أول 45 منها، بدا نصر الله هادئًا، وفخورًا بـ"المُنجز" العسكري في منطقة البوكمال السورية؛ حيث جرى "تحريرها" من "داعش" على يد الجيش السوري والطيران الروسي وكوادر من حزب الله نفسه. لكن، في الربع ساعة الأخيرة، كان منفعلًا وهو يتحدّث حول المسألة اليمنية، وجرائم الحرب التي تحدث فيها.

يتغاضى "السيّد" تمامًا عن الجرائم المُرتكبة في سورية من قبل قوّاته وحلفائها. حتى أن توصيفه لما يجري في اليمن، يتطابق كليًا مع ما يحدث في سورية. أخذ يقول إنّ هناك حربًا شعواء على دولة عربية اسمها اليمن، واصفًا إياها بالدولة المحاصرة.

ويعلّق: "الطائرات السعودية تقصف اليمن. تستهدف البيوت والمساجد والأسواق والمدارس والجامعات والقرى والبلدات. هل بقي شيء لم يقصفوه؟". يتابع: "هناك عشرات آلاف الشهداء وأغلبهم من المدنيين. حتى أن الأمم المتحدة لم تعد صامتة". ثم يتساءل: "أليس هؤلاء عربًا؟ أم هم فرس أو عجم؟".

أليس هذا التوصيف ينطبق على سورية أيضًا؟ ألا يقوم النظام السوري وحلفاؤه بقصف البلدات والقرى والمستشفيات والمساجد والمدنيين في سورية؟ أليس السوريون عربًا أيضًا؟ ما الذي تلقيه الطائرات الروسية، التي شكر نصر الله جهودها، على الشعب السوري؟

في مراجعة لتقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سنعثر على أرقام حول الجرائم التي يرتكبها الطيران الروسي في سورية. في تقرير صدر يوم 31 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ورد أن الطيران الروسي استهدف يوم 19 سبتمبر/أيلول الماضي محافظة إدلب، بهجمات "ضربت سوقًا ومناطق مأهولة بالسكّان، بينها مخيمات للنازحين، مُستخدمةً ذخائر عنقودية وأسلحة انفجارية ذات نطاق واسع بمناطق سكنية".

في التقرير نفسه، جاء: "حققت هيومن رايتس ووتش في ثلاث غارات جوية نفذت بعد 19 سبتمبر/أيلول. قتلت الهجمات الثلاث 72 شخصًا على الأقل بينهم تسعة أطفال، بحسب شهود محليين وأول المستجيبين. كما اطلعت "هيومن رايتس ووتش" على صور ومقاطع فيديو تُظهر بقايا ذخائر عنقودية في أربع هجمات وحققت، بقدر أكبر من التفصيل، في واقعة منها، قيل إنها قتلت مدنيين اثنين، وقابلت شهودًا وسكانًا".

لم يأتِ نصر الله، مثلًا، على أيّ ذكرٍ للغوطة المُحاصرة، التي، وفق تقارير الأمم المتحدة التي استعان بها للحديث عن اليمن، يهدّد الموتُ فيها أكثر من 1000 طفل يعيشون بلا غذاء ولا دواء، وقتل الطيران الروسي فيها، مطلع هذا الأسبوع، 30 مدنيًا على الأقل.

يوم الثالث عشر من الشهر الجاري، أيضًا، أسفرت الغارات الروسية على السوق الشعبي في مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي عن مقتل 25 مدنيًا، وجرح ثلاثين.

في تقرير آخر لـ"هيومن رايتس ووتش"، ورد أنّ عدد القتلى جراء الصراع الدائر في سورية بلغ 470 ألفًا (حتى فبراير/شباط 2016). وأحصى "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" 6.1 ملايين نازح و4.8 ملايين طالب لجوء، إلى جانب مليون نسمة يعيشون في المناطق المحاصرة محرومين من المساعدات الضرورية للحياة والمساعدات الإنسانية.

ووفقا لـ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، اختفى أكثر من 117 ألف شخص منذ عام 2011، غالبيتهم العظمى على يد القوات الحكومية، من بينهم 4557 شخصًا بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2016.

هل تقارير الأمم المتحدة وتصريحاتها صحيحة فقط في ما يخصّ اليمن، وكاذبة ومزوّرة ومتآمرة بخصوص المسألة السورية؟ وهل جرائم الطيران الروسي في سورية مشروعة، بينما جرائم الطيران السعودي في اليمن فقط في موضع إدانة؟

في الـ"إنفو فيديو" التالي، نستعرض ما استنكره نصرالله من جرائم في اليمن، وما رآه في المقابل، انتصارا، فيما هو في الواقع من أبشع الجرائم التي وقعت في العقود الأخيرة؛ جريمة بحق شعب برمته.



(العربي الجديد)

ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
الصورة
محمد حبوب.. إعاقة ونزوح بسبب الحرب السورية (عامر السيد علي)

مجتمع

خلفت الحرب السورية مآسي مروعة بكل تفاصيلها، طاولت مدنا وبلدات وعائلات بأكملها، وشكلت تلك المآسي انقلابا في حياة الكثير من السوريين
الصورة
غسان النجار أمين سر نقابة المهندسين في حلب 1980 متحدثا للعربي الجديد (العربي الجديد)

سياسة

واجه نظام الرئيس حافظ الاسد عام 1980 انتفاضة شعبية في مدينة حلب سبقها صراع مسلح مع الطليعة المقاتلة واستغل النظام هذا الصراع للقضاء على اخر صوت للحرية في البلاد

المساهمون