خطة عسكرية وسياسية لبغداد تستهدف تطبيع وضع كركوك

خطة عسكرية وسياسية لبغداد تستهدف تطبيع وضع كركوك

01 نوفمبر 2017
تريد بغداد إشراك جميع مكونات كركوك بإدارتها(علي مكارم غريب/الأناضول)
+ الخط -
بعد نحو أسبوعين على إحكام القوات العراقية قبضتها على مدينة كركوك وضواحيها، بما في ذلك حقول النفط والغاز والمناطق الحيوية، تتجه الحكومة العراقية اليوم إلى فتح باب التطوع في صفوف الجيش والشرطة لسكان المدينة حصراً، وبحسب النسب السكانية من العرب والتركمان والأكراد. وأكدت  مصادر رفيعة في بغداد، في حديث مع "العربي الجديد"، تلك المعلومات في خطوة تتزامن مع تشكيل قيادة مستقلة لعمليات الجيش العراقي، خصوصاً في محافظة كركوك وتضم فرقة عسكرية وأربعة ألوية بينها لواء مدرع وكتيبة دبابات فضلاً عن إلحاق الشرطة المحلية والاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب مع هذا التشكيل، الأمر الذي اعتبر رسالة سياسية من بغداد لأربيل بأن ملف كركوك تم طيه ولا عودة إلى الوراء.

وسيطرت القوات العراقية على مدينة كركوك بعملية ضخمة لم تدم لأكثر من تسع ساعات في السادس عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، باتفاق مع قيادات في حزب الاتحاد الكردستاني في السليمانية، بزعامة بافل الطالباني، نجل الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، وفقاً لاتفاق برعاية قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، بحسب ما كشف عنه مسؤولون سياسيون وحكوميون في كردستان وبغداد بعد ساعات من العملية.

وأكد مسؤولان ببغداد أحدهما جنرال عسكري بارز، أول من أمس الإثنين، لـ"العربي الجديد"، الانتهاء من وضع خطة شاملة لتشديد القبضة على كركوك تشمل جانباً سياسياً وآخر عسكرياً أمنياً.

وبحسب مسؤول في الحكومة العراقية، فإنه سيتم محو جميع آثار التغيير الديمغرافي التي شهدتها كركوك وطاولت المكونين العربي والتركماني منذ عام 2003، بما فيها قرى داقوق والتون كوبري والدبس، من خلال برنامج ينفذ قريباً لإعادة من تم طردهم بحجج وذرائع مختلفة الى بلدات أخرى، مثل ديالى وطوزخورماتو والحويجة خلال السنوات الماضية. وسيتم الاعتماد على سجلات النفوس والأحوال المدنية لكركوك عام 2003 لتحقيق ذلك، فضلاً عن إحصاء وتصويب أوضاع من تم توطينهم من الأكراد في كركوك خلال السنوات الماضية أيضاً". وأكد المسؤول نفسه أن كركوك ستبقى على حالها محافظة، بمجلس محلي ومحافظ، يكون تمثيلها السياسي وفقاً للانتخابات وما تفرزه ولن تكون هناك سيطرة لجهة عليها.

ولفت المصدر إلى أن الجانب الثاني من الخطة فتح باب التطوع لأبناء كركوك من العرب والتركمان والأكراد في جهاز الشرطة المحلية والجيش العراقي، وفقاً للنسب السكانية الصحيحة في المدينة.

من جهته، أكد ضابط برتبة لواء بالجيش العراقي لـ"العربي الجديد" أن "فتح باب التطوع لكركوك يأتي ضمن خطة تثبيت استقرار المدينة وإعادتها إلى طورها السابق وفقا للمادة 21 من قانون المحافظات العراقية". ورجح أن يتم فتح باب التطوع بعد الانتهاء من ملف مناطق سهل نينوى وحسم ملف فيشخابور والحدود مع تركيا.

وكان القائد العسكري الجديد، الذي نصبته بغداد على كركوك، اللواء علي فاضل عمران، قد أكد يوم السبت الماضي، أن أمراً صدر بتشكيل قيادة عمليات كركوك التي سيكون مقرها داخل المدينة بديلاً عن قيادة عمليات شرق دجلة.

وأضح عمران، في مؤتمر صحافي، أن" قيادة عمليات كركوك الجديدة ستكون مهمتها الإشراف على كافة التشكيلات الأمنية في كركوك وحفظ الأمن في كافة المناطق التابعة لها". ودعا النازحين الذين غادروا كركوك قبيل دخول القوات العراقية للعودة إلى منازلهم، مطالباً أجهزة الأمن في المدينة بضمان إعادة النازحين.

 

وفي السياق نفسه، قال القيادي في تحالف القوى العراقية، ممثل كركوك في البرلمان العراقي، خالد المفرجي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "في المرحلة الحالية نحاول إعادة وضع الدولة الصحيح في المدينة ومعالجة آثار الفترة الماضية من تغيير ديمغرافي وتهجير قسري، ونعتقد أننا بحاجة لمساعدة من كل مؤسسات الدولة في ذلك". ووفقاً للمفرجي "لا نؤمن بسياسة الانتقام ونعتقد أنه يجب التعايش وفتح صفحة جديدة في كركوك بين العرب والأكراد والتركمان". ولفت إلى أنه "ستكون هناك إدارة مشتركة بين تلك المكونات على ضوء ما تنتجه صناديق الاقتراع، لكن ستبقى تحت يد الدولة العراقية بالتأكيد كباقي محافظات العراق". وتابع" أعتقد أنه بدأ العمل فعلاً الآن بتصحيح مخلفات الفترة الماضية في كركوك".

من جهته، قال القيادي بالتحالف الوطني الحاكم في العراق، حيدر الفوادي، إن "التغيير الديمغرافي أخطر تحديات كركوك ويجب الآن إعادة سكان المدينة الأصليين الذين تم طردهم ومعالجة من تم استقدامه للمدينة بهدف ترجيح كفة الأكراد السكانية، ونأمل رغم ذلك بإدارة مشتركة بين المكونات القومية بكركوك لكن بالتأكيد تحت سلطة وإشراف فقط بلا منازع".

في غضون ذلك اعتبر الخبير العسكري، عبد القهار الدوري، أن"تشكيل قيادة جديدة لعمليات الجيش العراقي في كركوك بديلاً عن القيادة السابقة لشرقي دجلة، يعني إحكام قبضة الحكومة الأمنية والعسكرية على المدينة تماماً وأنه لا نية للتفاوض حول مصير كركوك مع الأكراد في المستقبل".

وبين الدوري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحكومة تريد إرسال رسالة للجميع بأن كركوك والمناطق المتنازع عليها انتهى وضعها لصالح الحكومة المركزية، خصوصاً أن القيادة الجديدة تحت اسم "قيادة عمليات كركوك" ستشمل العديد من المناطق المتنازع عليها جنوب وشرق وغرب وشمال كركوك بما يصل إلى نحو 200 كيلومتر، وقد تتجاوز حدود كركوك إلى مناطق أخرى استردتها القوات العراقية من البشمركة مثل طوزخورماتو.

وكان رئيس الوزراء، حيدر العبادي، قد أصدر أوامره في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للقوات العراقية بفرض الأمن في كركوك بعد نزاع سياسي مع حكومة إقليم كردستان حول استفتاء الانفصال عن البلاد، الذي أجراه الإقليم في 25 سبتمبر/أيلول الماضي. وأعقبت ذلك سيطرة القوات العراقية ومليشيات الحشد الشعبي المساندة لها على مدينة كركوك بشكل كامل بعد انسحاب قوات البشمركة الكردية من المدينة.

 

دلالات