العتيبة جنّد باحثين بواشنطن لتشكيل خطاب إسلامي يخدم الإمارات

تسريبات العتيبة: تجنيد باحثين بواشنطن لتشكيل خطاب إسلامي يخدم أجندة الإمارات

10 نوفمبر 2017
العتيبة يروّج لعداء غير مفهوم للإسلام السياسي (فرانس برس)
+ الخط -
ذكر موقع "ميدل ايست مونيتور" أن الإمارات العربية المتحدة تجنّد باحثين في الولايات المتحدة الأميركية بغرض تشويه صورة الإسلام السياسي في الغرب، وذلك وفق ما كشف عنه البريد المسرب لسفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة، والذي توصل إليه الموقع.

ولفت "ميدل ايست مونيتور" إلى أن الإمارات لم تقف عند حد مجاهرتها بامتعاضها من الإسلام السياسي في العالم العربي، وتنديدها المتكرر بجماعة "الإخوان المسلمين"، وكذا شنها حصاراً على قطر، وحظرها أحزاباً سياسية، بل ذهبت أبعد من ذلك في محاولاتها تغيير الخطاب حول الإسلام في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها.

وتشير سلسلة من المراسلات الإلكترونية، كما يورد الموقع، بين العتيبة وشركائه في الولايات المتحدة إلى أنّ الإمارات تعمل على نشر ما تعتبره إسلاماً "معتدلاً"، وتقوم في الآن ذاته بربط مراكز القرار في الولايات المتحدة الأميركية مع أشخاص عبروا عن الرغبة في حظر "الإخوان المسلمين".

كما نقل الموقع أنّ العتيبة أدلى بكلمة خلال مؤتمر حول مبادرة الحكومة الأميركية لمواجهة التطرف العنيف، وهي الاستراتيجية التي تتم بلورتها تحت مسميات مختلفة في الدول الغربية، ومحط جدل كبير داخل المجتمعات الإسلامية.


التغلب على أصوات الإسلام السياسي

ذكر موقع "ميديل ايست مونيتور" أن بريدا إلكترونيا مسربا يعود لشهر مايو/ أيار 2017 يبرز بوضوح موقف الإمارات من نشاط تيار الإسلام السياسي في الغرب، بعدما توصل العتيبة بمذكرة من مختار عوض، باحث مشارك في "برنامج حول التطرف" في جامعة جورج واشنطن، الجامعة التي تعد تقارير استشارية لفائدة الحكومة الأميركية حول كيفية التعامل مع المجموعات المتطرفة، كتنظيم "داعش" الإرهابي، وأيضا الأحزاب الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين.



وبحسب ما نقل "ميدل إيست مونيتور"، فإن العتيبة بعد مطالعته للوثيقة المرفقة بالإيميل، قام فوراً بتمريرها إلى وزير الشؤون الخارجية في الإمارات، عبد الله بن زايد، واصفا إياها بـ"وثيقة حول تعزيز مكانة الأصوات المعتدلة بالإسلام في الولايات المتحدة من أجل التوازن مع أصوات الإسلام السياسي والتغلب عليها في نهاية المطاف".

بعدها قام السفير الإماراتي بترتيب لقاء لمعدي الوثيقة، عوض وزميله لورينزو فيدينو، مع وزير الخارجية شخصيا من أجل البحث في الأمر.



ووفق الموقع، فإن فيدينو هو مدير "برنامج حول التطرف"، ومعروف عنه انتقاده الشديد لحركات الإسلام السياسي، لافتا إلى أن عوض، الذي يظهر اسمه بكثرة في مراسلات أخرى مع العتيبة، ألف الكثير حول الانتقال من الإسلام السياسي إلى التطرف العنيف، لا سيما في ما يخص الإخوان المسلمين في مصر.


السعي لتجنيد أئمة

سلسلة مراسلات إلكترونية أخرى يعود تاريخها إلى 23 مايو/ أيار الماضي تكشف عن مراسلات أخرى بين السفير الإماراتي وعوض، يعبر فيها العتيبة عن رغبته في تنظيم حفل إفطار تحضره وجوه من ديانات مختلفة خلال شهر رمضان، ويطلب من عوض مده بأسماء باحثين في الشؤون الإسلامية لدعوتهم، مع تحديده أن يكون هؤلاء "لديهم سجل نقي، ومحصنين".

من جهته، اقترح عوض أسماء أشخاص عرف عنهم تبني أجندة الحكومة الأميركية في مواجهة التطرف، بمن فيهم إمام خالد لطيف، إمام وليد مسعد، وإمام طلال عيد. كما اقترح أيضا شخصا من السودان يدعى إمام محمد مجيد، موضحا أن الأخير ابتعد عن الإخوان المسلمين.



وبحسب "ميدل إيست مونيتور" فإن مجيد معروف عنه اشتغاله مع مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" في مواضيع تهم الطائفة المسلمة، واشتغل كمستشار لدى الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما.

كما ورد في المراسلات الإلكترونية المسربة اسم شخص آخر، يدعى ناصر ودادي، الناشط بالعمل الجمعوي ببوسطن. ورغم أن الأخير لم يتلقّ أي تكوين في المجال الديني، إلا أنه يدعي امتلاك شهرة من خلال مواجهة ما يدعي أنها "شبكة قوية للإسلاميين" ببوسطن، حسب "ميدل إيست مونيتور".

"هل أنت متأكد من أن ودادي غير مرتبط بأي جهة أو تحوم حوله شكوك في ارتباطه بجهة خفية؟" كما ورد في سؤال وجهه العتيبة لعواد. هذا الأخير رد كالتالي: "إنه مستشار خاص وأكثر شخص تحمسا على الإطلاق في مواجهة الإسلاميين، تعرفت عليه في الولايات المتحدة".

ويعرف ودادي عن نفسه بكونه "خبيراً في الإصلاح الإسلامي"، وأقر بأنه مرتبط بوكالات إنفاذ القانون، بما في ذلك "إف بي آي"، وبأنه قدم المشورة بخصوص أنشطة "الراديكالية".



وفي سياق هذا التودد المريب، ذكر "ميديل إيست مونيتور" أن الإمارات العربية المتحدة تبنت منذ وقت طويل استراتيجية تقوم على توفير الدعم لباحثيها المقيمين، في ما يخص استراتيجية الدولة حول مكافحة التطرف، وتقوم بين الفينة والأخرى باستدعاء رجال دين إسلاميين من أجل التنديد بكل الأنشطة الراديكالية ودعم الملكيات العربية. وأضاف الموقع أن الرسائل الإلكترونية المسربة تفيد بأن الإمارات تأمل في أن تصدر مثل هذه الرسائل لجمهور عريض في الغرب.

توني بلير
من جهة أخرى، لفت "ميدل إيست مونيتور" إلى أن السفير العتيبة مطلوب أيضا للإدلاء برأيه بخصوص الحرب الموسعة في الولايات المتحدة في مواجهة التطرف العنيف. ففي بريد إلكتروني يعود ليونيو/ حزيران 2016 تلقى دعوة من روبرت دانين، الذي يشتغل لفائدة "مجلس العلاقات الخارجية" من أجل الإدلاء بكلمة حول الموضوع أمام لجنة كان يترأسها بالمناصفة وزير الخارجية البريطاني السابق، توني بلير.

وأوضح الموقع أن اللجنة، التي أسسها بلير والوزير الأميركي السابق في الدفاع، ليون بانيتا، بدايات العام 2016، تهدف إلى رسم السياسات في ما يخص برنامج الحكومة الأميركية لمواجهة التطرف العنيف. وأضاف أن هذا البرنامج يعرف داخل بريطانيا باسم الحد من التطرف العنيف، وأن مثل هذه المبادرات لقيت انتقادات في الغرب لاستهدافها حرية التعبير في صفوف المسلمين، بخصوص بعض المواضيع المحددة، وكذا لوسمها بعض الممارسات الإسلامية الشائعة بالمتطرفة.

كما لفت الموقع إلى أن العتيبة أكد حضوره المؤتمر، وأنه سيتحدث حول: استخدام القوة العسكرية لمواجهة التطرف، والعلاقة بين الإسلام والتطرف العنيف، وكيفية تطوير علاقات طويلة مع البلدان ذات الأغلبية المسلمة للتعاطي مع هذه المواضيع بفعالية.



وأوضح "ميدل إيست مونيتور" أن مشاركة العتيبة في مثل هذه المؤتمرات تكشف عن أن الإمارات تتحين استغلال أي فرصة متاحة للتشديد على ضرورة فرض رقابة على مناقشة بعض المواضيع داخل المجتمعات الإسلامية، مثلما فعلت داخل أراضيها، وكذا لتعزيز خطابها بكون الإسلام السياسي يقود إلى التطرف العنيف.

حملة التشويه
ومن ضمن ما حملته الرسائل الجديدة المسربة قيام العتيبة بتسويق رؤية الإمارات حول الإخوان المسلمين في داخل الولايات المتحدة، وذلك من خلال مراسلة أجراها في فبراير/ شباط الماضي مع مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط، جايسون غرينبلات. ودعا العتيبة في رسالته غرينبلات إلى حضور حدث بعنوان "تحديد الإخوان المسلمين؟ نقاش مع سير جون جينكنز".



وجينكنز هو سفير بريطاني سابق قام بإجراء تقييم حول الإخوان المسلمين عام 2014 لفائدة الحكومة البريطانية. وخلصت لجنته إلى نتائج مثيرة للجدل، وأعطت صورة متحيزة عن الجماعة، لتتدخل لجنة برلمانية بريطانية وتكشف عن غياب الحياد في عمل اللجنة التي ترأسها جينكنز.

من جهة أخرى، لفت "ميدل إيست مونيتور" إلى أن غرينبلات يتمتع بنفوذ كبير في ما يخص النقاشات التي تدور حول العالم العربي، لا سيما تلك المرتبطة بموضوع التطرف. وتابع أن محاولات التقرب من مسؤولين بارزين داخل الإدارة الأميركية تكشف عن أن الإمارات مصممة على نشر فهمها الخاص حول التطرف، والكيفية التي ينبغي أن يحاكى فهمها ذلك من قبل الحكومات الغربية والمجتمع المدني.